أقلام حرة

التشيع وفرسان شبكة الانترنيت

لا هم لهم سوى تسخيرها لمحاربة أعدائهم المحليين الافتراضيين والمحتملين والحقيقيين حتى تحولت صفحاتها إلى ساحات حرب حقيقية يجول فيها مجموعة كبيرة من الفرسان المدعين من سلالة الفارس الوهمي الأسباني ( دون كيخوته) لأنهم لا يحاربون أشخاصا يقابلونهم أو يقفون بمواجهتهم بل يخاطبون ويحاربون عبر الشبكة أشباحا لا يعرفون شكلهم ولونهم وأصلهم وحتى صحيح عقيدتهم حيث ثبت من خلال البحث في أسماء ومواضيع الكتاب في بعض المواقع أن مجاميع من حملة نفس العقيدة التي يحملها المهاجم يتعمدون الادعاء أنهم من الجانب الآخر ويوجهون تهما وطعنا لرموزه عازفين على  أشد الأوتار حساسية لكي يزداد حقدا وغضبا دون أن يعرف أنه تم تسخيره لخدمة أهداف مشبوهة ودون الإلتفات للذنوب الكبيرة التي يرتكبها والجريمة النكراء التي يقترفها.

وأكبر ساحات الحرب على شبكة ألنت العربي هي الحرب بين السنة والشيعة، وهي حرب ابتدأها السنة الذين دخلتهم الشبكة قبل دخولها لاماكن تواجد الشيعة من خلال نشر الأكاذيب والتهم الباطلة وأقوال بعض المعممين الدجالين والإفتائيين ووعاظ السلاطين والموظفين الدينيين الجهلة ضد الشيعة، حتى أصابت هذه العدوى غالبية المواقع العربية وكل المواقع السنية وبات لا يستثنى منها موقع من جريمة التحريض لقتل الشيعة وتكفيرهم، وكانت أشدها حقدا وتأثيرا مواقع رجال الدين المعروفين مثل موقع (إسلام أون لاين) التابع للشيخ يوسف القرضاوي، وموقع القادسية للدكتور طه حامد الدليمي، وآلاف المواقع الأخرى.

وخير مثل وقدوة لهؤلاء الفرسان هو (دون كيخوته) الأسباني الذي حارب طواحين الهواء وأختلق لنفسه أعداء افتراضيين لا وجود لهم فغزاهم في عقر دارهم التي هي أيضا لا وجود لها، فهؤلاء الفرسان يصولون ويجولون على شبكة ألنت لأنهم لا يجدون أمامهم خصما حقيقيا يرد عليهم الكلمة بالكلمة والجملة بالجملة وربما يتهجم عليهم أو حتى يضربهم بالإناء الذي أمامه كما فعل (البطل الهمام) عزة الدوري يوم ضرب المندوب الكويتي بالصحن الذي أمامه، إنهم يتصورون أنفسهم أمام مرآة عاكسة تريهم صورتهم الحقيقية التي هي أصغر كثيرا من صورتهم الوهمية التي رسموها لأنفسهم وبالتالي يشعرون أنهم عمالقة مقابل أقزام صورهم البادية على صفحة المرآة وهذا يبيح لهم أن يتنمروا ويستأسدوا للاشيء من أجل لا شيء، فقط ليشار لهم على أنهم من أبطال العقيدة التي يتبعونها، أو أنهم يكتبون إرضاء لساديتهم  أو ماسوشيتهم وتوحشهم. والدليل على ذلك أني لم أجد فيهم جميعا من يملك روح المطاولة العلمية للرد على الانتقادات والدراسات المقابلة التي تنسخ آراءه أو تبطلها أو تفندها وإنما يلجأ للصراخ والعويل والشتائم واستعمال الجمل السوقية التافهة، أو غالبا ما يتغافل عن الرد ولا يلتفت له.

كما أن مواضيعهم التي يتناولونها تتميز عادة بالسذاجة والعمومية الدالة على الحقد الدفين على الطرف الآخر، وهي عموما من الأفكار الاعتباطية التي تداولها  من يتعاطون المخدرات وحبوب الهلوسة، وخالية من الطرح العلمي أو التحليل الموضوعي وتراها تسير بدون هدف ولا غاية سوى طعن وتحقير الطرف الآخر والتصغير من حجمه. وتكون عادة مملوءة بالأكاذيب والافتراءات والدجل والحقد.

أما لغتهم التي يستعملونها فتتميز عادة بالصفاقة والسفافة والرقاعة والركاكة والسطحية والضعف، وتحتوي كما كبيرا من الكلمات العامية السمجة والكلمات القاذعة ، وهم عادة يضمنونها كلمات خشنة لا يستعملها إلا أبناء الشوارع، كما تطرز مواضيعهم كلمات إباحية وسب قاذع وشتم فاضح وأسماء الأعضاء التناسلية وصور الأعمال الجنسية الفاضحة وكلمات كثيرة أخرى تخدش الحياء أو تتنافى مع الذوق العام. مما يؤكد أنهم مجرد طفيليين على العمل الصحفي بشكل خاص والثقافة بشكل عام. وأن هنالك من سخرهم لأداء هذه المهمة القذرة. ولا يستبعد أن يكون الكثير منهم غير عراقيين بالأساس. لكن الملفت للنظر أنهم غالبا لا يتواجدون في العراق حاليا.

أما أسمائهم التي يستخدمونها فهي عادة أسماء مستعارة، وهي في الغالب تختار بعناية لتخدع القاريء البسيط لأنها تصور الكاتب على أنه من هذا الطرف أو ذاك بعيدا عن حقيقة أصله.

المشكلة أن هذه النماذج القميئة بدأت في الآونة الأخيرة بالتفريخ والتكاثر بعد أن وجدت لها حواضن في بعض المواقع الالكترونية المشبوهة، ووجدت دعما من جهات مشبوهة أخرى تريد تخريب التغيير الذي حدث في العراق وتخريب العملية الديمقراطية. حتى طغت أصواتها على الأصوات العاقلة الأخرى.

إن وجود هذا الكم الكبير من الكتاب الذين يتطاولون على التشيع ومعتنقيه بهذا الشكل الحقير لا يتواءم مع مبدأ الحريات العامة أو حرية التعبير. وعلى الأطراف الشيعية أن تتولى الرد ليس على هؤلاء الكتاب لأنهم أصغر من أن يرد عليهم، ومواضيعهم أقل من أن تكون موضوعا، بل أن يتم الرد على المواقع التي تسمح لهم بنشر غسيلهم القذر المنقوع بماء الصرف الصحي. وعلى الأطراف الشيعية أن تبادر لرفع دعاوى قانونية على أصحاب هذه المواقع وتطالب بغلقها فورا لأنها تحولت إلى مؤسسات إرهابية تشجع على الكره ونبذ الآخر وإقصائه وسلب ومصادرة حقوقه.لأنها خرجت على الآداب العامة وخالفت مبدأ حرية التعبير. كما يجب على الحكومة أن تخضع هذه المواقع لقانون مكافحة الإرهاب لأنها تمارس الإرهاب فعلا.

إن تحول موقع "كتابات" من خطه السياسي المعارض إلى خط معاداة أتباع أهل البيت عليهم السلام بهذا الشكل المقزز الدال على السقوط الخلقي بحجة أن ضمير الكاتب هو الرقيب عليه، وهو يعلم أن من لا يملكون ضميرا باتوا اليوم بالملايين، هو الأنموذج الامثل للمواقع التي تمتهن التخريب وبث الفرقة ونشر الكراهية، والدليل أن من يراجع كتاباته خلال السنة الماضية على الأقل يجدها أبدا لا تدعو لوحدة العراقيين وتوحيد كلمتهم ولم شملهم، ولا تتطرق لمحاربة الاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان، ولا للمجازر التي ارتكبت ولا زالت ترتكب في الشيشان، ولا لمصائب الصومال، ولا لمحاربة المد الصهيوني في البلاد العربية، ولا لمكافحة أعمال التنصير الناشطة في العالم الإسلامي كله، ولا لنصرة الشعوب العربية التي يطالها الذبح والإذلال على يد حكامها الجهلة كما هو الحال اليوم في اليمن الجريح، وعليه تجد في صفحات هذا الموقع أسماء امتهنت سياسة التحريض والتطاول، وهي عموما أسماء مستعارة لا يعجبنا ولا يشرفنا ذكرها أو التطرق لها.

إن مجرد استعمالهم للأسماء المستعارة لا يأتي من باب التخوف من ردود الفعل الشعبية والرسمية، بقدر ما يأتي من معرفة هؤلاء الأقزام أن كل كتاباتهم وأعمالهم التي نشروها والتي سينشرونها مستقبلا لا يعتد بها ولا يتشرف بها كاتبها لأنها بعيدة عن الشرف والوطنية والروح الإنسانية. ولا يفتخر أي إنسان شريف أن يضمنها لأرشيفه المهني.

أما عدم ردنا على هذه الكتابات أو تفنيد ما يأتي فيها من كذب ودجل وتحريض فذلك ليس لقصور فينا أو ضعف في منهجنا الاحتجاجي وإنما لأننا أكبر من المهاترات الفارغة ولأننا الدعاة الحقيقيين للوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب، ولأننا نعرف أن العقلاء والمؤمنين الحقيقيين في المذاهب الأخرى لا يرضون بهذه الأعمال البعيدة عن روح الإسلام ونهجه. ولكن هذا لا يعني أننا غير معنيين بما يجيء فيها ولذا يجب أن تنصب عنايتنا على الجانب الأخلاقي والقانوني بعيدا عن المهاترات الفارغة التي اتخذوها سبيلا.

 

 والله من وراء القصد.

 والحمد لله رب العالمين

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1173 السبت 19/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم