أقلام حرة

تأثير المحكمة الدولية على العلاقات السورية العراقية

الأستقرار والهدوء المتواصل إلا في فترات زمنية متباعدة ولأوقات قصيره، فالخوف والحذر والتوجس كان هو السمة الغالبة التي ميزت العلاقات بين دمشق وبغداد على الرغم من أن البلدين جمعتهما كثير من القواسم والأهداف المشتركة خاصة في فترة حكم البعث في العاصمتين والتي كان من المفترض أن تكون فترة أيجابية بكل المقاييس نظرآ للفكر الواحد الذي كان يحمله البعث (حيث أن الوحدة بينهما كانت قاب قوسين أو أدنى وفي هذا الموضوع تفصيلات كثيرة لن يسع المقال للخوض فيها بأدق تفاصيلها)، لكن الذي حصل عكس ذلك تمامآ حيث هٌوة الخلاف بين شقي البعث أتسعت وترجمت عمليآ الى صدامات وصلت الى حد التصفيات الدموية، عندما دعم البعث العراقي وخاصة في فترة حكم صدام حسين جماعة الأخوان المسلمين السورية التي أتهمت بتنفيذ تفجيرات دموية في سوريا، وفي المقابل قامت سوريا بأحتضان كافة فصائل المعارضة العراقية في دمشق ودعمت أيران في حربها مع العراق، وكان التصادم بينهما واضحآ على الأرض اللبنانية وبأدوات لبنانية في فترة الحرب الأهلية التي عاشها لبنان قبل أكثر من ثلاث عقود تقريبآ، وعند سقوط النظام السابق في العراق على أيدي القوات الأمريكية الغازية والتي لم يخف رئيسها السابق جورج بوش تهديداته الى سوريا بأنها ربما سوف تكون المرحلة التالية من زحف هذه القوات لتغيير بعض الأنظمة في المنطقة مما ولد توترآ شديدآ على مستوى الشرق الأوسط كله، فالمخاوف السورية لم تهدأ حتى مع وجود المعارضة التي كانت تدعمها سوريا على رأس السلطة في العراق مما أدى الى أن تكون سوريا أحدى البوابات المهمة التي تدفق منها كل من يدعي الجهاد ونصرة أهل العراق وأغلبهم كانوا يحملون أمراضآ طائفية وأحقادآ مقيتة وكل مجموعة من هذه المجاميع كانت مدفوعة بأجندة من بعض دول الجوار، فبعض هذه الدول كانت تحاول بعثرة الجهد الأمريكي في العراق وتكبيده خسائر على الأرض العراقية حتى لا يكونون هم الضحية القادمة والبعض الآخر يرى أن في أستقرار العراق تهديدآ جديآ له وهو يدفع بأتجاه تفتيت العراق عن طريق دعم بعض المشاريع التي تستهدف وحدة العراق كالفيدرالية وهؤلاء هم الذين مرت دبابات العدوان وعبرت الى العراق من أراضيهم وهم الذين أستولوا على أراضي شاسعة وقاموا بخنق العراق بحريآ ولم يكتفوا بذلك بل يطالبونه بتعويضات قل ما توصف بأنها مهزلة، أما البعض الآخر فتحركهم الطائفية اللعينة التي عمت قلوبهم وأبصارهم .

 

لا أعتراض على أن هنالك كثير من الدول التي لا يروقها أي تقارب بين العراق وسوريا لذلك تسعى الى تسميم أي ود بين الشقيقيين الكبيريين، فالمحيط الأقليمي يسوده القلق من أية علاقة متطورة بين هذين القطبين وحتى بعض الدول الكبرى تنظر بعين الشك والريبة الى مثل هكذا تقارب، لقد ذهب البعض الى لوم العراق وخاصة السيد المالكي ووصفوا جرأته في الطلب من سوريا تسليم بعض العراقيين المقيمين على أراضيها بأنه تسرع وأوصاف أخرى كثيرة، وقد نساير هؤلاء ونذهب معهم في ما طرحوه من

 

أحتمال أن يكون السيد المالكي قد تسرع في توجيه الأتهام لبعض المعارضين في سوريا وبالتالي الضغط على سوريا لتسليمهم، وأحتمال أن يكون هذا التصعيد ضد سوريا لأسباب دعائية أنتخابية كما يروج منافسوه أيضآ غير بعيد، وأحتمال أن لا يملك العراق من الأدلة التي تدين سوريا وبعض المعارضين المقيمين فيها الشئ الكثير لكن لكون سوريا الحلقة الأضعف والمغضوب عليها من بعض الدول الكبيرة فأتهامها سوف يكون سهلآ وحتى يتم أسماع دول أخرى ذات نفوذ متهمة بأثارة القلاقل في العراق عسى أن تكف عن الأذى، وأحتمال أن يكون الرجل قد تلقى أشارة من طرف ما للتصعيد مع سوريا كما يزعم آخرين، وأحتمال أن يكون الهدف من هذا التصعيد العراقي هو لربط تسليم بعض المعارضين العراقيين الذين يقيمون على الأراضي السورية وكما تقول الخارجية السورية بأن العراق يرفض أشراكهم في العملية السياسية لهذا السبب سارع الى أتهامهم بالتورط في التفجيرات الدامية الأخيرة التي ضربت بغداد وفي هذا تدخل سوري فج في شؤون العراق الداخلية، ومع كل تلك الأسباب والأحتمالات التي يسوقها البعض حتى وأن كان فيها نوع من المعقول فأنها لا تعطي لأصحابها الحق في الوقوف وبشكل علني ضد هذا التحرك العراقي القانوني سيما وأن المنطق يفرض على هؤلاء الوقوف الى جانب بلدهم ضد أي تهديد خارجي مهما كان مصدره، وأن تتم مناقشة الأمور والقضايا المختلف عليها ليس عبر الفضائيات بل في غرف خاصة بعيدآ عن وسائل الأعلام، ومن المعيب أن نرى شخصية شاركت في العملية السياسية وأنقلبت عليها بعد أن أثرت ثراءآ فاحشآ يظهر على شاشة قناة الجزيرة الفضائية ويقدم النصح للحكومة العراقية على شكل سم ممزوج بالعسل يطالبها أن تٌهدأ من مطالباتها بتشكيل محكمة دولية وبحث الأمر بصورة ثنائية من خلال القنوات الدبلوماسية، وكأن دماء العراقيين لا تستوجب أثارة أي خلاف مع أي دولة ترعى الأرهاب وليس سوريا بالتحديد، وقد تناسى هذا الشخص والذي كان يقيم في بريطانيا بأن الأنسان يمثل قيمة عليا تهون في سبيله كل المسميات والأعتبارات الأخرى فما بالك بشلالات الدم التي تراق كل يوم حيث ضحايا التفجيرات بالعشرات والمئات

 

أن لجوء العراق الى طلب محكمة دولية لمحاكمة كل المتورطين الذين تثبت إدانتهم في الجرائم التي يتعرض لها الشعب العراقي بصورة شبه يومية أو حتى الذين يحثون على الأرهاب ونشر الكراهية ليس في سوريا فقط وأنما في كل دولة يثبت تورطها في المشاركة في القتل اليومي للعراقيين، هو أجراء موفق يتطلب موقفآ موحدآ من كافة الفعاليات السياسية والشعبية ووسائل الأعلام العراقية لمساندة الحكومة ودعم جهدها في المحافل الدولية لوقف زحف المجرمين القادمين من خارج الحدود والذين يلقون من يساندهم من الجهلة وضعاف النفوس من العراقيين لتنفيذ مآرب بعض دول الجوار في تدمير العراق وتمزيق نسيجه الأجتماعي، فضرب أي مكون من مكونات الشعب العراقي يعني الطرق على وتر الطائفية حتى تتم فدرلة العراق وتفكيك الأواصر بين أبناء شعبه وهذا ما لا يتمناه كل عراقي غيور.

 

حيدر مفتن جارالله الساعدي

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1162 الثلاثاء 08/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم