أقلام حرة

الانتخابات النيابية تجمع بعض القوى المناوئة لبعضها ايضا

ومن اجل نجاح تجمعهم وائتلافهم في جبهة او كتلة انتخابية واحدة، وهم اعلم بما تكون عليه معمعة الانتخابات النيابية الجديدة القادمة في العراق، وهم مجبرون في اكثر الاحيان في التنازل على بعض من حقوقهم لضيق الوقت المتبقي على العملية الانتخابية ويبيون مواقفهم المختلفة لما كانوا عليه من قبل . وما برز حتى اليوم هو انبثاق الائتلاف الوطني العراقي بشكل وحلة جديدة تقريبا رغم التسرع والالحاح على اعلانه مبكرا لاسبابه المعلومة من الصراع بين القوى الكبرى فيه سابقا وحتما من ياتي متاخرا ياخذ ما يتبقى، وهو لحد اليوم بعيد عن حزب الدعوة الذي يحاول بدوره انشاء جبهة او كتلة منافسة للائتلاف في سبيل بقائه على سدة الحكم والشرط الاساسي لدخولهم اي تكتل هو استلامهم لمنصب رئيس الوزراء فقط كما هو الظاهر، والشروط الباقية تهون . ويستندون في مفاوضاتهم مع الاحزاب والكتل على نجاحهم وازدياد ثقلهم في انتخبات المجالس المحافظات وكأن اصواتهم تكون ثابتة وتبقى على ما هي عليه كما هي مهما طال الزمن، وهذا تكهن لا يستند على اي ركيزة علمية سياسية وستكشف نتائج الانتخابات مفاجئات ربما لم تتوقعها العديد من القوى الموجودة على الساحة كما شاهدناها في مجالس المحافظات . كل التحليلات تشير الى ان الائتلافات والتحالفات لا تخرج من اطارها الموجود الان اعتمادا على العرق والدين والمذهب في الفترة القريبة المقبلة، وان تزينت هنا وهناك بحلة يمكن ان يعلنوا انها من المكون الاخر، وهو ضمن التجمع الذي لا يعتمد على تلك الخصوصيات وهذا مظهري فقط، الاهم هو برامج العمل والاسس والاهداف الرئيسية والية تطبيق الافكار وفلسفة العمل ونوعية الخطاب المطروح .

ما عدا الائتلافات الرئيسية الثلاث الموجودة على الساحة، هناك اطراف اخرى ليس لها ثقل يجعلها ان تدخل المنافسة وتريد ان لا تخسر ما هي عليه من الجاه والسلطة والقوة، فتريد ان تعلق نفسها باحد هذه الاطراف كي تبقى على ما هي عليه لمرحلة اخرى وتستفاد من الملذات والصلاحيات التي تتمتع بها في هذه الفترة وللمرحلة المقبلة . ربما تحاول الكتل الكبرى التحالف مع البعض لبيان مواقفهم للناس على انهم لا يعتمدون على المباديء الضيقة الافق التي يعلنونها منذ مدة، ولكنهم ربما يصلون بها الى باب الانتخابات او البرلمان في اكثر الاحوال، ولن يتمكنوا من الاستمرار في تحالفهم وتقاربهم لاسبابها وعواملها العديدة وما ومن وراء سياساتهم داخليا وخارجيا .

المهم ذكره هنا والذي نعتقده ان القوى العلمانية التقدمية ومنها اليسارية بشكل خاص بانها ليس امامها الا الاحتمالات والتوقعات والتكهنات القليلة ويمكن ان تكون اكثر وضوحا من الاخرين، لقرائتنا الموضوعية وبالعقلية المنفتحة العلمية الواقعية، وما تسير عليه العملية السياسية والمستوى الثقافي العام والوعي العام للمواطن والشعب بشكل عام . وهنا لابد من عمل القوى الديموقراطية التقدمية القريبة مع بعضها على تكثيف اجتماعاتها وان تفكر بموضوعية وواقعية في الامر ويجب ان تشخص وتقيم الظروف غير الملائمة بشكل علمي بعيدا عن ترسبات التاريخ والغرور والاعتبار من التجارب المتكررة في العراق والمنطقة بشكل عام .

فان كانت القوى الداخلية المتنفذة الكبرى تحارب من اجل المناصب الثلاث الكبرى وبالاخص الموقع الاكثر صلاحية، فعلى القوى الاخرى الاقتراب مع الاخرين تكتيكيا من اجل دفع العملية لصالحها ولاجل استراتيجيتها دون المس بالمباديء العامة، ولا يمكن لهم رفض العملية قاطبة في هذه المرحلة، وعليهم ان يعلنوا عدم الدخول في الانتخابات لاسباب واضحة، ولا يمكنهم العزوف عن المشاركة او المقاطعة، ولن يستفيدوا من نزولهم للساحة لوحدهم منفردين . فان تجمع الكثير من القوى التي صارعت مع البعض وكانت تناويء الواحد الاخر بكل السبل، واليوم تجمعهم المصالح الانية ومتتطلبات الواقع والوقت وما هم فيه وهم يجتمعون في ائتلاف واحد.

وهنا لابد ان نسال، فلما لا يصح للقوى العلمانية واليسارية بالاخص ان تصارع الاخرين بنفس الوسائل وتنافسهم بالالية المناسبة المشابهة التي توفر لهم السير لحين حدوث الاصلاح واجراء التغييرات المتوقعة بمرور الزمن، وعلى البعض ان يجد طريقا من اجل البقاء مهما كان السبيل ومن دون المساومة على المباديء والاهداف الاستراتيجية، ولا يضر الدخول في التحالف المفيد مهما كان نوعه وخاصة بين القريبين واستنادا على النقاط المشتركة الموجودة بين العديد من المكونات والاتجاهات والاحزاب ويكون لهم ثقلهم الملحوظ مجتمعين، والوقت ليس في صالحهم بالذات في هذه المرحلة .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1169 الثلاثاء 15/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم