تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

يا تركمان العراق، جاءتكم الانتخابات، لكم المولى فقط

 التركمان طيف له ظل في العراق. يتوزعون بنسب متفاوتة في شرق وشمال العراق. وهم يملأون كركوك المحافظة النفطية الكبيرة ونواحيها في طوزخورماتو وسليمان بك وقادركرم ونوجول، مرورا بألطون كوبري بقصباتها الثلاثة الكوردية والتركمانية والعربية. ويتواجدون صعودا الى مدينة أربيل وقلعتها الشهيرة. ويتزاحمزن في تل عفر في الموصل. اما مدينة جلولاء وشرقا الى خانقين وما يتحلق بها من قرى مسحها إحصاء 1979 انها مناطق يتكاثف بها التركمان. ولذلك عمد النظام انذاك على تعريبها وتغيير ديموغرافيتها.

 

 لكم المولى ايها التركمان- أي لكم الله- وليس الشيخ محمد تقي المولى. لكم الله في المعادلة السياسية والمحاصصة التي ابتلعتكم وازدردت رأيكم من قبلُ، ومن بعد سقوط نظام صدام. ونسأل (المولى) لكم العافية مستقبلا.

 

 لكم المولى، ايتها المنسيون، أي لكم الله مولانا جميعا وليس الشيخ ابو علي المولى لان الشيخ ومجموعة النقارين ما عادت تهمهم القضية بعد ان انبطحوا في مؤتمر الفضيحة (التركماني) المنعقد ببغداد/ تموز الماضي على عتبة انتخابات الاخوة الكورد.

 الوثائق اثبتت ان نظام صدام انتهج تعريب كركوك التركمانية على غرار تهويد القدس الاسلامية. ولا يمكن انكار ان الاشقاء الكورد عمدوا الى تكريد كركوك بعد اندثار حكم صدام بن احصين. فتسارعت خطى قضم كركوك من قبل السادة الكورد لابتلاع اراضي التركمان بشيكات مالية بخيسة وعبر مزاودات بلغت حد التهديد في احايين كثيرة. ولا ننسى المباركة او السكوت الحكومي المطبق او اصطفافات وغزل بعض الكتل الاسلامية الحاكمة.

 لم يكتف القادة الكورد بابتلاع ممتلكات التركمان، بل احتوشوا مؤسسة الجنسية والاحوال المدنية داخل كركوك ليزوروا اعدادا رهيبة من المستمسكات الثبوتية لصالح الحالة الكوردية  ضد الهوية التركمانية المتجذرة في كركوك.

 

 تجدر الاشارة الى ان نظام ابن احصين التكريتي سحق هذه الهوية بعد ان ازهق ارواح التركمان بعمليات شمولية قذرة في مناطق معروفة للتركمان مثل البشير والتسعين وتازة وبير احمد/ كركوك. وفي تلعفر/موصل. وخانقين وغيرها/ ديالى. ليبدل بعدها خارطة الارض ويحيلها الى بوار هامدة حرثتها الجرافات في كركوك التركمانية. ثم يأتي ديمقراطيو الكورد ويتمموا العملية بنهج التغيير الديموغرافي ويبدلوا الشعار من التعريب الى التكريد. فيكرّدوا كركوك بعد ان عربها صدام. ويلحقوها بخطوة قضم حقوقهم وبضراوة تحت شعار (كركوك قدس كوردستان) او قلب الاكراد حيث يسمو النفط سيدا للاسباب مع المشعل الازلي بكركوك. مع ان حكومة كوردستان والمركزية ببغداد ترفعان شعار الديموقراطية.!

 شخصيا، لا انكر وجودا كرديا في هذه المناطق. فقد عشت حقبة في هذه الديار. كما لا اتنكر لتضحية وضحايا الاكراد ولحجم الجريمة التأريخية التي لحق بكوردستان أرضا وشعبا بأدوات الحكم المتعاقب على بغداد. وسأبقى استنكر وادين مآسي الانفال وحرق الجبل والوادي بالعنقودي والنابالم والقنابل الكيمياوية. ثم الظلامة الكبرى التي كنت من ضحاياها في حلبجة هيروشيما الثمانينات والتي لم يكتب عنها في الصحافة والاعلام غيري وغير الشهيد مرتضى القريشي بهذا العنوان (حلبجة هيروشيما الثمانينات) في صحف المعارضة الاسلامية انذاك.

 

لا اقف بالضد مع الكورد في قضيتهم. انما افترض وقوفي مع الحقائق وفي مقدمة من يدافع عن حق كل ابناء الشعب واطيافه كعراقي اولا وككاتب واعلامي ثانيا، وارأب باجندة حكومتنا اليوم الاحتذاء حذو الكورد وتفكيرهم في بناء المناطق العربية وادارتها وتطوير مستوياتها  على صعيد المعاشي والخدمي والامني. وعلى غرار ما بهرتني رؤيته في مدن اربيل والسليمانية وفي دهوك بعد تحريرها من نظام صدام. وهذه الاخيرة (دهوك) كانت الى 1995 تشكو وضعا لا تحسد عليه وتئن من البؤس. لكن العقل الكوردي صيرها من اجمل مدن العالم.

 

 الكورد يديرون مناطق نفوذهم ويحكمونها باستقلالية تامة وبوعي دقيق. والعرب اتمنى ان ييبلغوا مستوى النصف من ذلك. لكن هل وجدنا محافظا تركمانيا لكركوك مثلا؟ أو هل وجدنا نسبة سياسية وادارية وتمثيل نيابي مقبول للتركماني في مناطقه مثلا؟

 

 بقولنا: لكم المولى ايها التركمان، نؤكد ان التركمان اليوم في مهب الريح تلعب بهم افكار القامعين والجشع السياسيين وطمع الطامعين. ويزيدهم ألما تردي زعامتهم التركمانية إن في الماضي او الحاضر.

 تراكمات المشهد السياسي التركماني خلفت قادة ضعاف لا يلوون على نجادة تنقذ الشأن التركماني من التقهقر المخيف. فقادة مثل سماحة الشيخ المولى والمعارض المخضرم ابو نور البياتي وفؤاد واوغلو/اسلاميين. وصمانجي وجمالشان وقازانجي وشكي/علمانيين، لم تثبت كل لقاءاتهم بحسنة واحدة تذكر للتركمان اللهم الا تثبيت شأنهم (الموهوم) في المشهد السياسي العام. ولم تفرزوا ايجابية واحدة لهم كقادة ما خلا شعارات للاستهلاك المحلي شأنيتها التحضير لمؤتمرات تسميها قواعدهم مؤامرات تكرس ضياع الحق التركماني مقابل ابتسامة موعودة من ساسة عراقيين عرب او كورد لم تحقق حتى لقادة التركمان انفسهم مكسبا سياسيا ذا رفعة.

ملبورن – شتاء 2009

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1141  الثلاثاء 18/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم