أقلام حرة

هل تاثرت الثقافة في الشرق الاوسط بالازمة المالية العالمية

واغلقت البنوك والمصانع وحدثت الركود الاقتصادي العام، وبه تاثرت الثقافة بشكل عام من بين المجالات العديدة الاخرى وتغير مسارها واحست الناس بمدى الجمود في العملية الثقافية، والدليل انخفاض نسبة مبيعات الكتب بشكل كبير وتاثرت الجامعات والمعاهد العلمية والمراكز الدراسية المعتبرة بشكل سلبي وانخفض مستوى انتاجها، ولم تنتعش الحالة رغم مرور وقت غير قليل عليه . اي العلاقة الجدلية الواضحة بين الاقتصاد والثقافة ومستوى حياة المجتمع قد اثبتت صحتها مثلما تؤكدها اليسارية قبل غيرها، وحتى الفنون والادب والفروع المتعددة المنبثقة منها لم تواصل تقدمها كما كانت من قبل وفي السنين السابقة، وهذا ما يجبرنا ان نبين ونوضح ان الراسمالية ادركت مدى غوصها في الاخطاء واستمرارها في نهجها على الرغم من التحذيرات المتعددة لها هنا وهناك، واليوم تاكدت من مدى الخطا الذي اقترفته في سياساتها ونهجها العام وما تعبر عنه فلسفتها واثرت بشكل مباشر على العالم اجمع . مَن يقارن بين الغرب والشرق من النواحي كافة وبالاخص الثقافة وما تحويها وتاثيراتها على المجتمع وما مؤثر فيها يتلمس الفرق الواسع في حدة التاثير بينهما وربما في بعض المناطق لم نلاحظ ولم نلمس التاثيرات الا بشكل طفيف جدا، وهذا له اسبابه، واهمها انخفاض المستوى الثقافي العام في المنطقة وانعدام الالمام والاهتمام بهذا الجانب لو قورن مع الغرب وما يتصفون . ونظرا لانخفاض نسبة القراء وانشغال اكثرية افراد المجتمع بالامور الثانوية من اجل تامين لقمة العيش وضروريات الحياة، فان المستوى الثقافي ثابت على حاله ولم يتغير الا على افراد المجتمع على انفراد وعلى مستوى شخصيات وما يبرز من المبدعين . وما يعانيه الغرب من الازمة المالية وتاثيراتها على ثقافته العامة وطرق تقدمه لم يُحس به هنا على الرغم من وصول الافرازات السلبية للازمة على الحياة العامة الى المشرق وتاثر اقتصاده بها مما اعاق التقدم العام لاقتصاد المنطقة، ولكن الثقافة العامة كما هي على حالها ونسبتها ثابتة لم تترنح من مكانها .

 

نظرا لاختلاف اهتمامات الناس بين الشرق والغرب ووجود العقد والمشاكل والقضايا الكثيرة التي تشغل المواطن اكثر من اهتمامه بالفن والثقافة هنا، هذا ما يدعنا ان نعتقد ان النتيجة تكون لصالح التقارب في مستويات شعوب المنطقة على الرغم من السلبيات، وعند انتعاش الحال سوف يستمر التقدم وتزاح العواقب .

 

التاريخ يدلنا على ان المسيرة كانت هكذا منذ القرون الغابرة، تقدمت منطقة وبقت اخرى على حالها واستفادت من الاخرى لحين وصول الحال في بعض المراحل الى انقلاب الامور وتغيير المستوى، ولكن اليوم، لازال الغرب في الطليعة من كافة النواحي ومنها الثقافية ولا يمكن ان نعتقد بانه سيبقى على حاله ويتاثر بالركود الاقتصادي ويكبحه من النواحي كافة، ولكنه يمكن ان يتجاوز الازمة. وما يمكن ان نقوله هو انه على الغرب ان يعتبر من الازمة ومثلهم الشرق. وعلى الشرق اعادة النظر في مسيرة الحياة العامة والاهتمام بالثقافة العامة كاولى الاولويات ويجب ان يكون العمل الرئيسي له هو الاهتمام بالمبدعين، ويصر على تحقيق الاهداف التي تحتاج لطرق وبرامج واستراتيجيات وعقليات من اجل الوصول الى مستوى مقنع وقريب من الغرب، والتقدم الاتصالاتي العام يسهل الامر على المواطنين في الشرق من اجل ان يسلكوا الطريق السهل والعلمي الدقيق، لرفع المستوى الثقافي العام في هذه المنطقة . وقبل اي شيء، علينا ايجاد الوسيلة الضرورية لابعاد الافرازات السلبية للنظام الراسمالي العالمي وهفواته وشطحاته وسلبياته واتباع مناهج وفلسفات التي تفيد المنطقة والعالم بعيدا عن الجشع الاقتصادي الراسمالي العالمي واهدافها اللاانسانية، ويمكننا ان نقول عند النظر في الوضع العالمي العام، رب ضارة نافعة .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1156 الاربعاء 02/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم