أقلام حرة

من دخل جامع براثا فهو آمن

عرفنا ساستنا ومسؤلينا عين المعرفة منذ الاحتلال، وشهدنا ألوانا وضروبا من الاحداث تكفي لنعي بأن هناك ضرورة لتغيير مصيرنا وعدم الاستسلام كشعب حر. لكن يجدر بنا فهم ما يحدث اولا وايصاله الى عامة الشعب حيث الغالبية – وذلك الشطر الاصعب – ثانيا .

فهل يمكننا إحداث ثورة مخملية يقودها الوعي والمنطق وإدراك الحقائق بعيدا عن الايحاءات الدينية والديمقراطية العلمانية هاتين اللتين بتوازيهما أخلتا بكل معقول ومقبول في العراق؟

 

عرفنا الكثير عن هؤلاء العائدين من المنفى بعدما هربوا من ظلم الديكتاتور. قيل انهم ناضلوا وقدموا التضحيات، وعرفنا ايضا أن بعضهم من سلالة رجال دين احرار وشرفاء كانوا بحق معارضين لصدام ونظامه وضحوا من اجل مبادئهم ضد الظلم حتى ليذكرهم الناس الان بكل حب واجلال ولأجلهم تبعوا اولادهم كإرث مستمر لهم .

السؤال المطروح غير الجديد هو: لماذا هؤلاء الذين لايُشبّهون اطلاقا بالاشبال لايشبهون اطلاقا أولئك الاسود؟ بل العكس وكأنهم جاءوا للانتقام منا ومن الوطن . إنهم لايرتقون بجملتهم حتى إلى كلمة الحق التي يراد بها باطل .

 

إن الرجال الشرفاء الاحرار في زمن الديكتاتور انطلقوا من انفسهم ووعيهم وادراكهم للحق الذي شرّعه الله، فضّحوا دونما سؤال اومقابل ليكونوا رمزا وطنيا للشعب كله من مثقفه إلى عامله ومزارعه .

أما من جاء مع الاحتلال ومن دخل عن طريق ايران ملتحفا بعباءة اسلافه الشرفاء فقد عاد بارادات مغايرة لإرادة الشعب العراقي، فأقصي كل الوطنيين وتم ما أرادته اميركا وايران بحرفية اعلى بكثير مما كان يتمتع بها نظام صدام . إن كنا شعبا حرا علينا أن نعي ذلك، فبرغم كل ما حدث من مأساة في العراق مازال الكثيرون مظللين حتى الان .

 

ألا يعلم الناس بأن ملصقات المرشحين عليها نفس الوجوه الكالحة؟  أية انتخابات ديمقراطية نزيهة لمرشحين ثبُت بأن معظمهم فاسدون؟  أليس في العراق رجال أكفاء حريصون على وطنهم يستحقون موقع المسؤلية والقيادة؟ هل نحتاج إلى سبع سنين عجاف أخرى لندرك بأن الشعوب لاتقاد كالخراف والنعاج؟

فلا الديمقراطية هي حقيقية ولا يمكن للدين الاسلامي أن يكون دستورا وطريقة للحكم بعد الخلفاء الراشدين .

 

كل ما نطمح اليه هو حياة بسيطة ولو بالحد الادنى من المتطلبات، على الرغم من حال الشعوب العربية المسحوقة دون حرية وكرامة، نجدنا نتطلع اليهم بحسد وغبطة عندما يسمحون لنا بعد عناء كبير بدخول بلدانهم .

اما آن الاوان للعراقيين ان يختاروا بحق رجالا قادرين على قيادتهم ؟

أن يعيشوا بحرية وسلام؟

أن يسترجعوا كرامتهم المهدورة من قبل الاحتلال والحكام الفاسدين تارة باسم الديمقراطية وتارة باسم الدين؟

أهكذا نقاد ايها العراقيين؟ الا يوجد خيار ثالث .......أما ديكتاتور وأمن محكم حد الخنق

أو ديمقراطية محتل دموية مع غبار وظلام وحرّ حد الخنق؟

لم يبق إلا أن يكتبوا على لافتاتهم الانتخابية :

من دخل جامع براثا فهو آمن

ومن دخل المنطقة الخضراء فهو آمن

ومن بقي في داره مع النساء فهو آمن

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1138  الخميس 13/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم