أقلام حرة

علاوي ولغة التهديدات...هلا جرب لغة السياسة؟ / حسين حامد

نجد ان الدكتور علاوي لا يريد ان يصغي ويضع في حساباته ان الطموح وحده لا يكفي لتحقيق الامال، وخصوصا عندما يكون تحرك السياسي ضمن اطر العلاقات السياسية التي يعتبرها شعبنا كنوع من المحرمات، "كالانتماء للبعث والعمالة للاجنبي والاتهام بالارهاب مثلا" حيث يتعذر على الشعب والدستور من غفرانهم أو التجاوز عليهم . فتلك خيانات للوطنية بعرف جميع شعوب العالم . والايمان بمثل تلك الاطاريح الشاذة والاصرارعلى ممارستها ومحاولة جعلها طريقا في الحياة السياسية رغم تقاطعها مع أي طموح، من شأنها وكما يحصل على ارض الواقع، ومن خلال عناد علاوي بعدم التراجع وابدائه المرونة والاحترام المطلوب لمنطق وظروف المرحلة السياسية جنبا الى جنب مع الكتل السياسية الاخرى والسير عاى منطق القيم والمعايير التي نريد لشعبنا الابي ان يعتنقها كقيم لعراقنا الجديد، من شأن كل ذلك أن يجعل تحقيق ألاماني السياسية للدكتورعلاوي أمرا مستحيلا . وسيبقى طموحه كالمريض الذي لا يرجى له شفاء.

 فبدلا من أن يحاول دكتورنا إسدال الستار على ماضيه ويطلب الغفران من شعبه كرفيق لنظام الخزي والذي انتهى قاذفا به التاريخ في أقذرمزابله، وبدلا من أن يختار الدكتور علاوي طريق الوطنية لخوض معترك الحياة السياسية بهدوء وعقلانية وأخلاقية سياسية عليا، نجده يتواصل في التزامه واعتماده على اجندات حزب البعث الفاشي الذي يحاول بكل الجهود تهديم صرح المنجزات الديمقراطية من خلال دعمه الشخصي ودعم كتلته في تضامن مطلق مع أتباعه من السادة طارق الهاشمي وظافر العاني وصالح المطلك واسامة النجيفي ومشعان الجبوري وغيرهم ممن أثبتوا من خلال مواقفهم اللاوطنية وطروحاتهم الوضيعة ما يضمرونه لشعبنا من الاحقاد والضغائن والمؤمرات. وفي الوقت الذي يعلم علاوي ورهطه هذا، ان العراق لم يعد فيه ما يؤهلهم لاعادة مأسي الماضي وما عاناه شعبنا من المقابر الجماعية والحروب المستهترة ووسائل التعذيب والارهاب وعبودية للعراقيين وبما قد يمنون به هؤلاء أنفسهم بعودة حزبهم الطغموي الذي ما يزالون منتمون اليه، نجد ان تجمع الشرهذا لا يبالي في تبني محاولات التخريب للمسيرة الديمقراطية وبطرق شتى في عراقنا الجديد وهذا أمر لا يغفره شعبنا لاعدائه وان ظل قائما الى حين .

فعلاوي وكما عرفناه وكما هو دائما، ذاك السياسي الغارق في غروره ومغالطاته لنفسه من خلال استمراره في الاعتقاد من أنه "خلق" ليكون رئيسا للوزراء !!. وهذا الشعورالمعتل خلقه في ذاته "بريمر" سيئ الصيت، وقد أساء به كثيرا اليه من خلال تعيينه رئيسا للوزراء ولبضعة أشهر تحت ظروف الفوضى التي أعقبت سقوط النظام المقبور . في حين، أن اختيار علاوي ذاك لم يعتبره الشعب العراقي يومها سوى غلطة كبرى نتيجة لما عاناه العراقيين تحت ادارته من اغتصاب لارادتهم وصهره للقيم الاجتماعية التي عانت من التشويه، فكان ذلك العهد مجرد صفحة اضافية وامتداد النظام المقبور نتيجة ما عاناه شعبنا من إنطلاقة الفساد الاداري دشنته حكومة علاوي وما يزال يهيمن على الحال القائم مستمرا بطريقة ممنهجة منذ ذلك الحين. وإن كنا لا ننفي وجود الفساد في النظام البائد، ولكن فترة علاوي لا تقل قباحة وبشاعة من ناحية الاستهتار وضعف ألاداء الحكومي والتساهل الرهيب مع الفساد الاداري والمفسدين من الوزراء والمسؤولين الحكوميين .

من جانب اخر، لا أجد نفسي قادرا على تفسير (الظاهرة العلاوية) هذه، والتي تجعل رجل سياسي (عراقي) يحتفي علنا بانتمائه الى المخابرات السعودية وغيرها من الدول الداعمة للارهاب والتخريب في العراق من دول الجوار؟ ففي الوقت الذي نجد فيه أن دكتورنا متحالفا مع شراذم البعث و بعض الكتل الاسلامية ممن فقدت مصداقيتها وتعرت اهدافها في ابتعادها عن المسيرة الجديدة متضامنة مع من أعمتهم أحقادهم على شعبنا فراحوا يبالغوا في تدميرهم لشعبنا ويتصدون لاغتيال الخيرين الوطنيين من ابناءه، نجد الدكتور علاوي يتهافت في علاقته مع دول كالسعودية وسوريا وقطر ودول اخرى واضعا اياهم كقبلة له مع علمه بعدائها لشعبنا، ثم بعد كل تلك المواقف نجد علاوي ما يزال يطمح بدعمه من قبل شعبنا من اجل وصوله للحكم !!!

ومن خلال وجهة نظر التحليل النفسي، يمكن أن تكون الاسباب في رمي الدكتور علاوي نفسه في أحضان تلك الانظمة المعادية لمسيرة العراق الجديد بالاضافة لما توفره له من دعم مادي، فأنه يمكن أن يجد أيضا نوعا من أمان ذاتي توفره له تلك العلاقات التي يحرص على جعلها ان تبدوا أكثر أصالة من علاقته بوطنه وشعبه. حيث يتعامل معها بعلانية وطبيعية غير عابئ بكل قيم للوطنية كملاذ له نتيجة اعتقاده انه أكثر انتماءا لتلك الدول التي (تعرف) قدره بشكل أكبر من العراق، وقادرة على توفير ما لا يستطيع شعبه ووطنه العراقي ان يوفر له بغض النظر عن كل امتهان وطني وشخصي مشين له. ناهيك عن شعوره بالاشباع المعنوي الهائل وفي عظمة شخصيته نتيجة جلوسه بين الملوك والرؤساء، حيث أن شيئا كهذا كفيلا أن يوقد في دواخله ألاعتقاد أن مكانه الطبيعي بينهم، وأنه هو أيضا جديرا بأن يكون ملكا أو رئيسا . فنرى كل ذلك من خلال سلوكه ألمبتعد دائما عن وطنه ومفضلا زيارات لا تنتهي لدول اجنبية بسبب انه يعلم جيدا ان وطنه لا يوفر له الولاء المطلوب،من خلال التعامل معه مجرد مواطن وواحد من السياسيين وهذا ما لا يرضاه علاوي لنفسه . ونتيجة لذلك الشعور نجد أيضا انه من السهل ان يلجأ الدكتور علاوي إلى التهديد بالانسحاب من العملية السياسية بين الحين والأخر، معتقدا انه قادر على تخريب المسيرة السياسية في محاولة لاثبات ذاته فضلا عن كونها هدفا يخدم اسياده .

وفي هذا الاسبوع، نجد السيد خالد الاسدي عضو دولة القانون وفي معرض تعليقه على التهديدات الاخيرة لعلاوي في محاولة للتغطية على مطالبة الكتل السياسية لأجراء تحقيق مع علاوي ومع كل الأسماء التي وردت باعترافات الإرهابي فراس الذي ينتمي الى الكتلة العراقية واعتقلته القوات الامنية بعد ارتكابه مجزرة لحفلة عرس حيث ورد اسم علاوي ضمن اعترافات المجرم فراس، قال الاسدي: ("تصريحات علاوي الأخيرة لا علاقة لها باتفاقات اربيل، إنما جاءت للتغطية على قضيتين الأولى، هي الاستباق على الإجراءات التي سيتخذها رئيس الوزراء نوري المالكي بعد انتهاء مهلة الـ100 يوم، والثانية للتغطية على إجراء تحقيق معه ومع كل الأسماء التي وردت باعترافات الإرهابي فراس العضو في القائمة العراقية والذي اعتقلته القوات الامنية وورد اسم علاوي ضمن اعترافاته". ولفت عضو دولة القانون السيد خالد الاسدي إلى "وجود مطالبات بإجراء تحقيقات ومعرفة مدى علاقة علاوي وأثرها في العمليات المسلحة التي نفذتها المجموعة".

فكيف نتوقع من أولي ألالباب القبول بسلوك شخص سياسي كعلاوي أو دعمه والدفاع عن طروحاته الغريبة ؟

فكما هو معروف أيضا، أنه عند كل فشل يواجهه الدكتور علاوي في مفاوضاته مع الكتل السياسية الاخرى ولا يصل الى مبتغاه وتحقيق طموحاته، يحلوا له اطلاق التهديدات بين الحين والاخر. والدكتورعلاوي لا يهمه ان يبدوا فظا في تعامله مع الكتل السياسية وكأن الجميع بالنسبة له مجرد نكرات وهو المثل الاعلى للجميع، معتقدا ربما ان هذه الكتل لا تمتلك خبراته او حصافته او نفوذه في الخارج ولا حول لهم ولا قوة امام تهديداته . فقد ذكر التحالف الكردستاني ان على علاوي الكف عن (اصدار ألاوامر) للكتل السياسية والتحلي بروح سياسية رياضية مع الجميع . ولو أردنا استقراء دوافع تهديدات علاوي تلك لوجدناها تخفي بعض الحقائق التي يمكن ان تقودنا الى احتمالين رئيسيين :

الاول : من اجل ان يكون للدكتور علاوي مصداقية في قدرته على التهديد، ينبغي عليه امتلاك القوة والقدرة الكافية عمليا من اجل اثبات تهديداته للشعب والحكومة والكتل السياسية. ولكن ذلك لايمكن ان يتحقق الا من خلال ارتباط الدكتور علاوي بشبكات الارهاب. وهذا يعني ان ما يحصل من اغتيالات بالاسلحة الكاتمة للضحايا العراقية هي ربما جزءا من تلك القدرة الفعلية التي يهدد بها علاوي . وأنه احد خلايا الارهاب المتوشح بحلة سياسية يجعل منها غطاءا للارهاب الذي يمارسه . وان الدكتور علاوي قد يكون متورطا في الارهاب المستمرة ولم ينقطع عن تدمير شعبنا وزعزعة الاستقرار من خلال تسخيره لتلك الشبكات الارهابية المجرمة بالخفاء حتى فضحته اعترافات المجرم الارهابي فراس العضو في القائمة العراقية. وعليه فأن احتمالية امتلاك الدكتور علاوي لعلاقة مع ميليشيات ارهابية يعتمد عليها (عند الضرورة) ويستطيع من خلالها وكما يعتقد من قلب موازين القوى لصالحه في حالة وصول محادثاته مع الكتل السياسية الى طريق مسدود فيما يخص المجلس الاعلى للسياسات الاستراتيجية أو غيرها كما هو الحال القائم مع ميليشيات السيد مقتدى الصدر، أصبحت قضية أكثر احتمالية في تفسير تهديدات علاوي . اذن فالدكتور يرتبط بشبكات الارهاب وعلى السيد المالكي والبرلمان اتخاذ الاجراءات التي من شأنها اثبات أو تبرئة علاوي .

والاحتمال الاخر هو ان الدكتور علاوي قد يطلق تهديداته جزافا من اجل التخويف والترهيب ويستخدمه كنوع من متنفس للضغوط التي يتعرض لها عند فشل محاولاته تحقيق اهدافه السياسية. ولكن في هذا الاحتمال يمكن ان تكمن مخاطرة. ففي تبني مثل تلك التهديدات، من شأنه ان يتسم بنوع من سذاجة وخصوصا تحت ظروف ما يزال فيها الارهاب أمرا حقيقيا وقائما. فوقوع الجرائم الارهابية من شأنه ان يشير باصبع الاتهام الى الدكتور علاوي وعليه أن يتحمل نتائج تهديداته تلك .

وختاما، على الدكتور علاوي ان يتذكر انه بنظر شعبنا غير مؤهل لما يطمح اليه لتورطه في قضايا أشرنا اليها بوضوح في بداية المقال هي في الحقيقة بعيدة جدا عن القيم التي يطمح شعبنا ان تكون منهاجا لعمله الحياتي والسياسي من اجل بناء العراق الجديد . وعليه أيضا أن لا ينسى عند اطلاقه تهديداته، ان العراقيين الذين تحملوا أقسى انواع العذاب والقهر والقتل والموت، لم يترك لهم الزمن ما يخشونه حتى من الموت نفسه. فتجربتهم المريرة في حياة مفعمة بالاسى، ولله الحمد لم تكن سوى اصرارا أعظم على السير الى الامام . في نفس الوقت أن لا مكان في عراقنا الجديد لمن تسول له نفسه تهديد الشعب، ممن يتعدون حدودهم، وممن لا ينظرون الى القيم الوطنية بالاحترام والاعتبار المطلوبين . 

 

[email protected] 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1778 السبت: 04 / 06 /2011)

 

 

 

في المثقف اليوم