أقلام حرة

تهافت المجالس الاقليمية العربية

بأسم الوحدة الاسلامية منذ انتشار المد الاسلامي نهاية السبعينيات من القرن العشرين الذي حل مكان الفكر القومي الذي مني بهزائم عديدة على كافة الاصعدة،اما الفكر اليساري فقد اصبح ضعيفا نتيجة لصراعه الدموي مع الفكر القومي وايضا لضعف المعسكر الاشتراكي المتزايد نتيجة لفقدانه القدرة على مواجهة الغرب،وبالتالي ليست لديه القدرة على النهوض بالعالم العربي في ابراز مشروع وحدودي سواء عربي او عالمي جديد...

من هنا بدأ اليأس يدب في النفوس ولكن للخوف الذي اخذ يبرز تجاه اثر الصحوة الاسلامية التي اخذت تكسب المزيد من المؤيدين والتي تنظر الى الانظمة العربية كونها انظمة غير شرعية وبالتالي ضرورة ازالتها بشتى الطرق وتحت مختلف الذرائع،اخذ التحالف الاقليمي بين الدول العربية يبرز كصيغة جديدة للتصدي امام التحديات المختلفة وكتعويض عن الوحدة العربية الشاملة التي يزعمون الدعوة اليها بألسنتهم ويحاربونها بأيديهم!...

هذا التحالف الاقليمي الذي اخذ واقعا ملموسا في العالم العربي منذ بداية الثمانينات،هو كان في الاساس وسيلة للتحالف الامني اكثر منه للوحدة بين دول تلك التجمعات الاقليمية التي لم يكن لها بناء فكري قوي يمكن ان تستند اليها مثلما هو الحاصل بين دول الاتحاد الاوروبي،بل حتى الرغبات المكبوتة كانت متفاوتة بين الجميع مع وجود نفس العقلية العربية السياسية التي ترتكز على الانانية المفرطة والخوف من الاخر من خلال الشك به وبمؤامراته،وبالتالي فأن النتيجة الطبيعية لتلك التحالفات الوقتية هي الفشل الذريع مهما طالت فترة بقائها او مهما ازداد التبجح الاعلامي بنجاحها او ضرورة الحفاظ على وجودها كصيغة مبسطة تدعم الهدف الاسمى للوحدة العربية وايضا تفرضها الظروف الدولية التي اخذت تميل الى التكتلات الجمعية كصيغة فكرية وعملية لمجابهة التحديات المختلفة وخاصة في المجالات الاقتصادية والدفاعية...

التقليد العربي المشوه:

ان التقليد العربي لصيغة تلك التكتلات جاء مشوها نتيجة لغياب فكر جمعي يعتنقه الجميع ويوحدهم بنية خالصة ويستند على اسس قوية يمكن له ان يفرض وجوده في عالمي السياسة والثقافة،بل جاء كنتيجة منطقية للخوف من كل ما يتحدى من يمسك بتلابيب السلطة سواء من الداخل او الخارج!.

هذا التقليد المشوه للتجارب العالمية الناجحة سوف ينعكس سلبا على التجارب الاقليمية العربية التي اخذت تبرز على المسرح السياسي،وكنتيجة منطقية فأن النتيجة سوف تكون ولادة مشوهة لن تستمر طويلا واذا استمرت فأنها سوف تكون تحت العلاج المكثف والمستمر وتحت رعاية خارجية ايضا!...

الدول التي فشلت في ايجاد ابسط صيغ للتعاون المشترك فيما بينها سوف ينعكس ذلك سلبا ايضا على تجاربها الاقليمية التي هي صورة بدائية للتعاون المشترك،ومهما قيل عن النوايا الصادقة او التقارب بين شعوب التكتلات فهي في النهاية دعاوى فارغة امام المنطق العقلاني في رؤية مجتمعات العالم العربي وماتمر به من ازمات كارثية منذ قرون عديدة دون ان تجد كوادرها المتصدية من علاج شامل يرتكز على قدرة مادية هائلة تفرض وجودها ومن ثم بناء نفسها كأمة عريقة ذات تراث حضاري طويل!...

ان الخلافات بين النظم السياسية العربية قد انتقلت بدورها وبصورة كاملة الى شعوبها التي اخذت تتشبع بالتلقين الاعلامي المكثف الذي يخضع للظروف السياسية المتغيرة وليس لحساب العقيدة واللغة والحضارة والتاريخ المشترك!

من هذا المنطلق يمكن النظر الى الاستدلال بأن الشعوب العربية تختلف عن انظمتها اختلافا كليا او على الاقل نسبيا يمكن له ان يتصدى لكل ما يقولبه لغايات الصراع الجانبي...فأن وهم كبير ومخدر، من الضروري الاستيقاظ منه لغاية استدلالات اخرى على الاقل تعيدنا الى جادة الصواب والمنطق السليم!...

المجالس الثلاثة:

تقسم العالم العربي الى ثلاث مجالس اقليمية رئيسية منذ تشكيل المجلس الاول عام 1981...وهذه الثلاثة انتهت بين نهاية كاملة او تشكيل هزيل يحتاج الى رصاصة الرحمة لتريح الجميع منه ومن ضوضائه الاعلامية !...

كان المجلس الاول هو الذي تشكل بين مجموعة من دول الخليج العربية لحماية نفسها من التحدي الديني الجديد الذي ظهر بعد انتصار الثورة الايرانية عام 1979،ولم يكفي دفع النظام البعثي العراقي للتصدي لهذا التحدي،فظهرت الى الوجود فكرة التكتل الاقليمي الذي يجمع عددا اقل من البلاد العربية لمواجهة التحديات الطارئة على المسرح السياسي في الشرق الاوسط  بعمل اضافي!.

كان التشكيل الاول يضم ست دول خليجية،ينظر اليها على انها قريبة في واقع نظمها السياسية الحاكمة والتقارب بين طبيعة شعوبها مع وحدة الجميع تحت مظلة النظام الاقتصادي الرأسمالي،بالاضافة الى الخوف المشترك من دول الجوار القوية والتي تنظر اليها بأستمرار على انها دويلات مزروعة بفضل النفط وتزول بزواله!...

هذا التشكيل الاقليمي رغم طول فترة بقائه ووجود بعض المؤسسات العاملة تحت لوائه الا انه بقي هشا امام الكثير من التحديات الداخلية والخارجية،ويمكن رؤية الاثر الكبير لاقل خلاف يظهر على السطح بين دوله على مجمل العلاقات القائمة بين دوله والتي تكون في بعض الاحيان ارتجالية!...

تختلف بلدان هذا التجمع الاقليمي عن بعضها البعض،ومظاهر الاختلاف هي اكبر بكثير من مظاهر الاتفاق والوحدة الشكلية بين دوله،وهذا الاختلاف ليس فقط منشئه اختلاف بين النظم السياسية الحاكمة بل وحتى بين شعوبها المتجاورة هذا بالاضافة الى تراث دموي طويل بين القبائل الحاكمة فيما بينها خلال حروب فرض الامر الواقع للتوسع او لبناء الدولة،وبالتالي ليس من السهولة نسيان ذلك التاريخ او تجاهل حدة الخلافات بين نظمه الحاكمة او الاستهانة بأختلافات المجتمعات المحلية عن بعضها البعض!...

الدول الخليجية الست تختلف بين صيغة الملكية الى صيغة الامارة مرورا بصيغة السلطنة والاتحاد بين مجموعة امارات!...وقد يوجد رأي ان ذلك لايؤثر على صيغة البناء الجمعي بين تلك الدول،ولكن في الحقيقة ان تلك الصيغ المختلفة مؤثرة الى درجة كبيرة وليست كما هو موجود بين دول الاتحاد الاوروبي التي تستند الى الديمقراطية الشعبية برغم اختلاف نظمها السياسية المختلفة،فالانتخابات الناتجة من الخيار الشعبي في اوروبا هي تبرز حكام فعليين بغض النظر عن طبيعة شكل النظام،والارادة الشعبية في الغالب تكون مشتركة بين الشعوب!...بينما في الدول الخليجية تبرز الملكية المطلقة كما هو موجود في السعودية الى ملكية اخف قليلا  وتمنح جزء بسيط الى المشاركة الشعبية في الحكم كما هو موجود في البحرين،الى امارات مطلقة الحكم مثل قطر ودولة الامارات،وامارة اخرى تمنح دورا للمشاركة الشعبية كما هو موجود في الكويت،وتبقى سلطنة عمان اقرب للواقع السعودي او الاماراتي في انعدام فرص المشاركة الشعبية!...هذا التفاوت السياسي يفرض واقعا لايمكن تجاهله وهو انعدام وجود مؤسسات برلمانية يمكن لها ان توحد الارادة الشعبية مع مشاركة كبيرة في صنع القرار المشترك كما هو موجود في البرلمان الاوروبي الموحد بين دوله...

الاختلاف الاخر بين فئات شعوبه هي ظاهرة ايضا ولا يمكن تجاهلها،بل هي تظهر في داخل الدولة الواحدة!،وابسط مثال في السعودية والتي تتألف من اربعة اقاليم كبرى تختلف ظروفها المحلية وطبائع ساكنيها مع اختلاف الاصول العرقية والمذهبية رغم وحدة العامل الديني!...ووجود الاقليات المذهبية والعرقية هو عامل تفرقة وليس عامل ثراء في العالم العربي بسبب انعدام فرص التكافؤ العادل بين الجميع!،وبذلك يمكن رؤية اختلاف المجتمع البحريني ذي الاغلبية الشيعية عن المجتمع القطري ذي الاغلبية الوهابية او ملاحظة الانقسام الطائفي في الكويت او رؤية عمان تتبع مذهب الاباضية والذي ينظر اليه بكراهية من قبل الاخرين في دول الجوار!...هذا بالاضافة الى اختلاف القبائل والاسر المكونة لتلك الدول رغم اراء الاخرين في كونها موجودة في جميع دوله،والحقيقة ان تلك القبائل لها امتدادات الى الداخل العراقي وبلاد الشام وحتى الشمال الافريقي وبذلك فأن الارتكاز على العامل القبلي على انه عامل توحيدي مشترك هو خطأ فادح ظهر لنا نموذجا عندما سحبت قطر جنسية الاف من مواطنيها ينتسبون الى قبيلة في السعودية!...

الخلافات الحدودية بين دوله شكلت عائقا كبيرا في وحدة تلك الدول تحت مظلة واحدة،وهو عكس ماهو موجود في اوروبا التي تخلصت من آثار الحدود التدميرية واصبحت فقط موجودة على الخرائط السياسية بينما في الواقع العملي اصبحت دوله المختلفة تعيش في مجتمع متعولم واحد يضم شعوبا كثيرة مختلفة اشد الاختلاف عن شعوب العالم العربي او الشرق الاوسط بصورة خاصة  ولكنها تعيش في حرية تكفل لها حق الاختيار وبالتالي اختيارها الافضل هو العيش بسلام مع الجيران ولكن بدون حدود مصطنعة!... والخلافات الحدودية هي نتيجة طبيعية لتقسيم خارجي لم يراعي الكثير من الخلافات التاريخية بل جعلها كقنبلة موقوتة بين دوله المختلفة،ومازالت الخلافات الحدودية تظهر على ارض الواقع لتسبب مشكلات كبيرة، لم تستطع اجهزة المجلس ان تحلها بل استندت في بعض الاحيان الى الحل الخارجي كما هو واقع بين قطر والبحرين والذي حلته محكمة العدل الدولية عام 2001 او الى القوة الاستعمارية البريطانية كما هو بين الامارات والسعودية والذي ظهر الخلاف مجددا حوله رغم الاتفاق بينهما على تحديد الحدود منذ عقود طويلة ! بالاضافة الى بين دوله ودول الجوار الجغرافي الاخرى ولاتوجد دولة واحدة من دوله تخلو من تلك المشاكل المستعصية على الحل النهائي العادل بسبب تراكمات تاريخية وسياسية مختلفة،وهو مسبب لكثير من الازمات التي يمكن ان تؤدي الى نتائج كارثية حتى بين دوله كما ظهر ذلك بين السعودية وقطر خلال فترة التسعينيات والذي تطور الى نزاع سياسي كان سلاح الاعلام احد وجوهه...

الخلافات الاقتصادية ايضا موجودة حتى جعلت من اهداف التجمع الطموحة خرافة بعيدة المنال على المدى المتوسط! ورغم التقارب بين طبيعة المنتج الوحيد لدوله وهو النفط مع قلة السكان وارتفاع المستوى المعيشي الذي يختلف بين اقصاه في الامارات ثم قطر والكويت والسعودية الى عمان والبحرين الاقل حظوظا بين دوله،ولكن الفارق ليس كبيرا الى درجة يمنع الانتساب الى مجلس احد ابرز اسسه الثراء النفطي الجامع بين دوله كما في محاولة اليمن في الانتساب!،ولكن طرق الادارة والتفاصيل في النظام الاقتصادي تبقى مختلفة الى درجة جعلت دوله لحد الان عاجزة عن اصدار عملة خليجية موحدة بل حتى في الاتفاق على مكان وجود البنك المركزي الموحد والذي كان اختيار الرياض مقرا له سببا في خروج الامارات من تجمعه!ثم قبلها عمان لاسباب غير واضحة المعالم!،وبالتالي فأن الهدف الاقتصادي الامثل المتمثل في وحدة اقتصادية ترتكز على عملة موحدة اصبح بعيدا عن الواقع المرجو له بسبب خلافات قد يراه البعض سطحية او تدل على عدم نضج سياسي يمكن له تمرير تلك الخلافات الجانبية الى الاتفاق على اهداف اكثر واقعية لخدمة شعوبه...

اما من ناحية الهدف الاساس من المجلس وهو التصدي لكل التحديات الخارجية، فهو ليس فقط خرافة غير واقعية بل اضحوكة طال امدها!...فدول المجلس عاجزة حتى بصورتها الجمعية من الوقوف امام دول الجوار الكبيرة رغم انفاقها الدفاعي والامني الضخم والذي يفوق دول كبرى عديدة!،بل ان اكبر دوله وهي السعودية ليست بقادرة على سحق التحدي الذي قد يظهر مستقبلا من جانب دولة فقيرة كاليمن فكيف بدول بحجم ايران والعراق!ولذلك استندت جميع تلك الدول على الحماية الخارجية وبالتالي اصبحنا امام امرا واقعا وهو تلاشي الهدف الاسمى في الدفاع الذاتي ولو بصورة جماعية لدوله،ولم تستطع تلك الدول ان تبني حتى قوة مشتركة يمكن ان يحسب لها حساب بل بقيت القوة اليتيمة الموحدة (درج الجزيرة) عاجزة عن الدفاع عن اصغر دوله بل وحتى منع نشوب النزاعات المسلحة التي قد تظهر على السطح بين اعضائه!...

طريقة عمل هيئات المجلس لاترقى الى مستوى عمل اجهزة الاتحاد الاوروبي وبذلك يمكن رؤية الخلافات المستمرة حول المناصب العليا واحيانا يتمسك فرد او دولة بالمنصب بطريقة اقرب الى عمل الجامعة العربية وهيمنة العنصر المصري على هيئاته ومناصبه المختلفة! وهنا يمكن معرفة ضعف ارادة الدول المنضوية السياسية في التنازل عن الكثير من صلاحياتها لتلك الهيئات التي تعمل عمل حكومة المركز ولو بصيغتها التشريعية، فالعمل الجمعي احد ابرز شروطه هو التنازل بصورة ارادية عن الكثير من الصلاحيات لصالح هيئات مشتركة بين العديد من الدول لتحقيق الفائدة القصوى من التعاون والتحالف.

مازالت دوله تنظر بريبة الى الدور السعودي الذي يريد الهيمنة الكاملة او على الاقل الاعتراف بدور الاخ الاكبر،وهو دور لايصل الى طريقة الهيمنة الامريكية على العالم الغربي،ولكن يختزن بداخله تراث طويل من الصراع القبلي والمذهبي الدموي الذي مازال يرفضه الكثيرون ولذلك نجد ان الخلاف حول هذا الدور هو موجود عند الجميع بلا استثناء ولكن يفرض الواقع والتحديات عدم البوح به!وهو يمتاز بتطرف الرفض من جانب دولة مثل قطر الى الخضوع شبه الكامل في دولة صغيرة تحتاج الى الدعم السعودي المستمر مثل البحرين ويمكن رؤية رفض الهيمنة حتى في الجوانب الاقتصادية والامثلة عديدة...هذا من ناحية المجلس الاقليمي المستمر اما من ناحية المجلسين الاخرين واللذان ولدا في يومين متتاليين في شباط 1989! فقد ولدا ميتين منذ البداية لاسباب كثيرة لاتخفى على احد،وقد يكون التسرع في التأسيس وبدون دراسة كاملة لبناء تكتل يجمع دوله مع انعدام الرغبة الصادقة في العمل المشترك بين دوله من اهم اسباب سقوطه المفضوح والمخزي...فالمجلس الذي تشكل بين العراق ومصر والاردن واليمن كان محاولة من قبل الديكتاتور صدام للهيمنة على دوله ومن ثم بقية العالم العربي،بينما كانت رغبة حسني مبارك هو العودة الى صفوف العالم العربي بعد مقاطعة كامب ديفيد والاستفادة من التناقضات العربية المستمرة في الهيمنة من جديد بينما بقي الاخران(الاردن واليمن) بدون اهداف معلنة سوى الاستفادة من وجود الاخوين الكبيرين المتصارعين!...وهذا المجلس كان يضم مجموعة من الدول الاكثر تخلفا نتيجة للفساد والصراعات الناتجة من الديكتاتورية المتحكمة في دوله وهو في الحقيقة كان محور الفقراء نتيجة لمحدودية الموارد الطبيعية في دوله ماعدا العراق،وكذلك للفاصل الجغرافي بين دوله يجعل من الصعب بناء تكتل اقتصادي يمكن ان يتطور بسرعة والسبب الاقوى في جمع قادته على هذا المجلس هو اتحادهم في الحرب المفروضة على ايران،ولذلك فأن اتحاد يجمع قادة بتلك الصفات مصيره الفشل الذريع مع ملاحظة هامة وهو انعدام المشاركة الشعبية بصورة شبه مطلقة ليس فقط في هذا المجلس بل في المجلسين الاخرين!وهذا يسبب ضعف قابلية البقاء والصمود في مواجهة الظروف الدولية القاهرة...وقد سقط المجلس في اول امتحان له بعد سنة ونصف نتيجة لاجتياح صدام للكويت ووقوف الملك الاردني والرئيس اليمني الى جانبه بينما قرر الرئيس المصري الاصطفاف مع الاخرين الاكثر قوة وثراء لاسباب انتهازية معروفة للجميع حصل بمقتضاها على الاجر الكامل! ولكنه بقي خارج المجلس الخليجي لاسباب عديدة معروفة.

اما المجلس الثالث والذي ولد بعد الثاني بيوم واحد فقط! فهو قد سقط منذ البداية في التناقضات المستحكمة بين دوله والتي بدأت منذ استقلال دوله،ويبقى النزاع المغربي - الجزائري هو الاكثر حدة بسبب الصراع على الصحراء الغربية بالاضافة الى محاولة القذافي تزعم الاتحاد المغاربي بعد ان فشل في فرض نفسه على العالم العربي،ولكن هذه المحاولة ايضا قد فشلت لاسباب عديدة اهمها الفارق السكاني الكبير بين ليبيا والاخرين رغم امتلاك الاولى للنفط مع التفكير الغير واقعي للقذافي في قيادته لليبيا،ولكنه لم ييأس فأدار و جهه صوب الدول الافريقية في محاولة لجمعها في تكتل قريب للاتحاد الاوروبي مع القفز على التناقضات الكبيرة بين دول القارة لتحقيق هذا الهدف الغير واقعي حتى في المدى البعيد،ورغم استفادته من اموال النفط الا ان طموحه قد اصابه اليأس بسبب رفض الدول الافريقية الكبيرة للقيادة الليبية له!...وبذلك يكون المجلس الثالث قد فشل في جميع الاهداف المعلنة...فرغم ان دوله متقاربة اقتصاديا وجغرافيا الا انه فشل حتى في وقف النزاع الصحراوي او حل المشاكل القائمة بين بقية دوله،فأنتهى التجمع بصورة رسمية ولم يبقى منه سوى الهيكل كمصير المجلس الثاني...فيما بقي المجلس الاول يصارع للبقاء رغم تحديات الصراعات الجانبية والانانية المفرطة والظروف الدولية!...

تلك المجالس الاقليمية وظروف نشئتها الغريبة،وهي لن تقدم اي جديد للعالم العربي سوى منجزات ضئيلة لاترقى لمستوى الذكر!..وتبقى الرغبة الصادقة المخلصة هي الحلقة الذهبية المفقودة في بناء تكتل سياسي واقتصادي بين دول العالم العربي،كما تبقى ظاهرة الصراعات الجانبية وانتشار الفساد وضعف المشاركة العربية التي ترقى الى مستوى الفضيحة،هي من اهم اسباب ذلك الفشل...

عمل التكتلات  يحتاج الى ارادة سياسية واقتصادية وشعبية ترتكز على اسس فكرية قوية تستطيع الوقوف اما التحديات المختلفة وتؤسس لعمل جمعي يخدم شعوب العالم العربي التي تحكمه فروقات لا تصل الى فروقات شعوب اوروبا ولكن الاخيرة ومع توفر الارادة الحرة المستقلة بنت وحدتها بطريقة ذكية وشجاعة مع توفر قيادات متحضرة ومنتخبة لا تستطيع فعل شيء بدون موافقة ناخبيها وبالتالي بني الاتحاد على اسس محكمة في ارض صلبة ...فحقق تلك النتائج الباهرة.

ولم يكن كالمجالس الاقليمية العربية التي لاتتوفر فيها ابسط شروط البقاء والنمو مما سبب في موتها في مهدها دون ان تتطور لتضم الاخرين لها!...

تهافت تلك المجالس امرا مفرغا منه ولا يحتاج الى ادلة تفصيلية... والمشاكل القائمة تدحض كل ادعاء اعلامي بنجاحه...وهنا تفرض الضرورات عملية البدء ببناء تكتلات مستقبلية تكون مختلفة تماما تجارب الماضي الفاشلة...

 

مهند السماوي

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1157 الخميس 03/09/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم