أقلام حرة

حمى الانتخابات وألم التفجيرات في العراق

لم علينا أن نلملم الجراح تلو الجراح في عراق أردناه جديدا، حالما، مزدهرا، متطورا، دينيا، علمانيا، سياسيا، روحانيا، اجتماعيا، فسيفساء متعددة الأشكال والألوان، كما قالها لنا السياسيون في بداية الاحتلال .

أليس الذي نريده ديمقراطية، وحرية، وازدهارا؟ أم أن الديمقراطية تحولت في أذهانكم أيها السادة المتصارعون على المناصب إلى دم .. قراطية؟

 هكذا إذن هي الحياة، فالأعش أنا وليأتي من بعدي الطوفان .

لم لا يكون لنا من تاريخ الشعوب وقادتها العظام في العالم دروسا وعبرا .

(غاندي) الذي كان عاريا إلا من مآزر يأتزر به، يحوكه بيديه بمغزل لا يفارقه إلا أحيانا .. أضرب عن الطعام (وهو رئيس دولة الهند بأكملها وروحها التي يفتدونها بالتقديس  كما هي العبارة التي يطلقونها عليه المهاتما غاندي، أي الروح المقدسة) اضرب عن الطعام عندما أكلت الحرب الأهلية شعبه وقرر الموت جوعا ما لم يتوقف الهنود عن القتال قيما بينهم، وفعلت إرادته الأعاجيب، وتوقفت الحرب، وأكل غاندي كسرة من الخبز، ولكن الذين يكرهون الإنسانية ويشتاقون إلى الدم دائما (قتلوه).. قتلوه ليتحول إلى شاهد عصر بأكمله، وأسطورة من أساطير نكران الذات وحب الآخر .

كيف لنا أن نسعى إلى الديمقراطية ونحن أساسا لا نؤمن بالآخر ولا نحترم رأيه ؟

 الديمقراطية أيها السادة تعني الحرية .. تعني حب الآخر واحترام رأيه مهما كان، إذا كان يحترم آراءنا مهما كانت ... الديمقراطية تعني تقبل الآخر الذي يختاره الجميع، مهما كانت نظرتنا عنه، لأن الكل أو الأغلبية قد اختارته، وعليه عندما تختاره الأغلبية يجب علينا أن نغير كافة وجهات نظرنا عنه، ونتبعه ونحترمه  احتراما لرأي الأغلبية، وليس العكس في معاداته والتصدي له، ووضع العراقيل أمام عجلة تقدمه دائما، لا لشيء سوى انه الأفضل بإرادة الكل

لماذا لا نبتعد عن المحاصصة في انتخاباتنا القادمة؟

لماذا لا نجعل من ترشيح رئيس  الوزراء أو رئيس الجمهورية حالة انتخابية خاصة  منفردة بعيدة عن انتخابات مجلس النواب، وهذا يعني أن ينتخب (رئيس الوزراء) أو (رئيس الجمهورية)  أي الذي بيده القرار وحسب دستور الدولة المعمول به بعيدا عن انتخاب مجلس النواب، ومن ثم يجري انتخاب مجلس النواب كمجلس تشريعي وسلطة عليا في إصدار القرار النهائي لحكم الدولة، عندها  سيكون لرئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية، عنوانا من عناوين الشعب لأنه منحه كامل الثقة، وعليه أن يختار حكومته التي تمثل الشعب، ولا اعتقد أن من يختاره الشعب بأغلبيته غير قادر على اختيار حكومة كفوءة تمتثل لأوامره المستمدة شرعيتها من سلطة الشعب، بعدها يأتي دور مجلس النواب الذي يصحح ويحاسب وحتى يقيل أي عضو من أعضاء تلك الحكومة وحتى رئيسها أذا اخل بواجباته الدستورية إزاء الشعب والبرلمان، وبهذا نبتعد عن المحاصصة المقيتة التي لم ولن يستطيع أي رئيس وزراء أو رئيس جمهورية مهما كان من القوة والحزم،من  السيطرة عليها مادامت قوات الجيش والأمن في نطاق محصور ضمن هيكلية تلك المحاصصة، وإلا بربك كيف نفسر الاختراقات المتوالية التي تطيح بالمئات من أبناء الشعب  العراقي الذين لا هم لهم سوى البحث عن رغيف الخبز، ولا رادع ولا مسؤول عن إيقاف هذا الدم الزكي الذي حرم الله سفكه إلا بالحق .. وهل هذا حق ؟ أم إنها جريمة وخيانة لا تغتفر؟

إذن هي دعوة إلى مجلس النواب، بصفته السلطة التشريعية العليا في العراق .. دعوة سريعة وسريعة جدا، وحتى لو تأخرت الانتخابات عن موعدها المحدد، أن يعيد النظر في أمر الكيانات والكتل والتحالفات والمحاصصات، وان يرشح كل حزب أو كيان منهم فردا لرئاسة الوزراء أو رئاسة الجمهورية، كما هو الحال في نظام الدولة التي تحتلنا رسميا أي (أمريكا) التي تطبق علينا قوانين تختلف تماما عن القوانين التي تحكمها .. لماذا؟ لأنها لا تريد لنا الاستقرار .. هذا ببساطة خلاصة القول .

علينا أن نجد طريقنا بأنفسنا بعيدا عن إرادة المحتل، إذا كنا دولة ذات سيادة كما ندعي؟ لنترك  الأمر في ظل الديمقراطية الجديدة للرجل الذي يختاره الشعب لأنه

يمثل إرادة الشعب، ويختار حكومته التي يرتئيها، شريطة أن تكون قوية، نزيهة، متآزرة، تأتمر بأمره وحده، وتمتثل لأوامر مجلس نواب الشعب، الذين هم السلطة التشريعية العليا لتلك الحكومة، يحاسبونها وينذرونها وحتى يقيلونها إذا تطلب الأمر ذلك . عندها لن يكون هنالك خرق أمني، طالما إن السلطة بيد القانون الواحد الموحد الذي  يرأسه ويديره رجل الدولة المنتخب بإرادة الشعب، وبغيره من التكتلات والتحالفات والمحاصة، فأن العراق سيبقى سفينة في محيط هائج لا قرار له (والله اليستر  من تاليها)

 

Zydan_98 @yahoo.com

 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1145  السبت 22/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم