أقلام حرة

الطالباني مثلا رئيس يجافي شعبه.../ حسين حامد

 السيد الطالباني كرئيس للجمهورية ويفترض ان يكون مسؤولا عن مصير ثلاثين مليونا من شعبنا بكل اطيافه واختلاف عناصره واديانه وطوائفه واعراقه: لماذا لا يزال شعبنا لا يجد في السيد الطالباني التوافق المفترض والانسجام في المواقف والرؤية الموضوعية أوالاهداف السياسية بما يمكن ان يوفر حالة من الرضا في العلاقة بين رئيس جمهورية وشعبه من عرب أو أكراد. ففي مواقف كثيرة في الماضي والحاضر، قادت حالات الافتراق بين شعبنا ورئيس الجمهورية ما جعله يكاد يكون بمستوى أي رئيس عربي اخر من الرؤساء العرب الطغاة. والانكى من ذلك، لم يجد شعبنا لدى السيد الطالباني الرغبة في الانسلاخ من توصيفه كأنسان سلبي وممن يعمد الى الاسائة لشعوبه تحت ذرائع وحجج غير مقبولة. فقد تعودنا، ومن خلال المحن التي يمر بها شعبنا، أن نجد لسيد الطالباني ينتهج سياسات انتقائية بعيدة عن الموضوعية والحق وضد ارادة شعبنا في تعامله مع الظروف الجدية والخطرة التي ما برحت تحيط بشعبنا وذلك وعلى ما يبدوا بسبب أعتقاده أنه اكبر من مسؤوليته في الدولة جاعلا من منصبه طريقا لمشاكسة الشعب. فهو يحاول اخضاع ظروف المحن رغم قساوتها على شعبنا، الى نوع من الفلسفة الشخصية وبتفسيرات ذاتية تقوم على نوع من اضفاء صبغة الدين والتدين على ارتباطاته الحياتية والسياسية وبما يفرض على مسؤولي الدولة الاخرين التصرف بأي شكل من الاشكال من اجل جعل الازمات تمر بسلام. فشعبنا ما يزال يتذكر كم كان حدثا مهما بالنسبة لجميع الخيرين وممن عانوا من ظلم وجور النظام البعثي، ان يتم اعدام المقبور وبسرعة بعد أن تمت محاكمته و ادانته. ولكن السيد الطالباني رفض التوقيع على الاعدام، وأصر على الرفض مسجلا على نفسه موقفا مهزوزا ومتقاطعا تماما مع الارادة الشعبية.

 

ثم اننا بعد الذي حدث رغم اهميته، لا نجد أن السيد الطالباني يبدي رغبة في استقاء العبر والدروس مما ال اليه مصير الرؤساء العرب وهم يواجهون حساب شعوبهم بعد وقوفهم طويلا ضد ارادات تلك الشعوب. وانه لشيئ مؤلم ان نجد مناضلا كالسيد الطالباني، يتطابق في الوصف بالكثير من الجوانب والدوافع الذاتية باولئك الرؤساء الطغاة وخصوصا في تعامله كدكتاتور مع الشعب الكردي. فانتفاضة شعبنا الكردي وخروجه في التظاهرات الصاخبة في مدينة السليمانية كانت بسبب الاوضاع المتردية التي يعيشها الشعب الكردي البطل. ففي الوقت الذي تزداد فيه القيادة الكردية ثراءا من خلال ما تتلقاه من حصة بيع النفط بنسبة 18% من ميزانية الحكومة الفيدرالية، ومن تهريب النفط الى تركيا ومن خلال الاستثمارات الكبرى لشركات اسرائيلية وغربية كثيرة تعمل في كردستان، يأتي كل ذلك الثراء للقيادات الكردية على حساب فقر وجوع شعبنا ألابي في كردستان العراق. وكذلك حال المواقف مع الشعب العراقي العربي أيضا، حيث ظل تعامل السيد الطالباني في توجهاته بما يمكن اعتباره نموذجا لسلوك مسؤول لا يعبئ لضياع فرصا مهمة من اجل ربأ الصدع والاقتراب من الشعب. ولا يهمه كثيرا العمل على احقاق الحق والعدالة بما يرضي الله جل وعلا في وجوب جعل العدل اساسا للملك.

وهنا نجد أنفسنا مضطرون الى مكاشفة السيد رئيس الجمهورية بما يشعر به شعبنا من عدم رضاه عنه وعن سياسته وتعامله السلبي المفرط تجاه ارادة شعبنا. فمن خلال اختياره لنواب رئاسة الجمهورية ممن جاءت بهم (الشراكة اللاوطنية ) وهم محسوبون على كتل سياسية افتضح دورها التئامري ضد شعبنا، وقبول السيد رئيس الجمهورية ان يشكل هؤلاء بؤرة للمؤامرات ولتحريك الخلايا الارهابية ضد شعبنا في تضامنهم اللاأخلاقي مع اعداء شعبنا من قادة الكتل كالكتلة العراقية التي ليس لها من انتمائها للعراق سوى الاسم، كل ذلك نجده ونجد غيره قائما وبما يجعل قبول الشعب للسيد الطالباني ولنوابه أمرا عسيرا.

 

فبالنسبة لمواقف السيد رئيس الجمهورية ضد شعبنا العراقي العربي مثلا، لانجد شعبنا يجد في الطالباني النموذج المتعاون معه في المحن التي واجهها منذ 2003. فعناد ورفض السيد الطالباني على التوقيع على احكام الاعدام لمئات السفاحين الارهابيين ممن قتلوا شعبنا بدماء باردة وبعد ان صدرت بحقهم الاحكام القطعية في اعدامهم، يعتبره الشعب أمرا غير مشرفا له، بل ويعتبره موقفا مخجلا يضع السيد الطالباني في خانة من لا يشعر بالمسؤولية وخصوصا في هذه الاوقات الحرجة من تكالب الاعداء علينا، ومهما كانت تبريرات رفضه. فليس من حق أحد مهما كانت توصيفات منصبه ومسؤولياته ان يرفض التوقيع على أحكام الاعدام للمجرمين بعد ان تمت محاكمتهم وادانتهم. وننصحه بالتخلي عن هذه المسؤولية التي لا يجده فيها شعبنا سوى (خروعة خضرة). فهل يا ترى أن احجام رئيس الجمهورية عن التوقيع على اعدامات المجرمين يعتبره نوعا من ورع ؟ ولكن الحقيقة تؤكد على ان في رفضه التوقيع انما يخالف به أمر الخالق سبحانه. لأن الابقاء على مجرم قاتل قام بترويع شعبنا ثم تم القبض عليه واعترف بجرمه وتم اصدار حكم القضاء عليه، يعتبرمن خلال ما أنزله الله سبحانه مخالفا لاوامرالله: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب). فضلا عن كون ألامر تلتزم به قوانين شعوب الارض جميعا من اجل توريث عدالة مجتمعاتها، لكننا لا نجد ذلك في عرف الطالباني، حيث ينهاه (ورعه) الديني عن التوقيع. فان كان السيد الطالباني يمتلك حقيقة مثل هذا الورع، فجدير به أولا ان يحثه ورعه هذا وتقواه لنصرة شعبه في تنفيذ أحكام الاعدام لمئات القتلة لشعبنا ممن ما يزالون يتمتعون في سجونهم كما يتمتع النزيل في فندق الخمسة نجوم. كذلك أيضا، حري بورعه ان يحثه على تنفيذ مطالب شعبه الكردي في منحه حقوقه الضائعة. بدلا من ان يحثه ورعه على ارسال المسلحين من البيشمركة لسحق التظاهرات السلمية في السليمانية. وفي الوقت الذي نجد فيه أن الاحزاب الكردية المعارضة تلقى دعما طيبا من قبل شعبنا الكردي، وهي ماضية في تضيق عليه الخناق، نجد السيد الطالباني والسيد مسعود البارزاني يضطران للخضوع من اجل الدخول في مفاوضات معهم من اجل كسب رضاهم. فهل ان القوة قادرة على الغاء الورع هكذا؟

وكيف يتوقع السيد الطالباني ان يجد محبة وتقديرا من شعبنا وهو يرفض ممارسة مسؤولياته في التوقيع على اعدامات المجرمين وبما يرضاه الخالق سبحانه.

فمن بين أغرب الامور ان نجد مسؤولا في الدولة العراقية كالسيد الطالباني يتصرف بحكم مزاجيته تجاه شعبه، سواءا الكردي او العربي العراقي، مبرهنا على فشله في وضع الحق في نصابه غير مبال بركوب رأسه وغير عابئ بعدم رضا الاكراد والعرب العراقيين معا عن مواقفه تلك. فنجد جماهيرشعبنا الكردي البطل تقوم بالتظاهرمتضامنة مع احزاب المعارضة الكردية ضد سياسة الطالباني وحزبه الوطني الديمقراطي من اجل مطالبها المشروعة وادانته كقائد موصوم بالدكتاتورية والتستر على الفساد السياسي والتصرف السلبي وتجاهل مطالب الشعب والتضييق على الحريات السياسية والعامة.

 

وختاما، اليوم، وتحت هذه الظروف الحرجة جدا التي يمر بها شعبنا في معاناته من السلوك الاجرامي للارهابين، تأتي مجزرة عرس التاجي كواحدة من أبشع مجازر الارهاب الممنهج في التأريخ العراقي. فالمجزرة التي ارتكبها المجرمون ابراهيم نجم وفراس حسن الجنابي واخرون، عليهم لعنة الله في الدنيا والاخرة، بقتلهم سبعين من اطفال ونساء ورجال، ستبقى الجريمة وصمة عار في جبين شعبنا حتى يتم اعدامهم، مثلما ستبقى وصمة عار على السيد الطالباني بالذات اذا ما استمر في عناده رافضا التوقيع على اعدامهم. فالمسؤول الذي لا يهتز ضميره من اجل هؤلاء الابرياء وغيرهم ولا يريد ان يرى هؤلاء المجرمين في المقابر، هو من اعداء شعبنا.

وسنظل ننتظر قرار السيد الطالباني في استجابته لصوت الشعب من اجل التوقيع على اعدام هؤلاء السفاحين. عسى ان يكون في هذه الخطوة عودة للسيد رئيس الجمهورية الى أحضان شعبه وكبداية لقلب صفحة جديدة (والله عفو يحب العفو). (وذكر فأن الذكرى تنفع المؤمنين) صدق الله العظيم.

 

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1785 السبت: 11 / 06 /2011)

 

في المثقف اليوم