أقلام حرة

حدود تدخل السلطة في امور المجتمع العامة والخاصة

تديرها الية معينة منذ البداية وتطورت بمرور الزمن وتفرعت منها اقسام وفروع واستندت على افكار ومباديء وفلسفات وتغيرت بتطور المجتمع والبقعة التي كان فيها، فسميت بالسلطة او الادارة او الحكم .

بطبيعة الحال، كلما ازدادت نسبة السكان وتوفرت المستلزمات المادية الضرورية وبدات المنافسات والصراعات باشكالها البدائية بداية، واعتمادا على البقاء للاصلح والاقوى واستنادا على القوة، وهذه دوافع وغرائز متوارثة بعيدة عن العقلانية في التفكير والانسانية في التصرف والعمل كلما ازدات التدخل بشكل مباشر من قبل اسلطة في حياة الناس . هكذا بدات نشوء مراكز الحكم والتحكم بالناس بعد الاستقرار وبناء المدن والتحضر، حسب مواصفات المرحلة ومستوى معيشة السكان والواقع الاجتماعي والثقافي ونوعية العلاقات التي ارتبطت ابناء المجتمع مع بعضها، ومميزاتها ووجود الفئات والطبقات في تركيبتها وكيفية التعامل معها من قبل السلطات، وايمان السلطة نفسها بذاتها ومواصفاتها ومدى عقلانية التصرف مع المجتمع من اجل مصالحها الخاصة قبل غيرها، ومن اجل ضمان استمراريتها في التحكم بالمجتمع . اي تعاقب المراحل بدات بشكل عفوي وطبيعي من حيث تقدم نوعية السلطة وافكارها ومبادئها البسيطة، وتخللت الحكومات من فوضى وما حدثت من الاحداث والظواهر الاجتماعية، والتقدم الالي الذي اثٌر على عملية انتقال نوعية السلطة وتثبيتها على السكة التي دفعت بسهولة في مراحل تاريخية عديدة، الا انه شاب الحكم في العديد من مناطق عديدة من كافة صقاع العالم توترات وفوضى وحروب واصابت الشعوب بالامراض والفقر والبأس، وانهارت سلطات واستجدت اخرى، الى ان وصلنا الى العصور الحديثة وما اكتشفت من المعايير الاجتماعية والاقتصادية لمعرفة نجاح السلطة في تحقيق اماني واهداف المجتمع .

انما انا بصدد التوصل اليه هو تدخل السلطة واختلافها عن بعضها في شؤون الشعب، ولو اعدنا النظر في التاريخ سنرى الادارة والسلطة المطلقة على حياة الشعوب، وحتى تدخلها في شؤونهم الخاصة وفق خلفيات وما اعتبرت مباديء مثالية غيبية اعطيت بموجبها القدسية للسلطة وموقعها وقطع الطريق امام اي اعتراض لاوامرها مهما كانت جائرة، اي اصبحت السلطة الهة الارض بكل ما لها من الصفات الالوهية والقدرة على المحكومين، وليس هناك اي شك على مراحل العبودية والقنانة والفيودالية والامبراطوريات والدكتاتوريات وما شابهت تلك في العمل وبمسميات عديدة اخرى . وفي المقابل انوجدت مجموعات جريئة معارضة في لحظة من الزمن وضحت العديد منها بما تمتلك، وبروحها من اجل انقاذ نفسها واجيالها، وهؤلاء لهم المفخرة في التاريخ القديم والحديث، ومنهم بدات تُقوى الارادة لاندلاع الثورات والاحتجاجات بكل الوسائل البدائية المتوفرة في حينه، ووصلت لحد اسقاط الحكومات واحلال البديل. وهكذا الى ان انبثقت الحضارات واُنشات في العديد من مواقع العالم واستفادت من ثمار اعمال من سبقتهم في العلم والمعرفة، واستنتجت افكار واثمرت فلسفات وابنت مواقع ومراكز ومدارس علمية انسانية حضاربة، ومنها درست ادارة البلاد والافكار التي من الواجب اتباعها والطريقة او الالية التي من المفروض استخدامها، وكلها كانت بهدف خدمة المجتمع والخروج من العصور البدائية المظلمة. كلما انتقلت البشرية الى مرحلة متقدمة كلما سهلت الطريقة للوصول الى التعاون المشترك والمساوة النسبي لقلة عدد السكان في حينه . وهكذا بدات الافكار والفلسفات تحل محل ما قبلها كما يجب ان تحل مرحلة معيشية للمجتمع محل اخرى، وصدق توجه نظرية نفي النفي لحد اليوم واثبتت صحتها.

برزت مفاهيم منها لصالح الانسان وجائت وفق افكار وتحليلات متعددة من قبل الفلاسفة والعلماء المحايدين البعيدين عن السلطة وملذاتها في كل زمان ومكان، ومنهم من ضحى بحياته في سبيل بيان الحق، وطغت المصالح ومتطلبات سيطرة فئة مستفيدة على نوعية السلطات المتكررة في العالم . الفلسفتان الرئيسيتان اللتان اثبتتا انهما متقابلتين هي المثالية والمادية وما تضمنان من الافكار . وفي كل مرحلة ناريخية ظهرت على الملا المصالح والدوافع للداعمين لاي منهما وبحجج اما علمية او خيالية نابعة من التفكير المصلحي الذاتي . وبرزت الوسائل الضرورية كمفاهيم لادارة الناس، والديموقراطية الحقيقية من ابرزها والتي بقت وتطورت لحد وصولها هذا العصر . وقطعت المراحل التاريخية التي وصفتها الكثير من الافكار بضرورة الوجوب والمرور والانتقال شوطا كبيرا، وتميزت كل مرحلة بصفاتها وما كانت تحتويها من الافكار والتوجهات والفلسفات والاليات والسلطات التي اهتمت بها . الى ان وصلنا الى الراسمالية وفي مقابلها اليسارية وما بُحث عنهما وكيفية تطبيقهما والانتقاد العلمي التي حصلت حول المباديء العامة لكل منهما . ولكن تحليل اليسار للحياة وكيفية التطور ومجيء العصر الجديد، واستقرار المراحل سيطر على ما ادعاه اليمين، مهما شاب بعض مراحلها ماهو خارج التوقعات، فحدث التطور والتقدم الاجتماعي كما فسرته اليسارية، وشابت المراحل ايضا المعوقات والردات الطبيعية، وهي محسوبة مسبقا من قبل الفلاسفة والعلماء اليساريين ومحللي حياة الانسان وما فيها وما ستؤول اليه. وكلما تقدمت الاوضاع في جميع المجالات قلت تدخلات السلطة مهما كانت نوعها في شؤون الشعوب الى ان نتوصل الى مرحلة العدالة الاجتماعية والمساواة والعيش المشترك دون الاحتياج الى سلطة ما في اخر المطاف، وهذه هي الدروس التي يجب ان تعتبر منها السلطات اليوم لعدم تدخلها الفضيح في اكثر الاحيان في شؤون الفرد الخاصة ايضا .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1173 السبت 19/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم