أقلام حرة

لماذا يفضل السياسي السلطة التنفيذية على التشريعية في منطقتنا

 التفكير والتفلسف وله مكانته المرموقة بين الجميع، ومدافع صلب عن حقوق الشعب، وما معروف عنه نزيه ومبدئي ومضحي . عندما قال : سيكون مهامي الرئيسي المستقبلي ومنذ هذه اللحظة هو تقوية التنظيم الذي اسسته وانتمي اليه في سبيل تقوية مكانته بين الشعب، وليحتل موقعه المامول مستقبلا وفي سبيل تحقيق اهدافه وهو اعتلاء السلطة، وهذا من حقه الطبيعي، مع العلم وهو منتخب من قبل الشعب ليقدم ما بحوزته لهم من خلال السلطة التشريعية في هذه المرحلة، وابى الا يدخل قبة المبرلمان، وهو لا يمتلك ان يكون الحاكم والسلطة التنفيذية بحوزته كما كان يحاول من اجله بشكل خفي واستوضح جليا ما يخفيه من هذا الموقف، وهذا على العكس من ادعائاته السابقة التي كان يكررها يوميا ويفصح عن اهتماماته بالشعب ومصالحهم وكل هدفه هو تامين حقوقهم ! والاستناد على القوانين والمناقشات والمواقف العامة حول القضايا التي تهمهم وحياتهم وما تخص الخدمات والاصلاح والتغيير الذي يصر عليه، وعدم اعترافه بالسلطة التشريعية يفضح زيف ادعائاته السابقة، وحججه الواهية ولا يقنع حتى انصاره .

 

و هذا ما جعلني ان افكر جديا في الموضوع المهم لكي اجد اهم الاسباب والعوامل الموضوعية والذاتية وراء مثل هكذا مواقف وتوجهات وتنظيرات وافكار واعمال، والتناقضات التي تتجلى بين الادعاء والتطبيق والفكر وما يعمل على ارض الواقع من قبل مثل هذه الشخصيات المعبرة عن ما يحتوي المجتمع من الصفات الحاملة للجدل من التناقضات والاختلافات .

 

لو تطرقنا الى الظروف الموضوعية فيما يخص هذه المسالة او الحالة، يمكن ان نرجعها الى الوضع الاجتماعي العام للشعب وما عليه ونظرته الى المواقع والمناصب العامة، وحالة المجتمع النفسية المكتسبة تاريخيا من خلال تعامله مع السلطات على اساس الخوف بدلا عن الاحترام وبنظرة الاجبار والفرض بدلا عن القناعة وارادة الذات وبخضوع وخنوع لا مفر منه بدلا من الاقتناع والتراضي، وهناك امثال اجتماعية معبرة عديدة على هذا في مسيرة الحياة الاجتماعية السياسية لهذه المنطقة . اما السلطات بنفسها هي العامل الاضافي في ترسيخ تلك الافكار، وهذا ما نلمسه من ناتج عمل السلطة التنفيذية ومدى حريتهم وسعة مساحة فرض اهوائهم الذاتية في اداء الواجبات، ولم يظهر مدى استنادهم على القوانين في تسيير عملهم اكثر من اجتهاداتهم الشخصية . ومن الجانب ذاته، المكانة الاجتماعية التي يتمتع بها المسؤول التنفيذي اعلى من الاخرين في نظر المجتمع وما حولهم، اضافة الى حداثة السلطة التشريعية الواقعية واهميتها في المنطقة ناهيك عن عدم ترسيخ الديموقراطية وتجسيدها بشكل كامل في المنطقة، ولم تظهر لها من الاهمية واقعيا وعمليا اكثر من السلطة التنفيذية،  اي الحكومة والنظام الحكم للفرد والمجتمع، لا بل ناتج عمل وثمار السلطة التنفيذية اكثر بيانا ووضوحا ومباشرا ومرئيا للعين على الارض والواقع، وهذا ما يتعامل معه الانسان الشرقي اكثر من غيره . اي يمكننا ان نقول بان التشريع ينتج ما يفيد السلطة التنفيذية بشكل غير مباشر، وهنا يُحسب حساب القائد الشهم لمن هو في السلطة التنفيذية بشكل عام من قبل الفئات كافة ومكونات الشعب قاطبة ان صح التقدير، والمجتمع الذي يتمتع بهذا المستوى من الثقافة والتفكير والوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وما فيه من العادات والتقاليد يقدس القوي و(المشوٍر) اكثر من غيره . اما من ناحية الظروف الذاتية، ينعكس الوضع الاجتماعي مباشرة على خصائص الفرد وصفاته والذي يحب بقرارة نفسه السلطة والحكم والتحكم والاصرار على تصدير الاوامر اكثر من التشريع والتنظير وتحليل الامر. وهذه هي ثمرة التربية العامة المتوارثة من قبل الاسرة والمجتمع على حد سواء، اضافة الى المصالح المادية الضيقة والملذات التي تتمتع بها مواقع السلطة التنفيذية اكثر من اية سلطة اخرى، ناهيك عن احساس الفرد بتلمس الثمرة وانتاج عمله في السلطة التنفيذية اكثر من انشغاله بالتحليل والقراءة والمناقشات والواجبات التي يتطلبها من الموقع التشريعي ومدى تكهنه للمستقبل وقرائته للاوضاع العامة دون غيره .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1144  الجمعة 21/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم