أقلام حرة

لهذه الاسباب تتعسر ولادة الائتلاف العراقي الجديد !

ولا لان الاطراف التي شكلته ازدادت نضجا ووعيا واستفادت من تجربتها في الحكم، بل لان المؤتلفين السابقين يزدادون تباعدا كلما طرحت الموازنة بين المكاسب الخاصة وبين الضرورات التي تملي اعادة تشكيل الائتلاف للاسباب التالية:

 1- من حيث المبدا تعرفت كتل الائتلاف على نوايا وممارسات وسياسات كل واحدة منها والتي ذهبت في اكثر الاحيان في الاتجاه المناؤي لاهداف الائتلاف الاساسية ككتلة وطنية تريد ان تمضي في مشروع بناء الدولة وليس الاقتصار على بناء سلطة مؤقتة باهداف محدودة، فقد كشفت تجربة السنوات الماضية ان الائتلاف كان كتلة انتخابية اكثر منه كتلة سياسية موحدة تشارك في ادارة حكم البلاد، فقد تحركت كتل الائتلاف تبعا لمصالحها واصبح بعضها كمن يقود معارضة ضد حلفائه في البرلمان، يعيق مشاريع الحكومة ويتحالف من وراء ظهر الائتلاف، ثم لايجد ضيرا من حضور اجتماعات الائتلاف والتحدث باسم كتلته كان شيئا لم يحدث.

2- خذلت بعض اطراف الائتلاف بقية مكوناته في ظرف حرج كاد ان يتسبب بسقوط الحكومة ويحرج رئيس وزرائها تزامنا مع انسحاب مكونات سياسية اخرى استخدمت الانسحاب من الحكومة كاداة ابتزاز، هذا ماحصل اثناء انسحاب الكتلة الصدرية وانسحاب وزراء التوافق والعراقية.

3- تصرفت كتل من الائتلاف وكانها داخلة في سباق انتخابي مع الحكومة ظنا منها ان الانجاز الحكومي يذهب لكتلة رئيس الوزراء، ولذلك تصرفت هذه الكتل بطريقة المزايدة في قضية الرقابة التشريعية داخل البرلمان واصبحت الاستجوابات كلام حق يراد به باطل، فالرقابة من حق البرلمان لكن هذه الرقابة لايجوز ان تكون عوراء، بمعنى ان تغض الطرف عما يفعله احبابك وتتفرغ لغيرك كسبا لعواطف الناس وطمعا في صوتهم الانتخابي.

4- اتخذت كتل قريبة فكريا من رئيس الوزراء مواقف ابتزازية حول اعفاء هذا الوزير او ذاك بعدما فاحت روائح الغفلة والمحسوبية والفساد المقصود وغير المقصود، مما جعل الحكومة عرجاء ومريضة دون ان تحسب هذه الكتل حسابات الربح والخسارة لمجمل المكون الاكثري الذي مثلته كتلة الائتلاف، وهو يخوض اول تجاربه التاريخية وفي ظل مراقبة مشددة وضغط هائل واستهداف اعلامي وسياسي وامني.

5- نسجت بعض خطوط الائتلاف علاقات تحالفية وجبهوية مع اطراف خارج الائلاف وفشلت في ان تنسج مثلها مع اطراف داخل الائتلاف مما جعل لتحالفاتها سمة السيف المسلط على رقبة الحكومة والائتلاف تهدد به متى ماشاءت لمصالح حزبية.

6- استخدمت اموال سياسية مصدرها دول الاقليم في تحريك قضايا عشائرية ذات مضمون سياسي وفي طرح قضايا ومشاريع باسم المصالحة ومعالجة المحاصصة وتجاوز الطائفية بالشكل الذي اضر بالاستقرار السياسي والامني وحرك مشاكل اقتصادية وعمالية مضادة لسياسة الحكومة الائتلافية.

7- قصمت الانتخابات المحلية الماضية ظهور جميع كتل الائتلاف بما فيها الفائزة لانها اظهرت عزوفا بنسبة النصف عن المشاركة ولانها اسمعت الكتل ان الايديولوجبا غابت عن تفكير الناس وان الانجاز الخدمي هو الاولوية القصوى.

8- بعد ظهور نتائج الانتخابات المحلية لم يعد ممكنا اعادة تشكيل الائتلاف بنفس الحصص السابقة وبالهرمية ذاتها، بمعنى ان للمجلس الاعلى وللدعوتين وللصدريين والفضيلة وللمستقلين نفس الحصة السابقة، فلماذا اتنازل لغيري والجمهور لم يعد راغبا فيهم؟ ولماذا اشرك غيري معي وهو يتصرف معي تصرف المعارضة ويعطل المعاهدات والمشاريع والقوانين والميزانيات!!!؟؟؟

9- هناك احساس وشعور بان رغبة البعض باعادة الائتلاف مصدرها الخشية من عقوبة الناخبين لهم، ولذلك يصرون على اعادة اللحمة للائتلاف وهم غير مستعدين للتنازل عن حصتهم العالية السابقة، بل ويفضلون القائمة المغلقة والدائرة الانتخابية الواحدة، للبقاء كلاعبين سياسيين رئيسسين، ويراهنون على تدخل المرجعية ويحثونها على التدخل لتوزيع حصص الائتلاف كما حصل ابان اللجنة السداسية التي شكلت الائتلافات السابقة .

10- ستتدخل احداث امنية وسياسية كحادث مصرف الزوية لتدخل كعامل ضاغط في صياغة شكل الائتلاف القادم ان تمكن السياسيون من تشكيله، فكل يوم ياتي بقراءة جديدة للاحداث والشخصيات والمكونات والكتل، والخشية كل الخشية من القراءات المتعجلة قصيرة النظر.

11- هناك رهان اقليمي وامريكي يريد ان يتجاوز الوقائع الموضوعية على الارض لكي لايتشكل ائتلاف كالائتلاف السابق بدعوى تجاوز المحاور الطائفية الى المحاور السياسية الوطنية العابرة للطوائف والمذاهب، وهو رهان ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، لان الوعي السياسي العراقي لازال وعيا طائفيا رغم الضجيج الاعلامي والسياسي، ومن يتكلم خلاف ذلك يعلم جيدا انه يخدع نفسه قبل الاخرين.

لذلك احسب ان سياسي الائتلاف امام اختبار عسير للنوايا والمصالح والتوجهات الفكرية والسياسية، اذ ان لعنة التاريخ والناس تنتظرهم ان لم يقرأوا المرحلة الخطيرة بعين الخبير ويغلبوا المصلحة البعيدة لناسهم وفقرائهم ومستضعفيهم على مصالح احزابهم وكتلهم ومستقبل شخصياتهم، فمن الواضح ان الهم الشخصي للبعض طافح بوضوح، ومستقبل هذا الزعيم او ذاك هو الراجح على كل المصالح، وهذه ستكون اخر دلائل سقوط المثال عند من كان يسمى بالاسلاميين الشيعة، وعليهم ان يتذكروا ان الائتلاف لن ينجح بغير دماء جديدة ووجوه من المثقفين والتكنوقراطيين وذوي اليد النظيفة والنفس العفيفة المخلصة، ولايدعين احد ان ارض العراق عقمت ان تلد غير وجوه الكثير من اعضاء الائتلاف السابق الذي ضمنوا تقاعدا فاخرا مدى الحياة، فهل يطمعون بالمزيد !!؟

 

ابراهيم العبادي

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1135  الاثنين 10/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم