أقلام حرة

المسيرة الانسانية بين الظروف الدينية والقومية المسيطرة على العراق

 لا يمكن وصف الوضع او تقييمه بشكل دقيق استنادا على المعايير العلمية والمقاييس الفكرية الفلسفية المعتبرة، بما فيه من التنوع والخلط ومن الممكن ان نسميه الفوضى في اكثر الاحيان، وما تتبعه الفئات المتعددة من المجتمع الموزائيكي التركيب، وما تؤمن به من الافكار والايديولوجيات العديدة المختلفة عن بعضها والمنتشرة في العراق في هذه الايام، والوضع القائم محصور بين السيطرة الدينية والفكر القومي على الاكثر، وهناك ازيز من الدعوات الاخرى التي لم تظهر وتطفو الى السطح اهميتها او ما تنبغي ان تعمل الفئات من اجل دعمها وتنميتها وتطورها، وهي للصالح العام . وتعتبر هذه الحال التي نعيشها تراجعية نسبة لتقدم مراحل التاريخ للانسان في كافة صقاع العالم، او ما مرً به العراق بالاخص سابقا، وهو منبع الحضارات من التقدم الفكري المشهود في المراحل السابقة من تاريخه وهو حاضن العلم وحامل الراية التقدمية، وما احتوى في جنبات ابناء شعبه من الجهابذة والمتنورين والعلماء والعقليات الكبيرة التي خدمت  شعوب العالم بنتاجاتهم وثمرات افكارهم العلمية والانسانية .

 

اليوم وما نحن فيه من الردة التاريخية الفكرية الثقافية، لها اسبابها العديدة، عدا السياسية العامة المسيطرة على الحال ومعلوم لدى الجميع، فهناك الاجتماعية وما موجود من الصفات المتوارثة المؤمنة بالعادات والتقاليد والطقوس، والثقافية المتشعبة المصادر والتوجهات، النابعة من المدارس الموجودة والمنتشرة في كافة مراحل التاريخ القديم والحديث، ومنها الثقافة الدينية احادية التوجه ومن ضمنها المذهبية المتقيدة بالعديد من الضوابط وقومية باقسامها المتشددة والمعتدلة والمختلطة التركيب والتوجه، وشيء من التقدمية المؤثرة على الاوضاع الانسانية العامة، الى غير ذلك من الافكار والاعتقادات وما انتشرت من الفلسفات الداخلية المنبع والتكوين والواردة من كافة بقاع العالم . وما ثبتها التاريخ الحديث نتيجة الضغوطات السياسية والايديولوجية هو عودة العراق الى مصافي الدول القابعة في قعر التخلف المستديم في الكثير من المجالات لاسبابه الموضوعية والذاتية المعروفة عالميا، وفي ظل المتغيرات والمستجدات الحديثة سوى من الناحية السياسية والتحزب وتسييس الفرد والعائلة او عسكرة المجتمع من اجل المصالح المتقاطعة والتدخلات الخارجية والداخلية العديدة والصراعات الاقليمية الجارية على ارض العراق،فاصبح من الصعوبة التكهن بما يجري من الناحية الثقافية العامة للمجتمع العراقي في المستقبل القريب .

 

 الضائع بين كل هذه المعمعات والفوضى هو الفكر الانساني والعقلية المنفتحة على الجميع والمستندة على العوامل والنقاط المشتركة المؤدية الى التعايش السلمي والامن والاطمئنان بعيدا عن الضغينة والحقد والكره الاجتماعي السياسي الذي انتشر ووصل حد الرهاب وقتل الابرياء لاسباب بغيضة بعيدة عن التوجهات والافكار العلمية التقدمية العصرية والانسانية المنفتحة التي تمتع بها العراق في العديد من مراحله التارخية، والتي يجب ان يفتخر به الجميع والتي تؤمن بها العالم اليوم  . النظرة والتوجه الاحادي الجانب والضيق المنطلق والافق من الفكر او الفلسفة المؤقتة والطارئة ومحدودة المساحة ومتعصبة التوجه والهدف، وخاصة بمجموعة دون اخرى ومتحيزة لفئة ولمصلحتها فقط، لا يمكنها ان تعمم على الانسان والتوجهات الانسانية في كافة مناطق العام .

 

العقل المنتج والمؤثر بشكل متساوي وبعيد الافق وواسع المساحة، هو الذي يهمل الخصوصيات المحدودة لبقعة ما وينظر الى الانسان كانسان بعيدا عن انتمائاته القومية والدينية والفكرية الضيقة، انه التفكير والتوجه العصري المستند على المباديء الانساينة وحقوقه.

 

ما نحس به ونلمسه في العراق اليوم وهو ملتصق بهذه الافكار المرحلية وبعضها نافذة التاريخ غير صالحة الاستخدام في هذا العصر باي شكل من الاشكال لحياة المجتمع عاش في الضيم وهو مختلفف التركيب والتوصيف، وما نحن فيه من التقدم العالمي في كافة المجالات لا يزكي اي توجه من هذا القبيل.

 

 اذن المسيرة الانسانية التي يمكن ان تبدا خطواتها الاولى بعدما استوضحت العديد من النوايا وما وراء التوجهات والادعائات الاخرى وبعد مقارنتنا بينهما، في وقت يجب ان تبعد يد الايديولوجيات القزمة عن مسيرة المجتمع والحركة المستمرة لتقدم الشعوب والانتقالات الضرورية لمراحل التاريخ، لذلك الاهم هو محاولة من المهتمين وان كانوا قليلي العدد من اجل ترسيخ الخطوة والتوجه البدائي بشكل قوي، وترسيخ الارضية هي من اهم العوامل الضرورية لنجاح الانطلاقة، والتوجه العالمي مساعد في هذه المرحلة اكثر من السابق، بينما المعوقات الداخلية قوية من كافة الجهات والمجالات، والواجب صعب وليس بمستحيل .

 

 اذن بوجود المقومات الاساسية للافكار الانسانية والوسائل الضرورية من المستوى العلمي والثقافي المطلوب واليات تطبيق التوجهات والمباديء الاساسية، تحتاج لمؤسسات ومنظمات مدنية حقيقية لها اهدافها المعنية المهتمة بما يخص الانسان، وليس كما نرى من منظمات تابعة لحاملي الايديولوجيات الحزبية منها او ما تعمل في الظل، وهم يحققون الاهداف الحزبية اكثر مما تعني وتهم الانسان والانسانية، وهي التي تضر اكثر من الاحزاب والمؤسسات الحاملة لتلك التوجات وتدخل في خانة التضليل والخداع في اهدف المؤسسات المدنية المعلومة العمل والتوجه للجميع .

 

 ومن هذا المنطلق، وفي ظل هذه الظروف وما موجود من الاوضاع الاجتماعية العامة والبنى التحتية والفوقية،  فان الدين ومتطلباته والفكر القومي وتوجهاته ومبرراته وما تبرز منهما من الفروع والمذاهب وهم المسيطرون على الساحة العراقية، كيف العمل .

 

 القوى الاخرى الصالحة لحمل الافكار العصرية لم يزكيها الواقع لحد الان وفي هذه المرحلة بالذات، وبشكل يمكن ان تسيطر على الوضع  ولو نسبيا، ومربط الفرس بيد من لا يهتم بما تهتم به الانسانية بشكل عام. ولكن الوضع الجديد وبعد هدوء النسبي في الرجة واستقرار الحال من جميع النواحي تقريبا، ستبدا المسيرة الطبيعية وما تتحملها من الاهداف الانسانية النبيلة وما تتطلبه مصالح الانسان وضرورات معيشته .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1172 الجمعة 18/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم