أقلام حرة

الكورد والعملية الديموقراطية

 الانتخابية لبرلمان اقليم كوردستان، وشاهدنا المستجدات التي ظهرت على الساحة، من توفير الارضية المناسبة للانتخابات النزيهة الى ترسيخ العوامل السائدة لنجاح الديموقراطية في تحقيق اهدافها، ومن اهمها ضمان الحرية النسبية الى حدما للادلاء بالاصوات وانبثاق المعارضة الحقيقية من رحم الشعب، هذا ويجب ان لا ننكر ما شابها من الخلل هنا وهناك، وهذا طبيعي بشكل عام وذلك لحداثة التجربة وانعدام الخبرة الكافية لدى شعب تاريخه مليء بالمآسي والكبت وانعدام الحرية وحتى وصل ضيق التنفس الطبيعي للسياسة والفكر، ولم  يفتح عينيه الا من خلال النضال المسلح وما اصابه من التشرذم وما وقع عليه من الظلم والتعدي على حقوقه الطبيعية، ولم يفكر يوما انه يصل لوضع وظروف يختار بنفسه النظام الديموقراطي التعددي . ولو فكرنا في اهم العوامل الرئيسية لنجاح اي مجتمع ان اراد الخوض في العملية الديموقراطية، ونلقي نظرة على ما يتمتع به الشعب الكوردي من المواصفات المطلوبة فيتملكنا الخوف من عدم تاهله لحد اليوم في الانخراط في مثل هكذا نظام . وكما نعلم ان الديموقراطية هي عملية تاريخية تراكمية متواصلة وتزداد صقلا ونجاحا كلما ازدادت التجارب وتكررت تطبيقها في كافة المجالات والنواحي .

 

ان قرانا الوضع العام للشعب الكوردي من ناحية توفير المقومات الاساسية المطلوبة لنجاح العملية الديموقراطية، فاننا نتشائم لحد كبير عند تقييمه من جانب المستوى الثقافي العام المناسب والمطلوب مع نسبة الوعي العام والمستوى العلمي له مقارنه مع بقع ومواقع اخرى في العالم، وما يفرض علينا هذه النظرة هو وجود نسبة الامية العالية المنتشرة بين صفوفه، ومستوى النخبة وطبيعة النظام غير المؤسساتي وانتشار الفساد في كل زاوية، مع اختلاط كافة الاوراق، اي عدم وجود الاختصاص في العمل وسيطرة الحزب على عمل السلطات، وهذه الاسباب تدخلنا في دائرة مغلقة ندور فيها ولا مفر منها الا اذا عدنا الى ما نؤمن بان رحلة الف ميل تبدا بخطوة . لسنا  لوحدنا،  ربما هناك من يعتبرنا شعب متخلف وما اكثرهم من الذين ينظرون باستعلاء وغرور الى الاخرين، نشكك نحن واياهم بقدرة عقليتنا في التعامل مع الصحيح في هذا المجال من الوضع الراهن والمتطلبات السياسية، وان احسسنا نحن اننا لازلنا تحت خيمة القوى الاخرى، او خوفنا من الماضي المستقر في لاشعورنا ومن عدم ضمان المستقبل، او من استخفاف الاخرين بنا كما تعمدت الحكومات السابقة في زرع هكذا افكار بين الشعوب لاسباب سياسية يعلمها الجميع، وهو نوع من الحرب النفسية والمخابراتية، وما اكثر النكات السياسية التعصبية التي اخرجتها المخابرات وفبركت سيناريوهات وبثتها من اجل اهداف مستورة في عمق تفكيرها وصراعاتها اللاانسانية، وعلى العكس مما ادعتها في العلن، اي في جو لم يترسخ فيه لحد اليوم فكر وفلسفة قبول الاخر واحترامه كمواطن وشريك والذي يوفر السلام والهدوء والرخاء في التعامل، فكيف يتاكد الانسان من النتائج المرجوة لهذه العملية المعقدة .

 

و هنا يبرز التساؤل،هل هناك بدائل اكثر واقعية ونجاحا من العملية الديموقراطية . انني اعتقد ان احسن وافضل الطرق والوسائل المتاحة في هذه اللحظات هي الخوض في بداية العملية والتوجه الصحيح لتجاوز الاخطاء المعيقة وبه يمكن التقدم خطوة والا  لا توجد بدائل اكثر ملائمة من العملية الديموقراطية لما فيه الشعب من الخصائص والسمات . المسائل المتعلقة بجوهر العملية يمكن ان يتعلمها الفرد من خلال تكرار العملية وزيادة التجارب وتكرارها، او نتيجة طبيعية لتفكير الفرد في قسوة البدائل التاريخية التي مرً بها قديما وحديثا، والدروس التاريخية هي عبرة لمن يرفض الحاضر، اما الانتقاد البناء لهو احد الاعمدة الاساسية المطلوبة لتوازن العملية وفرض الاصلاح المستمر من اجل التغيير والانتقال من مرحلة لاخرى بسلاسة،و هي الخطوات الناجعة لتسهيل العملية .

 

 من العوامل الرئيسية المساعدة والمطلوبة هي العلمانية والحداثوية والمدنية في ظل الحرية والعمل على ضمان العدالة الاجتماعية والاقتراب من المساواة، اضافة الى التعبئة المستمرة المطلوبة من اجل قطع الطريق امام المشوشين والمتجاوزين، وهذه من اهم مهام السلطة والنخبة المتنوعة على حد سواء . ومن هنا يمكننا ان نقول انه  رغم التشاؤم المسيطر الا اننا نعتبر انفسنا قد عبرنا مرحلة صعبة ومعقدة وهي البداية للرحلة الطويلة الامد . 

 

 ............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1148 الثلاثاء 25/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم