أقلام حرة

الذهب الابريز المصان لنيل حظوة عند السلطان / سلام جمعه المالكي

 وتذبل ورود طاوية، اغصانها خاوية فترمى مع تالفات الزمن، كأن ما كانت ولم يكن... فلا شمس الصباح تنسى شروقه ولا قمر العاشق يغيب عن معشوقه....الى ان يشاء العزيز الجليل وعندها فليبشر كل مخلوق بالرحيل.

يبقى سؤال يطرح نفسه، تارة بعال الصوت واخرى بهمسه، هل تمر تلك الاوقات والازمان ، فيكون أولها كآخرها.. سيان؟ بمعنى ان تبقى واعية الانسان طرية، مجبولة على فطرتها الاصلية، أم تعمل فيها الايام والتجارب، صقلا بافراحها والمصائب؟ وهل بيض الشموع في سواد رؤوس الرجال، وسيلة لجذب العذارى وربات الحجال؟ ام انها اشارة لعمق التجارب والخبرات، بمضان الزمان الحاضر وما فات؟ وان كانت تلك الاشارة والدليل، أليس أولى الاسراع بنشرها والتعجيل؟ وما نفع حبسها في الصدور، بينا زكاتها الاعلان والظهور؟...

من واقع البحث والدراسة، في تاريخ العراق وناسه، والامم والشعوب العديدة، القريبة منها والبعيدة، يمكن القول والتحديد، وبمختصر الكلام المفيد، بأن اقصر الطرق لنيل الحظوة ورضا السلطان و"الصفوة"، تتمثل بتحصيل المقومات التالية، والمزايا "العالية":

1.   ان لا تكون صاحب حق. فالحق طريقه عسير طويل، واصحابه مشردون بهاليل، والباطل طريقه ايسر مفروش واصحابه على الارائك والعروش. الباطل عند الناس احظى بالعون والاسناد، وجنده كثيرة العدة والاعداد، وصدق العزيز العليم، في قرآنه الكريم " واكثرهم للحق كارهون" . وللباطل ميزة معروفة، خبيثة مكشوفة، يمنح صاحبه قابلية المناورة، والمخاتلة والمداورة، والسير حيثما سارت الركبان، خلف اي حاد او ربّان. ولا  اجد في تاريخ الامة العراقية، قديمها وما دامت باقية، سوى ملامح ذوات اعمار قصيرة، شذرات في جبين امة كسيرة، انتصر اهل الحق فيها وسادوا، برهة من الزمان ثم....بادوا، بينما تعج المؤلفات، بركام من الصفحات، سودتها ظلامية الباطل، ابطالها من كل عتّل وغائل.

2.   ان لا تكون صاحب رأي ومبدأ. فعندما يكون للرأي اصحاب، بصرف النظر عن صحته والصواب، لا يمكنهم التعايش مع تقلبات الايام، بانسيابية وسلام، ويصعب عليهم التجلبب والتلوين  بلبوس كل دهر او حين. لم يشهد التاريخ مصائر اكثر دموية، كالتي شهدتها تلك الفئة الشقية، اذ لا أخطر على السلطان واصحاب المناصب، من رأي عن خطهم حائد مجانب.

3.   ان لا تكون ذو كفاية ومقدرة. فالعاقل بين المجانين مجنون نكرة.... الا أن تكون هينا ذلولا، وللسلطان لينا طيعا مبذولا. ولقد طالما هان على السلاطين ذوو الكفاءة، ما اعتزوا بكفاءاتهم والملاءة. فالاشاعر والحكواتية عند السلطان أشرف، وهو من العلماء أحذر وأخوف، وكم من عالم بذل للسلطان علمه دون حذار، فما جنا اكثر مما جناه "سنمار".

4.   ان تكون ذو ذاكرة ضعيفة. فلا بأس من غض البصائر ومسح الدفاتر، عن سيئات سابقة ولو "في الوقت الحاضر"!!!، فللسلطان دوما تاريخ مجيد، ولو كان ابن شيطان عربيد، فلا سوابق ولا عورات، وكل ما فات قد....مات.

و لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

 

 

 

 

 

في المثقف اليوم