أقلام حرة

ما هي المعارضة الحقيقية في الدولة الحديثة

ولم يترسخ فيه مفهوم السلطة الحقيقية واطرها ومساحتها، لا بل لم يصنف لحد اليوم من هم فيها ام خارجها،هذا ناهيك عن المعارضة التي هي لحد الان في طور التكوين .

 

 وكما هو المعروف ان المعارضة الحقيقية بمعنى الكلمة لم تبرز او تنبثق لحد الان، التي هي ركن مهم من اركان الدولة الديموقراطية الحديثة، بل ما نشاهده ان الكل يتلهف للاستحواذ على السلطة فقط وكأنها هي المطلوبة فقط في خدمة البلد، وهذا له اسبابه الموضوعية والذاتية العديدة، اي اننا لم نجد معارضة حقيقية ايجاية متخذة لمواقفها المفروضة استنادا على ما يتطلبه الوضع السياسي العام بل نلمس تحركات البعض وهو في صلب السلطة في يوم ويحسب نفسه معارضة في يوم اخر ان لم تنفذ متطلباته،و يضرب المصالح العليا عرض الحائط مهما كانت النتيجة ان تضاربت مع مصالحه الخاصة وهو بعيد جدا عما يهم الشعب بشكل عام، من الحفاظ على الامن الوطني وما يهم المجتمع الذي يتشدق به، ويتصرف عمليا عكس ما يدعيه، ويتحول الى عبد مؤمن في حال نفذت مطاليبه ويغير مواقفه وارائه عنندئذ . خلاصة القول، ان ما يحكم الجهات ويفرض عليهم مواقفهم ويحدد لهم مواقعهم هو المصالح الحزبية الضيقة، وهي ما تفرض عليهم ان يقفوا في الوسط احيانا اي رجل في السلطة واخر في المعارضة حسب العلاقة مع الجهة التنفيذية، وفي احيان اخرى يوازنون بينهما وحسب الوقت والمتغيرات والاحداث والمستجدات في الاوضاع السياسية .

 

 ان الشروط المعلنة لمن هو في السلطة واضحة وبسيطة ايضا، اي هو من يدير الحكم وينفذ اجندته وبرامجه بالسبل الممكنة والامكانيات المتاحة وبفكر وفلسفة ومنهج معين يستند على الدستور كقانون اساسي ودليل عمل السلطات . اما المعارضة الحقيقية التي تعلن بكل صراحة انها تؤدي واجباتها وتعمل على تحقيق اهدافها من موقع المعارضة وتعلن عن مواقفها وارائها تحت قبة البرلمان ويعلنها في وسائل الاعلام بشكل شفاف ومتناسب مع الاطر والحدود التي عينها القانون، فتكون لها ارائها في كافة الاحداث وما تصدر من القرارات وتعبر عنها بمواقف بما تتناسب مع ارض الواقع وطبيعة الحياة السياسية والظروف العامة والمرحلة التي يمر بها البلد، وهدفها الانتقالة من مرحلة لاخرى والسير نحو الامام . والشرط الاهم هو الاعلان عن عدم اشتراكها في الحكومة وبقائها كمعارضة لتحدد النواقص والسلبيات وتعلن عن البديل المناسب عنها حسبما تعتقد هي، وهذا مهام اهم من عمل الحكومة بذاتها، ويجب ان تكون ثابتة في المواقف غير مهتزة بحيث مصداقيتها من قبل الشعب واقفة على عدم تساومها من اجل اهداف ضيقة . والمعارضة الحقيقية الايجابية الثابتة الموقف تنبع وتنبثق من الواقع وتعبر عن الراي العام المعترض عن القرارات وافعال السلطة او تطرح راي او موقف واجب الوجود، وتكون المعارضة كيانا او تشكيلا او تيارا او حزبا له مهامه الرئيسي العام الذي تشترك فيه مع السلطة وهو خدمة المواطن وتقدم البلد من كافة مجالات الحياة السياسية الاقتصادية الاجتماعية الثقافية، وتتبع طرقا وسلوكا تقدمية وتعتمد الديموقراطية في تحقيق الاهداف الحقيقية . اما ما نشاهده وللاسف في هذه المنطقة من المعارضة المتشددة وفي اكثر الاحيان تتجه الى القمع والخشونة والاعتداء على المال العام وكأنه ملك للسلطة، اي تتجه الى السلاح بدلا من اللسان واللغة والتعبير العصري والموقف الحاسم العلني الصريح، وهذا كله له اسبابه الموضوعية من الترسبات التاريخية والمستوى الثقافي وانعدام الخبرة والتجربة في الادارة الحديثة للبلاد، اضافة الى سيطرة المصالح الذاتية وممايتمتع به الفرد من الصفات الشرقية المسيطرة على الفكر والعقلية التي تدير الوضع وما فيه من السلطة والمعارضة ايضا .

 

 

 

 

في المثقف اليوم