أقلام حرة

العراق ومحيطيه

تتبع طبيعة الظروف التي تمر بها المنطقة ، وتارة ثالثة تجدها متوترة قلقة تصل حد الاحتراب وهذا ما حصل في بعض الأحيان. كما ان لطبيعة كل دولة ونظامها الحاكم  اثر في ذلك ناهيك عن تبدل الأنظمة العراقية واختلاف سياساتها تبعا لمنظومة أفكارها ، إضافة الى التحول الجديد في مسار القوى الكبرى ودخول العالم في صراع العولمة والنفوذ في منطقة الشرق الأوسط وخاصة الخليج ، كما ان تجربة الديمقراطية وما رافقها من إشكاليات في التطبيق وتعاقب الحكومات الانتقالية والمؤقتة واخره حكومة الوحدة الوطنية ، هذا التعاقب بالحكومات وشكل كل حكومة واختلاف سياسته عن سابقتها ترك اثرا أخر في هذه العلاقات إضافة الى ظهور حركات سياسية تتبنى أفكارا شمولية رجعية ارتبطت بشكل أو بأخر ببعض دول الجوار وآخذت تفرض نفسها على المشهد السياسي العراقي في محاولة لتسلق السلم من جديد من خلال ما تتلقاه من دعم  وتمويل من خلال هذه الارتباطات ، مع وجود الاسلام السياسي المعتدل والمتطرف ، مع وجود تعارض حكومي لسياسة الحكومة ؟! وهذا اكبر التعقيدات واصعب الاشكالات فكيف تكون معارضة وحكومة بوقت واحد .

وما ألازمة الأخيرة بين العراق وسوريا الا نتاج وحاصل تحصيل لما أفرزته الفترة السابقة من علاقات العراق بمحيطه ، خاصة ان الأخيرة دخلت الى ساحة الصراع الإقليمي مع امريكا عبر بوابة الدفاع عن النفس، فالعلاقات بين البلدين امتازت وعلى مر السنين بالحساسية المفرطة والتوتر المستمر خاصة بعد صراع القيادتين البعثيتين في سوريا والعراق، إضافة الى موقف النظام السابق من سياسة الأسد وعلاقاته بإيران  ايام حرب الثمانينات، وما نتج عن تلك العلاقة بعد سقوط النظام البعثي في العراق وقيام سوريا بإيواء الكثير من المعارضين لفكرة التغيير الاميركيي، من ثم تغير هذا التعارض الى تدخلات في الشأن الداخلي العراقي من دعم الإرهاب والسماح بدخول الانتحاريين إضافة الى معسكرات تدريب المقاتلين الأجانب .  

لكن اذ ما تمعنا في المشهد بعمق اكثر مع قراءة متأنية لواقع العلاقات بين العراق ومحيطيه على مر التاريخ وإشكالية الوضع السياسي وهشاشته في البلد، يمكن حينذاك ان تترسم ملامح الصورة بشكل أوضح، اذا ان هشاشة هذا الوضع  وتفكك اجزاء العملية السياسية واختلاف الرؤى والتوجهات للحركات والقوى  جعل من السهل جدا اختراق المشهد الداخلي والتدخل في الشؤون الخاصة وما رافق الازمة الاخيرة بين العراق وسوريا خير دليل على ذلك فما تزال قوى حكومية تكيل بمكيالين، وقوى اخرى ترفع اصابع الاتهام صوب ايران بكل كبيرة وصغيرة، مثلما تفعل الحكومة باتهام جهات اخرى، على هذا النحو من تبادل الادوار والاتهامات والسجالات تبقى رقبة المواطن العراقي منحورة في كل وقت، ويبقى دمه مستباحا، من هنا تأتي الدعوة الى استقرار الوضع الداخلي وخاصة السياسي  والذي سيبقى مرتبطا بمدى جاهزية وصلابة أجهزته الأمنية، لأن استقرار الدول لا يمكن أن يظل مرهونا بمدى صدق وحسن محيطيه، فكل دولة لها مصالحها الخاصة والمتناقضة، حتى وإن كان استقرار المنطقة يشكل مصلحة مشتركة للجميع، كما أن استعادة العراق لسيادته الكاملة، ونجاحه في إعادة وحدة مكوناته الوطنية وقوة دولته المركزية ونجاحه في مضاعفة كفاءة قواته المسلحة من شأنه أن يفشل كل محاولة تهدف إلى المساس باستقراره الداخلي ووحدة أراضيه.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1161 الاثنين 07/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم