أقلام حرة

اهم مهام سلطة اقليم كوردستان محاربة الفساد في هذه المرحلة

لا تحصى ولا تعد من دون اي نفع للشعب، وبشكل يمكن ان نصفها بالبذخ والاسراف للمال العام، وهذا ما يشكل وجه بسيط من الاوجه العديدة للفساد المستشري بين مفاصل الحكم، وما نسمعه من المبالغ المالية التي تذهب سدى من خلال المشاريع غير المكتملة اصلا، ولا يمكن ان تقارن مع ما نصر على انهائه في هذه المرحلة وهو التقليل من المراسيم والاعياد والمناسبات، وهذا طبعا لا يقارن مع حجم الخلل الموجود في نهج ومسيرة السلطة التي انتجت الجو والارضية الداعمة والمشجعة للفساد بكل معنى الكلمة، والذي لم يسيطر عليه لاسبابه المعلومة . بل لم نر ولو خطوة بسيطة لمنع حدوث ذلك طيل فترة الدورة السابقة من السلطة التشريعية والتنفيذية رغم بحثه وكشفه وطرحه في الوسائل الاعلام العديدة دون ان يلاقي اي مهتم هنا وهناك، لا بل حاول من له المصلحة في تشويه الحقائق وتضليل الجميع . بل حاولت بعض الاطراف انكار ماهو الموجود وتغطيته بمبررات واهية، وحاولوا ان يشبقهوا الفساد بما موجود في جميع بقاع العالم دون اعلان النسبة الفضيحة في اقليم صغير هنا .

 

اننا هنا لا نريد ان نتصفح كافة جوانب الفساد المنتشر في كافة المؤسسات الحكومية والحزبية والمدنية قاطبة وما مستور عنه لاسباب حزبية ولمراعاة المنتمين وترضيتهم على حساب المصالح العليا للشعب، وكل ما نريد قوله انه لم نلمس توجه حقيقي عملي لمحاربة ما يشل العمل الحقيقي للحكومة ويعيق تطور السلطة وتقدمها نحو الامام، ومنع ما يمكن ان يترسخ من القوانين الحازمة لفرض النزاهة والعدالة وتوفير الوسائل الضرورية لمعيشة الشعب، وكذلك انعدام ولو نسبة قليلة من الشفافية، وكان عمل الحكومة اهمال الراي العام وعدم الالمام او الاهتمام ما تكشفه الصحافة والتعامل معها باستخفاف واستعلاء وغرور، وكل تلك العوامل من المسببات الرئيسية لاستشراء الفساد .

 

لو نظرنا الى ما اتبعته السلطة من اهتمامها الزائد بالمراسيم والحفلات واسرافها في الصرفيات والمبالغة في تكبير حجم ما نفذتها من المشاريع التي لا تقارن مع الكمية المتوفرة من الاموال، بل كل عملها كان دون اية برمجة، ما اثقل على كاهلها ولم تقدر من تحملها بل كل ما ساومت عليها كان على حساب الطبقة الفقيرة والكادحة، هذا اضافة الى انعدام الاستراتيجية المطلوبة للخطط الخمسية، وكل ما نحس به هو تنفيذ اوامر الاحزاب المتنفذة وضمان مصالحها من خلال السلطات .

 

ان لم نبالغ في طرحنا فان السلطة بالغت حتى في عدد الوزارات والموظفين المعينين والمصروفات الثانوية وما بذروها هنا وهناك، والحزب من جانيه فرض اثقال البطالة المقنعة على الحكومة سوى بتزكية الموالين او ترضية المريدين من اجل اهداف حزبية ضيقة، هذا هو لب التوجه الحزبي في ادارة الحكم، ومهما اعلنوا عن فصل الحزب عن الحكومة الا انهم لم يتمكنوا من ذلك لكونهم يديرون الحزب والحكومة بذات العقلية ومستندين على تامين المصالح المادية للمنتمين بعيدا عن القناعة الفكرية والايديولوجية، وهذا ما يصعب الحلول المنطقية المطروحة من قبل المخلصين . لو خطوا اية خطوة بهدف الاصلاح لابد ان يضحوا بما صنعته ايديهم من الاخطاء السابقة وحتما سيبتعد عنهم الموالين ويصعب سيطرتهم على الوضع وستتاثر تنظيماتهم بشكل غير مسبوق، وهذا ما لا يقبلون يه وا ن ادعوا على العلن انهم سيعملون بهذا النهج، وكما طرحوه في ترويجاتهم الانتخابية .

 

اذن الترشيق والتنظيم واتباع المناهج العلمية الصحيحة وفق فلسفة ادارية عصرية بعيدة عن تدخلات الحزب من اولى الواجبات المطروحة على عاتق السلطة الجديدة، وعلى جبهة المعارضة ان تشخص النواقص والحلول او البدائل بدلا من طرحها عشوائيا فقط، وهي انبثقت في هذه المرحلة وبامكانها الضغط من اجل تطبيق ما يحد من الفساد وبشكل نسبي على الاقل . وما دعاني الى ان اتشائم في توقعاتي هو ما شاهدته من اول يوم للبرلمان الكوردستاني من الاحتفالية المظهرية عند ابتداء الدورة الحالية، وكان استعراض لعرض العضلات للسلطات القديمة الجديدة وللاحزاب المتنفذة .

 

لو كان الاهتمام بجوهر العملية وبالتخطيط والبرمجة وبحث المشاكل وكيفية ادارة الاقليم هو الشغل الشاغل للجميع وكان التوجه بغير ما سبق لكنا اطمئننا على الوضع ومستقبلنا بشكل واقعي ومقنع . الا انني لا اخفي خوفي وقلقي من بقاء الصراع الحزبي هو المسيطر على عمل السلطات . وما اتصوره ان تكون بين اتجاهات حزبية مختلفة، ولكنها ستبقى كما هي والوضع العام سيتراوح في مكانه، وعليه يجب ان نضحي بالامال والامنيات بسبب السياسات الشرقية التي نتبعها ونمارسها دون ان نستفاد من الاخرين، وستعج الفوضى اليوم او غدا اكثر مما كانت، وخوفي الاكثر من عدم تراصف الصفوف، واختراق الفجوات من قبل الاخرين المتربصين وفق ما تسير عليه المنطقة من الصراعات الاقليمية والداخلية .

 

هنا يجب ان نقول، ان هناك علاقة جدلية واضحة بين الوضع السياسي الداخلي وما نحن عليه من الظروف الاقليمية، وما موجود في المنطقة من كافة المجالات . ونزاهة الحكم والعدالة واستقلالية السلطات وابعاد ايدي الاحزاب من التدخل في السلطات ستقوي الوحدة والرصانة بين ابناء الشعب ويتعامل كل فرد مع الحكومة على اساس انها حكومته وليس لحزب معين وسيمنع التدخل مهما كان دوافعه، واولى الخطوات المطلوبة هي تاسيس لجنة النزاهة والمراقبة والتفتيش في البرلمان من الاعضاء الفعالة ومن كافة الكتل والتيارات، لنبدا الخطوة الاولى الضرورية ان كنا مؤمنين بمستقبل هذا الاقليم، وبما يجب ان نضحي من اجله وهو المصالح العامة ووحدة الشعب واراضيه الذي اقسمنا له .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1145  السبت 22/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم