أقلام حرة

هل المبالغة في التعددية مفيدة دوما

 وكل ذلك يصب في خانة تقدم البلد وضمان الحرية الضرورية لافراد المجتمع الذي يتمتع به . ومن المقومات الهامة هي التعددية والانتخابات العامة وتداول السلطة وحرية التعبير والتظاهر والاحتجاج والاعلام الحر المؤثر على الراي العام، بوجود السلطات والمعارضة كاهم الاعمدة الاساسية السائدة لاكتمال بنية الدولة، وهذا ما يوفر الجو والفضاء الطبيعي لتطبيق الاليات المناسبة الواقعية لهذا النظام في ظل احترام الراي الاخر ومواقفه .

 

و من المعلوم ايضا اختلاف ظروف وطبيعة المجتمعات وخصائصهم ومستوى ثقافاتهم والاوضاع الاجتماعية والاقتصادية الخاصة بهم، والاهم نظرتهم الى الحياة العامة والمعيشة بشكل خاص وادراكهم للواجبات  في ظل اصرارهم وجهودهم القيمة المبذولة من اجل ضمان الحقوق وازالة العوائق امام سبل تطورهم وسيرهم السوي نحو الامام . ومستوى ودرجات ونسبة تطور اي مجتمع مرتبط بتاريخه وتجاربه وظروفه العامة ومدى ايمان شعبه بارادته وثقته بنفسه، وكيفية الاعتبار من تجارب غيره وتلائم الفكر والفلسفة المفيدة والممكنة كطريق مناسب لسلوكه والاهتمام بمستقبل اجياله .

 

اي، ليس بشرط ان تكون جميع مقومات النظام الديموقراطي متشابهة ومتساوية ومتقاربة من شعب لاخر ومن منطقة لاخرى وبنفس المقدار . اي الديموقراطية وان كانت واحدة الاصل ولا تتجزء  من حيث الجوهر كما هوعليه اكثرية الاراء الا انها يمكن ان تعتمد على اليات مختلفة وخاصة بكل شعب او مجتمع او منطقة وحسب ما تتوفر فيه ن الارضية التي تلائمها . وهنا نؤكد على انه يمكن ان تعتمد مجموعة من المقومات دون غيرها في زمان ومكان معينين، وتتغير في مرحلة لاخرى وحسب الواقع الموجود وخصائصه، لكن الاهم هو الدراسة والبحث العلمي الدقيق من قبل النخبة المثقفة المعتبرة لتحديد الطرق والاليات المناسبة بشرط الاستناد على المعتقدات الانسانية البحتة ومن اجل العدالة الاجتماعية والمساواة وخير المجتمع .

 

لو اوجزنا ما نقصده على احدى المقومات الاساسية الهامة للنظام الديموقراطي وهي النتعددية الحزبية كشرط ضروري لضمان تعدد الاراء والمواقف والعقائد والفلسفات والشعارات والاهداف، فلابد ان نقرا واقع المجتمع ومستوى ثقافته العامة والاطار العام للافكار التي يمكن ان يتبعها الشعب وهو الداعم لها، فاننا نستدل على المساحة والمعيار الذي يمكن ان يُعتمد لسماح نسبة معينة من التوجهات وهنا الوقت مهم في تحديد كيفية التعامل معها لقطع الطريق امام المبالغة وما تؤدي الى الفوضى وتضر باصل المسالة وهي العملية الديموقراطية المستمرة . واننا على يقين بان الواقع سيزكي ما هو الملائم ولكن الخروج عن الحد المعقول وما تدخل في هذا الاطار من المصالح المتعددة سينعكس على الهدف الرئيسي ويزيد العواقب ويطيل من المراحل والفترات المتنقلة للتطور الطبيعي للحياة الاجتماعية والسياسية بشكل عام .

 

و هنا يمكن ان نرى انبثاق جهات وتيارات وحتى احزاب غير اصيلة من اجل المصالح الذاتية المتعددة المؤقتة وتكون عائق امام المسيرة الاصلية لتقدم النظام الديموقراطي .

 

ان الفلسفات التي برزها التاريخ وساندتها الحياة وكانت هي الاصيلة الثابتة وباقية حتى اليوم لم تتعدى عدد اصابع اليد في كثرتها، وكانت من ضمنها ما كانت هي البارزة القوية الهامة والملائمة للتطور الطبيعي لمعيشة الانسان وهي مثبتة بكل الطرق وبشكل علمي ولها دلائلها المنطقية ومعتبرة ومستمرة ودائمة التطور متواكبة ومتوازية مع النغيير والتطور في الحياة . لذلك ان كانت الاحزاب لها ما تعتمد عليه من المقومات الحزبية من الفلسفة والاهداف والشعارات،و ان كانت حاملة للايديولوجية غير المقترنة بالفلسفة ستكون في طريقها الى الزوال حتما،او على الاقل ستختزل لتستقر متقاربة مع عدد الفلسفات المعتمدة والا اية فائض او زيادة عددية لا يمكن ان تكون حزبا حقيقيا من الجانب الفكري الفلسفي، وربما تتواجد او تتاسس في لحظة غافلة او من اجل مصالح معينة ولابد ان تزول بزوال السبب الحقيقي من ورائها . وان تكلمنا بصراحة اكثر وغير منحازين، فان اليسارية هي الطرف الاقوى امام ما يلد امامها لحين انتقال البشرية الى المراحل التاريخية المتعاقبة المثبتة علميا ومنطقيا ويتوجه الانسان بافكاره الانسانية الى الكمال لحين تحقيق الاهداف العامة الرئيسية من المساواة والعدالة وضمان الحريات في ظل توافر الاحتياجات الضرورية وانعدام العبودية، والعيش بسلام وامان . اي هنا نستخلص الى ان المبالغة في التعددية وان كانت من المقومات الاساسية لتطبيق الديموقراطية لا تكون مفيدة ان لم تكن مضرة .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1142  الاربعاء 19/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم