أقلام حرة

حقوق الانسان من خلال ظاهرتين ... / حسين حامد

فمن خلال متابعتي لفلم الفيديو عن الارهابي المجرم الخسيس فراس فليح الجنابي عند ارتكابه للمجزرة الجماعية لزفة عرس الدجيل المكونة من 70 شخصا من رجال ونساء وأطفال، وفي سلوك اجرامي بشع وشنيع لم يكن أبدا من بين ما اتصف به شعبنا من اخلاقيات الماضي ولما كنا نتفاخر به من أننا حملة القيم الانسانية ورمز الاباء والشمم والغيرة والرجولة . فالمجرم فراس فليح الجنابي، هذا الذي ينتمي الى العراق إسما فقط، فلا أخلاقا له ولا قيما يمتلكها . وعراقنا ألاشم بريئ من هذه الحثالات المجرمة، فقد نفذ مجزرة لا يمكن نسيانها أبدا ضد أبرياء من اطفال ونساء ورجال، وهي جريمة لايستطيع القيام بها إلا من تخلى عنه ضميره وشرفه ورجولته . إلا زنيما رضع من صديد الرذيلة وتربى في احضان الفحشاء، من لا يهمه حمل العار ولا تهز وجدانه النخوة، من اتخذ من طريق الغي سبيلا، من لعنه الله سبحانه وجعل منه شيطانا غادرا في هيئة انسان .

فعندما يعمد مجرم ارهابي كفراس الجنابي الى ارتكاب عمليات قتل وتمثيل سادي ومجنون لجثث الضحايا العراقييين ألابرياء ويمارسها بشكل مبالغ فيه في البشاعة لاطفاء لهيب كراهيته وارضاء شرور مقت دواخله العطشى للقتل والاجرام ضد العراق والعراقيين، فاختار ضحاياه من أناس ابرياء كانوا يحتفلون في مناسبة كريمة لأقامة اقدس الرواباط الانسانية في الحياة بين عريس وعروسه. والمناسبة وكما هو معروف، هي تقيدا حياتيا كواحد من افراح شعبنا الكبرى وشعوب خلق الله جميعا، لكن هذا الارهابي الخسيس قام بأطفاء تلك الفرحة وأحال بهجتها الى انهار من دماء عراقية بريئة. ولا ندري هل كانت دوافع جريمته تتعلق بطبيعة ألاجرام الغريزي المهيمن بسوداويته على اعماق هذا المجرم، ام انها كانت من اجل ربما ارضاء الكتلة العراقية ورئيسها والتي ينتمي اليها المجرم فراس . ام انها كانت هدفا لمخطط لجعل الجريمة في وحشيتها وتوصيفاتها في رغبة القتل بدم بارد، لكي تبدوا شيئا مبالغ فيه من اجل زيادة خوف وهلع شعبنا . ثم وبدعم من الاعلام الخائن الوضيع المحتفي بمثل بهذه الجرائم، يمكن الايحاء من ان الارهاب قادم وبعنف أفظع؟

ثم نكتشف، ان المجرم الارهابي فراس الجنابي هو أحد الاعضاء النشطين في الكتلة العراقية وقد اوكل اليه منصب وظيفي كبيركمسؤول لادارة السجون والمعتقلات لمنظمة رعاية حقوق الانسان !!! وهي وظيفة مثالية من ان تمنح لمجرم كهذا لجعله قادرا على التمويه من خلال الاستمرار في ممارسة جرائمه ويبقى بعيدا عن الشبهات . 

ومن يدري، لعل علاقة هذا المجرم بالسيدين أياد علاوي وطارق الهاشمي قد تجعلهما يخططان لتهريبه من سجنه . ولا غريب في ذلك الامر ان حدث فعلا، أفلم يعمد السيد طارق الهاشمي بتهريب مجرمي القاعدة من السجون، فما المانع ان يكون المجرم فراس هو الاخر قد وعد ليكون من الطلقاء أيضا؟

 

ألظاهرة الثانية :

تابعت نموذجا اخر لأمرأة تدعى هناء أدور تعمل أيضا في مجالات حقوق الانسان، لكني شاهدتها تتصرف بصلف وعدم لياقة كمسؤول حكومي . فقد سمحت لنفسها بالخروج على الاعراف والاتكيت المتبع من حيث وجوب توفير الاحترام للسيد رئيس الوزراء السيد نوري المالكي وضيوفه في قاعة المؤتمر الذي عُقد في ببغداد من اجل مراجعة توصيات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة . فقد اقتحمت السيدة هناء وهي حقوقية وناشطة في حقوق الانسان، ذلك الاجتماع مخترقة الحمايات ورجال الامن المتواجد في الخارج وداخل القاعة مسببة الكثير من الارباك والفوضى وحالة من الهرج والصراخ المتواصل، لتعلن استنكارها عن موضوع يخص سياقات عمل منظمة حقوق الانسان التي تنتمي اليها أو شيئا من هذا القبيل.

فلا أدري هل أن فسحة الحرية والديمقراطية وتطبيقاتها تفهم بهذا الشكل من قبل سيده مثقفة لها مكانتها في الدولة والمجتمع والسياسة ؟ فماذا يمكن ان نتوقع من العراقي البسيط حينما يحاول التعبير عن ظلمه ؟ هل نتوقع منه ان يأتي حاملا السلاح ويشهره في وجوه المسؤولين لاعلان احتجاجه أو استنكاره؟ ثم ما هو الداعي وهدف تلك الفوضى والصراخ وسط اجتماع رسمي لأعلى المستويات في الدولة وبهذا الشكل الفوضوي من قبل السيده هناء والتي علمناها لاحقا انها تنتمي الى الحزب الشيوعي العراقي، لكنها تناست مكانتها وقامت باقتحام قاعة الاجتماع بهذه الطريقة مسببة الفوضى ؟

وبما أن السيدة هناء أدورأمرأة حقوقية وأحد المسؤولين في منظمة حقوق الانسان، فمن المفترض بها ان تدرك قبل غيرها السياقات الرسمية من اجل ايصال احتجاجها من اجل أي هدف .

 

ولكن، السؤوال الذي اجد نفسي مضطرا الى طرحه، وهو أن الظروف العراقية القائمة تشير الى الكثير من الاختراقات ألامنية التي قد حدثت، وفقد وطننا شهداء رائعون كثيرون من ذلك الخرق . كذلك، تم تهريب عدد كبير من الارهابيين والمجرمون من السجون أيضا من قبل مسؤولي الدولة والكتل السياسية، أو من قبل القوات الامريكية في الماضي، لكننا لم نسمع أن السيدة هناء قد تعاطفت مع شعبنا الصابر حينذاك لتعلن مثلا ومن خلال مسؤوليتها في منظمة حقوق الانسان، ولو باقل مستوى ممكن من ألاستنكار، لما حصل ويحصل لشعبنا من تلك ألاهوال من اجل حث الحكومة والمسؤولين والكتل السياسية من اجل اتخاذ ما يلزم لحماية شعبنا أو اعلان التعاطف والاستنكار. أليس ما قامت به السيدة هناء أمرا يدل على الكيل بمكيالين أم أن لديها ربما دوافع معينة من اجل احراج السيد المالكي؟ ولكن هل أصبحت ألبيروقراطية تسود أوضاع العراق الى الدرجة التي لايجد فيها المواطن العراقي أسلوباً للاحتجاج والشكوى إلا في اقتحام اجتماع رسمي كبير كما فعلت السيدة هناء أدور؟ فلا بد اذن من وجود دوافع ما .

فيا ترى متى نتعلم التمييز بين الخطأ والصحيح ومتى نحرص على تبني الاصول المرعية عند التعامل مع بعضنا البعض ؟ متى نستطيع الكف عن التعامل بالمعاييرالمزدوجة لحالات ندعي فيها الصحيح والحق لكننا لا نمارس الا الخطأ والباطل عند التطبيق ؟ ويا أنتم يا رؤساء ألاحزاب والكتل السياسية، يا من تدعون الوطنية في العلن لكنكم تخفون ما في نفوسكم ما لا تبدون، فمن خلال مواقفكم الحياتية والسياسية معا وجدناكم لا تملكون لهذا الوطن سوى انانياتكم وإثرتكم وعدوانيتكم ضد شعبنا ومحاولات لتأليب الموتورين والاعداء ضد شعبنا لهدم صرح هذا الوطن الغالي، فمتى تكفون عن أذى شعبنا وزيادة جراح ونزف هذا العراق الغالي ؟ ومتى تكفون عن انتهازيتكم ؟ أولم تكفكم ثمان سنوات من القتل والارهاب والرعب والجورالتي عاناها شعبنا ؟ وهل تعتقدون ان الحثالات أمثال فراس الجنابي أو غيره يستطيع ان يجرء على تحدي شعبنا بجريمة تأبى لها الرجولة هكذا، لولا عمالة بعضكم للاجنبي وجشعكم ودنائتكم في النهب والفساد واللصوصية؟ ألا تعتقدون ان شعبنا العظيم يستأهل رجالا أعظم وطنية منكم وحياة اكثر رفاه مما تجعلونه يعانيه؟ ألا تظنون أن شعبنا جدير بالسمو والرفعة والاحترام من قبلكم ومن قبل الجميع؟ فلماذا لا تشعرون بقيمة انفسكم ورجولتكم والامانة التي إتمنكم شعبنا بها ؟ لماذا لا تحترمون ارادة شعبكم وتقدرونه حق قدره؟ متى تعودون لانسانيتكم ؟

وفي الختام، ان العار الذي خلفه المجرم القذر فراس في صفحات تأريخ شعبنا، هو عارنا جميعا مادمنا لا نثأر ولا نبالي لضحايانا من شهداؤنا العراقيين الكرام من أطفال ونساء وشيوخ حيث بكت لاستشهادهم السماوات السبع والملائكة في السماء والارض لاعتى جريمة خزي نتحمل وزرها جميعا . فرحمة الله على ارواحكم يا شهداء غدر الزنيم فراس الجنابي ولعنة الله عليك ايها المجرم الخسيس في الدنيا والاخرة .

كما وبرأي ان النموذج الاحتجاجي الذي تبنته السيدة هناء أدور قد أضعف حجتها كمسؤول في منظمة حقوق الانسان بعد ان أظهرت عنادا ونوعا من فوضوية كحل لمشكلة ارادت حلها فجاء سلوكها يخلوا من الحشمة والخفر والشعور بالمسؤولية والرغبة في الحفاظ على السمعة والاحترام للنفس وللحزب الذي تنتمي اليه. كذلك كان في محاولة تقليدها ل"ديمقراطية الغرب" من خلال الصراخ لمقاطعة الجلسات الرسمية من قبل المحتجين . لكن السيدة هناء نسيت انها لم تكن مدعوة لحضور الاجتماع لكي يحق لها الاحتجاج . ولتحمد الله ان الحمايات والامن لم ترد على احتجاجها بنفس الطريقة الغربية التي يستخدمها الغرب مع المحتجين الذين يرفضون اطاعة الاوامر لترك القاعة، عندما يضطر الامن الى استخدام القوة من خلال حمل المحتج خارج القاعة . ألحمد لله ان شيئا كهذا لم يحصل .

أنني وبفخر من المدافعين عن حقوق المرأة والعمل على اعلاء شأنها في المجتمع. والمرأة التي أعنيها وأكن لها الاحترام والتقدير هي تلك المرأة التي تحترم نفسها وتحترم القانون والقادة المسؤولين وبالاخص تحترم مهنيتها . فالسيدة هناء أدور كان بامكانها ان تبعث بورقة الى السيد رئيس الوزراء تشرح فيه ملابسات القضية بهدوء وادب . لكن سلوك السيدة هناء أدور أجبر البعض على تفسيره كونه محاولة لجعل الموضوع يبدوا كفضيحة ضد سياسة السيد المالكي وفي محاولة لاحراجه . فمن المعلوم ان بعض الجهات تبحث في هذه الايام وبدأب، على تقصي واظهارعيوب ونواقص الدور الحكومي بأي طريقة ممكنة بقصد الاسائة الى شخصية السيد رئيس الوزراء .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1782 الاربعاء: 08 / 06 /2011)

 

 

في المثقف اليوم