أقلام حرة

اسباب ضعف دور المثقف في الحياة العامة لاقليم كوردستان

 

المعلوم لدينا جليا ان الشعوب تختلف عن بعضها من كافة الصفات بحيث يمكن تمييز احد عن الاخر، ليس باختلاف الثوابت الموجودة في كل منها فقط بل حتى من حيث الطبيعة الفسيولوجية والاجتماعية والادبيات والاخلاقيات والعادات والتقاليد وما تراكم في تاريخها، وهذا امر مسلًم علميا ولاسبابها المنطقية المثبتة .

 

ما يهمنا هو شعوب الشرق الاوسط بالذات والتي تتحمل العديد من الابحاث والدراسات، عدا ما موجود ومصدًر من قبل جهابذة علوم الاجتماع الكبار، وفي كل بقعة ومساحة يمكن التعمق في الصفات والمزايا التي تختلف عن الاخرى، في اية زاوية من منطقتنا .

 

لو ندقق اكثر ونتخصص في الطرح عن الشعب الكوردستاني وما يتصف به استنادا على ما مشاهد ومراى وماهو ملموس اضافة الى ما يدلنا عليه التاريخ وما مرً يه وما وصلنا ونحن فيه من الوضع العام والخصائص العامة التي يتميز بها، يمكننا ان نستدل امور ونتائج متنوعة، ولو ضيقنا وحصرنا بحثنا على ما يهم المجتمع ودور المثقف والنخبة فيه في الوقت الحاضر سيتسع الكلام كثيرا، الا اننا نوجز في اهمية العمل العام للمثقف ونتاجاته والثقافة بشكل عام وعلاقتها بما يهم المكونات والتركيبة الخاصة للمجتمع والمستوى العلمي ونسبة المثقفين الى افراد المجتمع، وتاثيرات الاقتصاد والسياسة والعلوم التكنولولجية والاتصالات والتغيير الطبيعي الحاصل في كينونة المجتمع بمرور الزمن والمرحلة ومواصفاتها وكيفية العمل فيها استنادا على الافكار والانظمة والفلسفات المتبعة، ودور المثقف في تحديد الموقف المحدد ازاء اية قضية وباية نوعية او شكل وطريقة يمكن التعبير عنه، والذي من المعتقد ان يفيد المجتمع اكثر واوسع من الجهات الاخرى .

 

من اهم اهداف الشخصيات الفعالة في جميع المجتمعات (ان تغلبت مفهوم الانسانية على تفكير المجتمع) هوالتاثير الايجابي الصحيح على التغيير الطبيعي الحتمي الحاصل في كافة امور الحياة كنظام عام، لا يمكن لاية قوة اعاقته مهما بلغت ثقلها ومتانة تركيبتها .

 

قوانين الحياة تدلنا على ان الحياة في تقدم وتغيير مستمر،و هناك من العاملين اكثر بروزا في المراحل المتعاقبة والذين يكون لهم الدور الاكثر اهمية وتاثيرا عن بقية المكونات وفي اكثر الاحيان تكون النخبة المثقفة بكافة اختصاصاتها،وهي الابرزو الاهم . اضافة الى ان التغيير عملية طبيعية اعتيادية في امور الحياة وهو مستمر وموضوعي متاثر شبئا ما بصفات ذاتية . ومن وجهات النظر العديدة، يمكن الدخول الى دور المثقف في التغيير ويجب ان يكون دائما نحو الافضل والاحسن وكاحد العوامل الذاتية المؤثرة على العملية الطبيعية وبظروف عامة وتحت تاثير العوامل الموضوعية، وهي النتيجة النهائية وكتحصيل حاصل للاصلاحات والتقدم المستمر في جوانب الحياة كافة .

 

ان ما يهمنا هنا، ضعف دور المثقف الكوردستاني وسيطرة العاطفة والذاتية على تفكيره وعقليته وعدم خروجه من تقوقع المؤثرات الاجتماعية والترسبات التاريخية والثقافة الخاصة لبقعة معينة ذات تاثيرات مباشرة على اسلوبه وسلوكه وعلى طريقة عمله وتوجهاته .

 

ما اجبرني التوجه لهذه الكتابة، هو انعطاف العديد من المثقفين البارزين في اقليم كوردستان في اللحظة التاريخية الحساسة نحو خلع ثوب الحياد بقعل فاعل او من جراء ضغوطات العاطفة، مما افرغوا صرح بناء ما تعبوا عليه من الثقة بينهم وبين متابعيهم، بحيث في لحظة عابرة سيطرت التمنيات والتوجهات الذاتية الخالصة على العقلية العامة التي من المفروض ان يتمتعوا بها في كل زمان ومكان، وهم المعيار الرئيسي لمدى تغيير وتطور الشعوب في المراحل المتعاقبة . وهذا ما يدعم مقولةو هو ان ضعف اداء المثقف وابتعاده عن الحياة العامة يكون تحت تاثير العاطفة باشكالها المتعددة، ومن اخطر الاسباب انعدام الاصالة في ثقافتهم العامة، بل اننا نتوقع ان الاطروحات والنتاجات وثمرات تفكيرهم وعملهم نابع من القشرة الخارجية لادعائاتهم، والمتاثرة بما استوعبوه نظريا فقط، وللاسف  يحدث هذا من قبل المثقفين المبدعين الكبار والذين لهم ثقلهم ومكانتهم وموقعهم العالي بين الناس، مما غير من صفاتهم امام اعين المتابعين والقراء المتلهفين لثمار توجهاتهم وعقلياتهم الحقيقية المتنورة، والتي طغوا بانفسهم عليها بين الناس . اي، ان المجتمع الكوردستاني المتحرر حديثا لم يبرز بعد ما يمكن ان ينتجه اي شعب حر بعد طول المعاناة من المثقفين الاصلاء، وفي لحظة وغفوة ما اعتقدنا اننا بدانا الخطوة الاولى التي لم تبدا بعد في ايجاد الطليعة المؤثرة والمبدعة الاصيلة من المثقفين المؤثرين على الوضع الاجتماعي والثقافي والسياسي العام في الاقليم، والذي يمكن تمييزهم عن النخبة السياسية الحزبية التي تعمل من اجل اهداف سياسية فقط . اي الاسباب سوى كانت ذاتية تخص المثقف بذاته وصفاته ومميزاته، او موضوعية ليس له اليد فيها، الا ان واقع الحال في اقليم كوردستان اثبت اتباع المثقف لقافلة السياسيين وتراجعوا خطوات وصفوف الى مابعد القادة السياسيين والحزبيين، ومنهم المثقفين المتميزين وهذا ما يؤسف له حقا . وهذا ايضا ما اعاد العديد  من المراقبين  الى التفكير واعادة النظر في وصفهم للمرحلة وما وصلنا اليه والمواصفات التي يمكن ان نجدها للمجتمع بشكل عام، وهذا هو اهم اسباب ضعف دور المثقف في الحياة الاجتماعية الكوردستانية في العديد من المراحل التاريخية، واليوم اشبه بالبارحة حقا، وهل من منقذ مدبر عاقل يمكن ان يبدع ويكون اصيلا مؤثرا فعالا على امور الحياة، وان كان يغرد خارج هذا السرب الذي اعتبر نفسه الصالح الامين . والاكثر اسفا ودهشة لنا في هذه المرحلة هو استغلال اكثرية المثقفين من قبل الساسة والاحزاب التي حاولت ان تتشدق باهداف ثقافية عامة، وتبين انه من اجل اهداف سياسية فقط، بل امتطوا الثقافة من اجل الوصول الى السلطة والنفوذ . وهذا ما يرشدنا الى ان السياسة سيطرت بشكل كامل على كافة زوايا الحياة للمجتمع بعد تخفيف استمر لعدة سنوات، وانمحت دور المثقف المحايد المستقل في بنيان الصرح العالي للمجتمع وتطوره وتقدمه، وهذا يمكن ان نحسبه تراجعا من جميع النواحي.

 

 

 

 

في المثقف اليوم