أقلام حرة

التنافس السلمي عامل لتقدم المجتمع

وهنا يهمنا الجانب السياسي اكثر من الاخرين وان كانت له العلاقات الجدلية المتوازنة والمتشابكة مع الجوانب الاخرى والتي لا يمكن احيانا فصل احدهما عن الاخر لشدة الروابط والتماسك فيما بينهم .

 

ان اخذنا المجتمع الكوردستاني وما له من الهوية الخاصة به والتي تختلف في كثير من المميزات عن الاخرين، ومن المسلم والطبيعي ان تكون له نقاط مشتركة عديدة معهم ايضا .

 

الوضع السياسي العام لاقليم كوردستان في الاونة الاخيرة، شهد تغييرات جذرية وتخللت العملية الانتخابية البرلمانية التي جرت، مجموعة من المواقف والتحركات السلبية المعيقة ولكنها كانت قليلة مقارنة مع حجم العملية وما يحتوي المجتمع من التناقضات والصفات التي يمكن ان تُحرٍف اية عملية الى المواقع غير المخصصة لها . من جانب، حاول اتجاه او تيار معين ان يعمق التنافس الواضح المنتج من التناقضات والاختلافات ويصارع مع الاخر من اجل انتاج الاصح حسب اعتقاده ليثمر منه التغيير والتطور والتقدم والعبور الى مرحلة تاريخية سياسية اخرى، ومن جانب اخر، اعتبر الاخر ان صراع الاختلافات مشكلة ولا يمكن ان يحصل على ثمار ناضجة من تناطح البعض وابراز التناقضات والاختلافات، وهو يستند على الظروف الموضوعية الخاصة بهذا الاقليم . وهذا يقتل روح التنافس والصراع الطبيعي السلمي الذي ينتج ما يفيد الشعب في النهاية، ويبرز منه الصراع بين طرفين وتختزل جميع الالوان والاشكال والنوعيات في بودقة طرفين متصارعين متنافسين قويين ومتنفذين على الساحة، ومستندين على المؤيدين لهما، وبه يخفت لون الاخرين من الساحة، وهذا امر سلبي ويقتل التنوع والتنافس المتعدد الاوجه والطبيعي المستمر منذ القدم وحسب المرحلة والمستوى العام للمجتمع من جميع النواحي .

 

ان ضيقت الصراعات وحوصرت بين طرفين او اتجاهين متناقضين، سيكون عاملا فعالا لعدم تفهم ما يجري او يمنع حدوث الظواهر الطبيعية الخاصة والقضايا التي تبرز من خضم الصراعات المتعددة الاوجه في المجتمع، ويكون الصراع والتنافس مستندا على توجيه الشعب نحو التفكير الانفرادي وتوجيهه من اجل الصراع معتمدا على الخوف من الاخر او من الماضي او المستقبل، وهذا ما يقتل روح الابداعات والاختراعات ويمنع التوسع ويضيق من الحرية ويضفي حالات نفسية معيقة لعملية التطور الطبيعي في المجتمع، ويعلٍم الشعب التحفظ على اي اصلاح او تغيير ويكبل ايدي المتميزين والمبدعين بحيث تنطوي كل جهة على نفسها وتحيط نفسها باسوار عالية من جميع الجهات والتي تمنع من  تطورقوة بعد نظرها واستدلالاتها وقرائتها لما ياتي وما تقبل هي عليه في المستقبل، وهذا عامل محبط وعائق كبير للتنافس والتقدم .

 

و نستنتج  مما سبق ان القوى المسيطرة التي تعمل على حصر التنافس وتقليل مساحة الصراع وحبسه في زاوية معينة وتوجيه المجتمع لها وترك التناقضات والاختلافات الاخرى الموجودة اصلا سيقلل من شان التنافس السلمي السليم ويقطع الطريق امام الاخرين ويحد من حرية العديد من التوجهات الموجودة . والاصح ان تترك كافة الجهات والتيارات والقوى والمكونات بحرية للتنافس على تقديم الاحسن والمتتبع سيختار الاحسن والافضل من السلع المعروضة، ولكن بآلية تقدمية واضحة بحيث يٌبعد احتمال حدوث الفوضى جراء العملية . وعند قراءة المرحلة بما فيها وخصائصها، حينئذ يمكن تكهن ما تؤول اليه العملية السياسية، وبتوفير الفرص المتساوية يكون التنافس سلميا عادلا فلا يمكن ان يغبن فيه اي طرف، وهذه هي سيرة الحياة الاجتماعية السياسية الطبيعية وما فيها .

 

 

 

 

في المثقف اليوم