أقلام حرة

البراءة فوق الكفاءة والنزاهة / حافظ آل بشارة

ولكن على الارض لم يعرف الشعب العراقي من اهل الكفاءة والنزاهة الا القليل، الذين يخشون ان يتخطفهم الاعداء، فهم غرباء مطاردون فطوبى للغرباء، كان آخرهم ذلك الفتى الشهيد الذي يقال له علي اللامي الذي قتلوه لانه عمل بجهد شخصي فناهض الجريمة وفتح ملفات المجرمين وكشف حقائق كبيرة واراد ان تكون الكلمة العليا للقانون، عندما شيعوه الى مثواه الاخير لم يحضر احد من النزيهين وغير النزيهين جنازته، ولم تبك عليه البواكي مثل بقية الراحلين، ولم تتوشح الفضائيات لاجله بخط اسود، لكن الذين اخترعوا مثلث الكفاءة والنزاهة والمهنية نسوا ان يضيفوا ضلعا رابعا هو البراءة الجنائية والترفع عن الكواتم الوطنية، في هذه الايام نسي الناس الكفاءة والنزاهة والمهنية واصبحوا يطالبون بانقاذهم من الجريمة المنظمة عندما تتخذ مؤسسات البلد سندا لها، المجتمع مستعد للتعايش مع الفاسدين والفاشلين لكنه عاجز عن التعايش مع المجرمين، يعتقد الجمهور ان المواقع وزعت على الكتل وفق المعايير الانتخابية وما تفرزه التوافقات، لكن معلومات الكواليس تثير الرعب وفيها الكثير من التهكم على الرأي العام، اذ يتندر بعض الساسة الظرفاء في مجالسهم الخاصة بأن البعض نال موقعا في الدولة لا لاجل كفاءة فيه ولا نزاهة ولا سابقة بل من أجل اتقاء شره فهو قادر على الحاق الاذى بالبلاد والعباد، انها (الخاوة) السياسية، صناديق العبوات وليس صناديق الانتخابات، عندما تظهر الحقائق القضائية بشأن سير الجريمة في العراق ويعرف القاتل والمقتول يأتي دور القضاء واللجنة المختصة في مجلس النواب، فأما ان تكون المعلومات المتوفرة صحيحة فيساق الشاكي والمشكو ليأخذ كل حقه واما ان تكون الاخبار باطلة فيعاقب المفتري الكذاب، فالصمت القضائي ليس موقفا، الصمت يؤدي الى تعزيز سلطة غير الصالحين لادارة هذا البلد ممن يفتقرون للكفاءة والنزاهة والمهنية والبراءة الجنائية، يزدادون قوة وسطوة ويزداد المخلصون انزواء وادبارا بين من يلتهمهم الكاتم الوطني، والمقتولين دورا، والمستقيل على طريق الانزواء، الوقت ضيق ولا بد من اصلاحات حقة، المطلوب عهد مشترك بين الكتل على العمل معا وبجدية، فقدان الثقة هو العائق الاكبر ومنبع الانحراف، اين المكاشفة الشجاعة ؟ لماذا لايعلن كل طرف مخاوفه مصدرها وتفاصيلها وكيف تعالج، اذا اشترك مزارعان في دونم حنطة لا يمكنهما الاستمرار معا حتى يوم الحصاد ما لم يفرغا قلبيهما تماما من سوء الظن المتبادل، فكيف يدار بلد وشعب في ظل كل هذه المخاوف المتبادلة والتعبئة السرية المتقابلة وبكل هذا النفاق الخطابي ؟ من يعتقد انه يكون الرابح الاخير في هذا التدافع المخجل فهو مخطئ لأن (العاقبة للمتقين) قانون الهي، لو ان الجميع اتقوا الله في انفسهم وبلدهم لكانت لهم العاقبة فهل من مدكر ؟  

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1775 الاربعاء 01 / 06 /2011)

 

 

 

في المثقف اليوم