أقلام حرة

القدس "عاصمة" الانتهاكات الإسرائيلية

بشتى الطرق والذرائع الملتوية، كما هو الحال في حي سلوان ومعاناة أهله من قرار إخلاء بيوتهم التي يمتلكونها منذ العهد العثماني، وقبل قيام ما يسمى بدولة "إسرائيل" نفسها، وذلك بالتزامن مع إعلانها عاصمة للثقافة العربية لهذا العام، فإن الإهمال الإعلامي والسياسي لا يزال يطبع المشهد المقدسي ومقدساته الإسلامية والمسيحية لجهة تجاهل ممارسات التهويد المستمرة من قبل "إسرائيل" أو التعتيم عليها، وضعف الدعم المقدم بالنسبة للفلسطينيين.

ففي آخر تقرير يرصد الانتهاكات الإسرائيلية ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين خلال عام واحد، صادر عن «مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان»، يذكر التقرير أن عدد الانتهاكات تقدر بـ87 انتهاكاً صارخاً، كانت نسبة المدينة المقدسة منها 56 انتهاكاً مختلفاً، وهو ما تعادل نسبته 65 في المائة من مجمل الانتهاكات الصهيونية.

ويحكي التقرير عن بداية هذه الانتهاكات منذ قيام «إسرائيل» عام 48، حين هدمت القوات الإسرائيلية العشرات من مساجد القرى التي احتلتها الدولة العبرية بعد أن هجرت سكانها منها، وواصلت استهدافها المقدسات الإسلامية والمسيحية، وبلغت ذروتها خلال انتفاضة الأقصى من خلال قصف العديد من المساجد وهدمها واقتحام أخرى، فضلاً عن الحرب الأخيرة التي شنتها «دولة» الاحتلال على قطاع غزة التي دمرت من خلالها عشرات المساجد مطلع العام الحالي.

ويشير في الوقت نفسه إلى سياسة المكيال الإسرائيلي في إدارة المقدسات، فيوضح أنه في الوقت الذي يشدد فيه جيش الاحتلال قبضته على مدينة القدس والمسجد الأقصى ويمنع مئات المصلين من دخوله والصلاة فيه، فإنه يسمح للمغتصبين الصهاينة والأجانب والسياح بدخول ساحاته؛ مما يهدد قدسية المكان ويثير حساسية شديدة لدى المسلمين، مؤكداً أن كل ذلك مخالفة للعديد من المواثيق والقوانين الدولية واتفاقيتي «لاهاي» و«جنيف» اللتين تطالبان بضرورة حماية هذا الحق، وعدم انتهاك حرمة الأماكن المقدسة لدى الشعوب وقدسيتها، وشددتا على ضرورة الحفاظ على الأوضاع الثقافية والتراثية في أي بلد.

وفي السياق ذاته، كشفت "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث" النقاب عن أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعكف على شق نفق جديد تحت بلدة سلوان، يصل طوله إلى أكثر من 120 مترًا، وبعرض متر ونصف، وبارتفاع ثلاثة أمتار، يتجه شمالاً باتجاه المسجد الأقصى، وأن سلطات الاحتلال تسعى إلى ربط هذا النفق بآخر يتم حفره في حي وادي حلوة في بلدة سلوان؛ بهدف ربط هذا النفق الجديد بشبكة الأنفاق التي لا تزال تحفر تحت البلدة وتتجه كلها نحو المسجد الأقصى، كما تهدف سلطات الاحتلال إلى ربط هذا النفق الجديد بالأنفاق التي حفرتها ولا تزال تحفرها في محيط المسجد وأسفله.

والحال أن مدينة القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية، والمسجد الأقصى بالذات، تواجه مخاطر محدقة من جانب سلطات الاحتلال التي تحاول تهويد المدينة بصرف النظر عن موقفها الديني بغية تحقيق مآرب سياسية، في ظل حالة من الصمت والعجز العربي والإسلامي التي تدعونا إلى إعادة النظر في لقب مدينة القدس لهذا العام، وتتويجها عاصمة للانتهاكات الإسرائيلية "بامتياز".

 

هشام منوّر

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1173 السبت 19/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم