أقلام حرة

الاصح هو تكييف المسؤول الاول مع النظام وليس العكس

على الحكم لاطول مدة. وكما هو المعلوم ان الشخص الاول باقي في الحكم وعلى كرسيه كيفما كان مستوى حكمه ورضى الناس عنه  او مستوى نجاحه او فشله لحين اسقاطه بالقوة او مماته او ابعاده من قبل القريبين او ما يمكن ان نسميه خيانة المقربين منه، وليس برضى النفس او بقانون يذكر ويتطلع عليه الشعب ويحدد مدته الدستور، وكل ما يملا في الدساتير المؤقتة او الدائمية تلقى لها حيل شرعية لبقاء الحاكم الى مالا نهاية مهما كانت العواقب، واول الامر يبدا بتكيف النظام مع ماموجود من صفات الحاكم وليس تطبيق النظام من قبل الحاكم او تكييفه معه .

 

و بعد القاء النظرة الفاحصة على حكام المنطقة الشرق الاوسطية بكاملها ومدة حكمهم وطبيعته،نرى ما يثبت كلامنا وما ذهبنا اليه، الم نلمس رئيس جمهورية لثلاث عقود واكثر وفي اواخر عمره وهو يهيء الارضية ليرثه ابنه، الم نرى ابن الرئيس الجمهورية وهو يخلٍف اباه في نظام يمكن ان نسميه رئاسي جمهوري ملكي مختلط، الم نر ابنا انقلب على ابيه وابقاه خارج البلد ولم يسمح له العودة الى ان سيطر على الحكم بالتمام والكمال ومن ثم سمح له العودة ليرعى امه راضيا مرضيا !! الم نر عوائل تحكم البلدان لعقود وهم مسيطرون على المساحة الحساسة والاطار العام للحكم، وهو بيد الاقرباء من المنصب الاول والى ادنى المناصب الحساسة في السلطة . وهكذا نجد ما يمكن ان نسميه باغرب التسميات السياسية، والنظام المتكيف مع طبيعة ومتطلبات الحاكم وليس تطبيق النظام من قبل الحاكم .

 

اذن المرض المعدي الموجود هو اتباع احدث الحيل الشرعية ودعمها بالصيغ القانونية والغرض  بقاء القائد الاوحد الملتصق بمنصبه لحين مجيء القدر . والغريب هو تغيير القوانين والبنود الدستورية وفق ما يهم الحاكم وعندما يعترض الهدف المنشود،  وهو بقاء الحاكم على منصبه مهما بلغ الامر، والعمل من اجل ذلك بكل القوة المتاحة، من صرف الاموال وتهيئة الارضية وطرح الموضوع على الراي العام والايحاء بانه للصالح العام ومستقبل الامة،  وبكل السبل المتاحة سوى كانت عن طريق البرلمان او اثارة الشعب والراي العام، وهنا تبدا مصلحة الانتهازيين والمستفيدين لغرض ترويج ما يمكنه امرار قوانين و حتى الغاء بنود الدستور واضافة اخرى، والهدف هو البقاء على سيطرة الحاكم المطلق مهما كانت النتائج، وهذا ما يمكن ان يسميه المراقب السياسي بمرض الكرسي الاول المتفشي في الشرق والذي له ملذاته التي تسببه وتنتج عنه اعراضه والسلبيات الناجمة عنه والمتضرر الوحيدهو الشعب والطبقة الكادحة.

 

الغريب في الامرهو ادعاء هؤلاء بانهم ملتزمون بالنظام الديموقراطي ومبادئه الاساسية العامة، الا انهم يتراجعون عن جوهره لو وصل ما يفرضه هذا النظام من شروط ومتطلبات الى باب بيتهم،  فيضحون بالشعب بكامله من اجل احد احفادهم، ويامرون عاطفيا وعائليا بما يبقيهم في الابهة والترف الذي وفروه لابنائهم والاقربون وعشائرهم وقبائلهم، وكل هذا على حساب النظام والديموقراطية والمصالح العامة والمفاهيم العصرية وتقدم البلد .

 

 والاغرب ان بعض المناصب توفر لاصحابها حظ التدرج نحو الاعلى ولا يقبل اصحابه الا بموقع ارفع واغلى وا ن كان فاشلا في اداء واجبه ولم يتقن ما كان يؤديه باكمل وجه، وحتى في بعض الاحوال ان لم تجد السلطة منصبا عاليا ملائما له، وهو مجبر على ازاحته منه فيستحدث موقعا ومنصبا ذات صلاحيات اعلى لارضائه، اي فتامر بتجديد منصب او خلقه لشخصه دونوجود مسبق وبدون تردد .

 

هذه من عجائب الديموقراطية الشرقية وما موجودة عليه السلطات والدول التي لم تنفذ ادنى مستوى للديموقراطية الحقيقية ومبادئها، ولم يطبق جوهر الديموقراطية ومبادئها الا اسما، ولم نجد شروطها وارضيتها الملائمة في الواقع الا رسما، والواقع المعاش للسلطة هو الملكي الوراثي وان كان في الظاهر جمهويا شعبيا ديموقراطيا تقدميا او مسميات اخرى كما يدعون . ولذلك نرى ان الطبقات تبقى على حالها دون تغيير في مستوى معيشتها، والمستوى الاجتماعي ثابت والارادة مثبطة والطموحات ميتة ويائسة من جراء ما يُشاهد على الساحة، وليس هناك اي تشجيع او دعم للبسطاء من الناس وكأنهم خُلقوا لكي يكونوا مامورين طيل حياتهم والاخرين يبقون ابا عن الجد في البذخ والترف والاسراف . وهذه الاوضاع تفرض على الطبقات الفقيرة الكادحة التفكير بعمق والعمل من اجل الوحدة واتحاد الجميع واتباع العصرنة والتقدم لازالة هذه المعوقات والضغط بكل السبل من اجل تطبيق النظام الديموقراطي الحقيقي السليم  وتوفير الامكانية والفرصة بشكل متساوي امام ابناء الشعب لتحقيق الاماني العامة لهم، وهذا يتطلب الارادة الصلبة واتقان الواجب الواقع على عاتقهم واتباع النظام الذي تتوفر فيه الفلسفة التي تؤمن العدالة الاجتماعية والمساواة لجميع ابناء الشعب .  

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1163 الاربعاء 09/09/2009)

 

 

 

 

في المثقف اليوم