أقلام حرة

الورود عمرها قصير / صادق غانم الاسدي

عقارب الساعة وتكون ثقيلة ذات وطأة تنخر فيها من شكل الإنسان، وقليلة جداً اللحظات السعيدة وفي بعض الأحيان لا ندركها لسرعة مرورها كالوميض إلا أنها تبقى في الأذهان لقلتها وندرتها،  مايجري اليوم في العراق بلد الخيرات والسلام والطوائف المتجانسة وخصوصاً بعد فترة الانفتاح السياسي والديمقراطي منذ عام 2003 ولحد كتابة هذا الموضوع، شهد صراعات وسرقات وانتقام وفساد أخلاقي وعناوين لجرائم كان لها أن تدون بأقلام على صفحات سوداء في سفر التاريخ لشدة مفتعليها وقساوة قلوبهم وتفننهم في قتل الإنسان بأبشع صور الأجرام، ولم نستثمر التغيير والانفتاح لبناء شخصية الفرد العراقي والبنية التحتية المهدمة من قبل نظام البعث القاسي الذي وضع سياسات التفرقة والصراعات المذهبية المبطنة ومن جانب واحد فقط،  نعم أن هنالك جوانب مضيئة وبناء وتطور في ميادين واسعة ولكنها لم تكن بالشكل المطلوب ولا تحقق الغرض المنشود خلال فترة ثماني سنوات ولو أجرينا مقارنة مع ماحدث من تطور في الصومال أو أي دولة أفريقيّة لا تمتلك قوة اقتصادية فأنها تتفوق علينا بأكثر من جانب،  أن سبب التطور والبناء وانتشار الثقافة وتحسن الوضع الاجتماعي والصحي لايمكن أن يتم ألا عن طريق الأمن الذي هو عصب الحياة، والأمن مسؤولية تضامنية يشترك فيها كل الخيّرين لمحاربة الجريمة وكشف المفسدين والتبليغ الفوري عن المخربين والغرباء لتحجيم جرائم الإرهاب وتوسيع دائرة الخدمات،  وكلاً يعمل ضمن موقعه بالتصدي إلى الحقبة الماضية وان يقف سدا منيع بوجه الصداميين والبعثيين من القتلة فقط وان نمييز بين صيحات الشعب ولا ننتبه لما يردده بعض المسؤولين وهم من أصحاب القرارات العليا في الدولة كقولهم يجب أطلاق سراح المعتقلين وسنخرجكم من هذه الشوارب ... إلى كلمات ليس لها نهاية،  ولم نسمع منهم عبارات تقول أطلاق سراح الأبرياء فوراً وأنا مع كل صرخة تقول يجب أطلاق سراح المعتقلين الأبرياء،  بتاريخ 26/5/2011 اغتالت يد الغدر والإرهاب الجبانة برفقة التكفيريين الشهيد علي فيصل اللامي المدير التنفيذي لهيئة المساءلة والعدالة في شارع القناة بسيارته الشخصية وبرفقة سائقة وبدون موكب حماية  وهو وردة من ورود العراق التي جمّلت معنى الحياة وأزهرت لتعطي عبق ثرى الخالدين كما أصبح غصنها سداً منيعاً خلال تسلمه الواجب المقدس،  وفي اليوم الثاني شيع إلى مثواه الأخير في النجف الاشرف تحت صيحات تطالب القصاص من القتلة،  الشهيد علي اللامي كان من المثابرين والناشطين في عمله ولم يتأثر بالمغريات المادية ولم يظلم أي احد لأنه كان شخصية تعرف الله ورسوله وال بيته، الميزان عنده الإصلاح والفساد،  كما اعتبر استشهاده خسارة لرمزٍ وطنيٍ متمثلٍ بمحاربة البعثيين الصداميين والظلمة ومنعهم من الولوج إلى مؤسسات الدولة وكان يقف لهم بالمرصاد ولم يسمح أن يثلموا لبنة من لبنات بناء العراق الجديد وتلك مسؤولية شرعية  على الجميع تحملها للسير بالطريق الذي انتهجه الشهيد البطل،  وفي الوقت الذي اعتبر استشهاده على يد العناصر الإجرامية هي رسالة مفادها أن الصداميين والبعثيين يسعون بإرجاع العراق إلى عصر الاضطهاد والظلم الطائفي ولم يؤمنوا بالحوار والمسامحة والتداول السلمي للسلطة،  لذا فأن مسؤولية الجميع في هيئة المساءلة والعدالة التصدي والثبات على منهجية اللامي رحمه الله،  لان قتله هو أيضا تحدي وناقوس خطر ينذر بأن البعث ألصدامي لايؤمن بالتغيير وبالعملية السياسية و يسعى باستمرار لأن يضع العبوات والمفخخات على طريقها،  وخلال تشيع جنازة الشهيد علي اللامي صرح سكرتيره الخاص بأنه سيكشف في مؤتمر صحفي أسماء السياسيين والمتنفذين بالدولة الذين قاموا بتهديد اللامي،  سيبقى الشهيد اللامي وغيره من  الشهداء الأبطال  في ذاكرة الشرفاء ومنابر الحق لأنهم أحياء عند ربهم يرزقون .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1775 الاربعاء 01 / 06 /2011)

 

في المثقف اليوم