أقلام حرة

فلسفة التربية والتعليم بين السياسة والواقع الشرقي

وهناك اختلاف واضح في القيم والمباديء التربوية بين المواقع المختلفة في الشرق، الا ان الانتاج والتقدم والابداعات قليلة ومتقاربة الى حد كبير في الشرق ولا تقارن مع الغرب، وكذلك في النظام التربوي العام نحس بشيء من الاصلاح مع تغيير طفيف في المناهج، الا انها لم تصلح بعض منها لمواكبة العصر من التقدم السريع الحاصل في كافة المجالات .

 

 رغم شدة العمل في السلك التربوي وسيطرة الخوف والخشية على طالب العلم والاعتماد على الحفظ والاملاء دون الفهم وهو ما يقلل من فرصة الابداع والاختراع لاسباب عديدة، الا اننا نلاحظ انخفاض المستوى العلمي مع الانفتاح في هذا المجال وما يؤدي الى الفلتان في كثير من الاحيان .

 

انما انا بصدد الاشارة اليه هنا هو المنهج العلمي والادبي في سلك التربية وتاثيرات السياسة والسلطة والواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي على المسيرة التربوية والتعليمية وما كان يُعرف سابقا بالمعارف والارشاد، واسماء عديدة اخرى في مراحل مختلفة من تارخ المنطقة .

 

ان التربية بجميع مفاصلها تابعة للحكومة، وهي التي تديرها وتحدد الخارطة التعليمية لعملها واهدافها، والاهداف السياسية والفكرية والفلسفية والايديولوجية هي التي تكون واضحة المعالم ومرسومة في ثنايا عمل والوسائل العلمية والمناهج العامة في التربية والتعليم وما فيهما وما يخصهما، بحيث اية مرحلة تاريخية مرت يمكننا ان نتعرف عليها من خلال القاء الضوء ومشاهدة ملامح ما انعكست السياسة العامة للسلطة فيها من خلال التدخل في تفاصيلها، وهو من اهم الاسباب المؤثرة على طريقة العمل التربوي ومسبب رئيسي لتاخرنا وبقائنا على هذه الحال وفي المقابل تقدم الغرب علينا من كافة نواحي الحياة.

 

اعادة النظر في النظام التربوي العام وفلسفة التربية والمناهج من اهم الاعمدة والركائزالاساسية للاصلاح والتغيير في اية بقعة من العالم ومن كافة النواحي العلمية الثقافية الاقتصادية السياسية الاجتماعية، و في كيفية مواكبة التقدم المستمر الحاصل في العالم .

 

ان الواقع وما موجود فيه معلوم، و هو في اكثر المراحل التاريخية ثابت الى حدما ولم يحدث التغيير الملحوظ فيه الا بشكل بطيء وفي فترات طويلة، وهو ما يتسم بالوضع الاجتماعي المليء بالعادات والتقاليد والترسبات التاريخية وفيه من الثقافة العامة متذبذبة المنحنيات والاقتصاد المتخلف لحد الان رغم وفرة الموارد الطبيعية في المنطقة بشكل كبير.

 

ان من الملاحظ هنا افتقار السلك التربوي والتعليمي لاستراتيجية رصينة ذات اهداف واضحة ناظرة الى الافق البعيد، ويتصف بعدم وجود الخطط البعيدة المدى الناجحة المركزة على النسبة العالية من احتمالات النجاح، بل الاهداف السياسية هي التي تفرض ما ليس في صلب مصلحة التربية والتعليم الخالص . رغم المحاولات العديدة لترقيع الفلسفة التربوية هنا وهناك دون الاعتماد على الاصلاح والتغيير الجذري والاهتمام بالجانب النظري وعدم اتخاذ اية خطوة في سبيل اتباع العمل التطبيقي والتجريبي الذي هو الطريق القويم الصحيح لتقدم هذا المسار .

 

تدخٌل السلطة بكل قدراتها في هذا الجانب له افرازاته السلبية الكثيرة والتي تفرض اراءا وافكارا لمصلحتها وبالاخص في المناهج الانسانية والادبية وهذا ما يقيٍد العمل ويعقد الامور ويحدد من الحرية التي يجب ان تتمتع بها التربية والتعليم العام .

 

 ومن جانب اخر، يلاحظ وبشكل كبير الاستناد على السلوك والاساليب التي تفيد السلطة على حساب ما تتطلبه التربية والتعليم من الجانب العلمي، وما مفروضو من الواجب هو الاعتماد على الاختصاصات والتعاون العام والاحتكاك مع الدول المتقدمة، ومن جانب اخر العدالة والمؤسساتية في تعين وتحديد الكوادر والتعامل معهم مع ضمان الوضع الاقتصادي المريح لهم، وما يزيد من الصحة النفسية للتدريسيين هو تامين حياتهم وضمان نجاحهم وتقديم ما لديهم اعتمادا على كفائاتهم العلمية ومحاولتهم المستمرة لامتلاك المعلومات والخبرات العلمية الحديثة ليتواصلوا في التقدم .

 

 المهم هو انقاذ هذا الجانب وتوفير الاعمدة الرئيسية لتقدم اي بلد من خلال التربية والتعليم التقدمية العصرية الصحيحة من دون تدخل وسيطرة سياسات السلطات السياسية، و اخراجه من الوحل وتحريره من المعوقات الاجتماعية الموجودة على ارض الواقع باتخاذ اجراءات عملية واعتماد فلسفات تقدمية ومناهج علمية حديثة واساليب تعليم ملائمة بكل ما فيها من التغيير الشامل الكامل .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1156 الاربعاء 02/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم