أقلام حرة

السياسة بين المهنة والرسالة

فيها غير الاصرار على تحقيق المصالح العليا للشعب . وتجمع كل الانظمة السياسية في العالم على انها المثالية والاكثر ملائمة للموقع او المجتمع او البلد الذي تطبق فيه مقوماتها ومتطلباتها وما تفيد الشعب . ولا يوجد طرف ينكر بان التقدمية والحداثة واتباع العملية الديموقراطية كالية لتحقيق امال المجتع هي من العناصر الاساسية لعملية ادارة وتنظيم البلاد من اجل مواكبة التطور العالمي المستمر، وبدونها لا يمكن لاي نظام الوصول الى تحقيق اهدافه المنشودة، ومع ذلك يجب ان يكون له خصوصياتهو ارائه ومواقفه ودوره الكبير الشامل في تحقيق اماني الشعب .

 

ان عناصر النظام السياسي المتكامل عبارة  عن فلسفة النظام والمباديء الاساسية  له،و ما موجود من القوى المتعددة والقيم المشتركة والوضع الاجتماعي الاقتصادي الثقافي العام يعتبربنى فوقية، مع الامكانية الاقتصادية والمالية والوضع الصناعي التجاري بنى تحتية، والعوامل المهمة المتداخلة الاخرى لايصال الرسائل من خلال النظام الديموقراطي المنفتح على الشعوب  عوامل مساعدة، والتي تعتبر اللبنة الاساسية في المنظومة السياسية العامة .

 

كما هو المعلوم فان النظام والسلطة بشكل خاص عليها واجبات ويجب ان تؤديها بشكل دقيق من اجل ايصال الرسالة السياسية واهمها خدمة المواطن لتحقيق اهداف الشعب، فان مهنته تكمن في تحقيق العمل الواقع على عاتقه واحتراف مجموعة من العناصر الاختصاصية لاداء تلك المهنة بشكل متكامل وواسع ومترامي الاوصاف، اضافة الى مضامين الرسالة الانسانية التي تنوي ايصالها بتمعن . وكذلك على المواطن ان يهتم بالشؤون العامة متواكبا مع مهنته الخاصة التي تفرض عليه مجموعة من الالتزامات، والاهم هو التقيد بالقوانين العامة من اجل نجاح تطبيق النظام العام، وما على السلطة والنخبة الا تشجيع ودعم المواطن على توصيل الرسالة وتفسير اهميتها وادراكه لمضامينها والمصالح الوطنية الكامنة فيها ومعرفة المنفعة العامة التي تعود اليه حينما يؤدي ما عليه من الواجبات العامة باكمل وجه، وللاسف المنطقة الشرق الاوسطية لم تدرك بشكل واضح تلك المهمات بصورتها الكاملة لحد اليوم . وفي المقابل يجب ضمان حقوق المواطن المادية والمعنوية على حد سواء ولا يمكن ان نتاكد من نقل محتوى الرسالة بشكل دقيق لكافة المواقع المهمة في البلد والى كل اسرة وفرد الا بتوفير نظام تسنده الاكثرية ويقتنع به المواطن، وهو بدوره يجب ان يعمل على اساس الثواب والعقاب وتقديم الحوافز والمكافآت لتنمية دوافع المواطن لاداء الرسالة وتطبيق مضمونها بشكل متكامل وانبات الشعور السوي تجاه الوطن داخل كيان الفرد واطمئنانه على الامن والحياة المعيشية والرضى وهو مقتنع بما يعمل ومؤمن بالمواطنة وبالنظام ونظافة الرسالة الواقعة على عاتقه والتي عليه ايصالها والعمل من اجلها وعلى النظام منحه الثقة والتعاون معه في تحقيق اهدافه ورسالته السامية ورفع روحه المعنوية وتقدير جهوده وحفظ كرامته ومساعدته على حل مشاكله وتحقيق امنياته الخاصة . وكذلك على المواطن واجبات تجاه النظام من خلال الالتزام بالقيم والمباديء السليمة والتعامل مع القضايا بعقلية توفر الطريق السوي لايصال الرسالة ومن خلال الاخلاص في العمل والايمان والولاء للذات ولقدسية المهنة والرسالة والاهتمام بها بكل الامكانيات المتاحة لديه .

 

اذن السياسة رسالة ومهنة، مهنة لمن عليها اداء الواجبات العامة ومتخصص في المواقع السياسية وهو في السلطة او المعارضة، وايضا افراد الشعب قاطبة وبشكل عام عليهم التعاون في تجسيد الارضية اللازمة لايصال الرسالة والتي هي الدافع الذاتي الداخلي العام لهم، وهم مدركين مضامينها وساعين لتحقيقها، ومن اجل التفاعل مع قضايا الشعب ومعاناتهم، وهم لا ينظرون الى شيء غير عطائاتهم وتسخير طاقاتهم وامكاناتهم لتحقيق رسالتهم .

 

و هنا يمكن ان نتاكد بان السياسة مهنة ورسالة ان اديت بشكل صحيح فستؤدي الى تحقيق التقدم وضمان التنمية في كافة المجالات وهي علم  ومنهج عقلاني، وان ابتعدنا عن الصراعات المتعددة والخبيثة في اكثريت فروعها ومجالاتها  التي هي المنتشرة للاسف منذ مراحل طويلة في منطقتنا، وان تعاملنا معها على انها مهنة ورسالة سامبة وشريفة لانها تتعامل مع جميع ثنايا ما يخص الانسان ومستقبله سوف نكون على السكة الصحيحة لاهدافها النظيفة، لانها تهتم بما يخص المجتمع ومعيشة المواطن ولها اعماق وافاق واسعة، وبها يمكن ان تُبنى اجيالا صالحا مسلحا بالعلم والمعرفة والعقلية التقدمية الحداثوية المنفتحة، والتي يمكن ان ندرك اهمية السياسة اكثر من الاجيال الحالية التي اتت على الخضر والياباس نتيجة اعتمادها على الصراعات فقط في العمل السياسي .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1158 الجمعة 04/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم