أقلام حرة

الواقع المصري أجدى بتسليط الضوء عليه

 الطرح وفي نفس الوقت تراهم يبتعدون عن مشاكل بلدانهم ولا يخضون فيها، فلو كلفوا أنفسهم عناء النقد الأيجابي لبعض الظواهر السلبية في أوطانهم لتحسنت كثير من أحوالهم وحٌلت العديد من مشاكلهم، وما حفزني للكتابة في هذا الموضوع هو الزيادة الملفته في عدد المقالات التي يكتبها كتاب مصريون ويتناولون فيها الشأن العراقي بأسلوب مشين لا يخلو من التشفي والحقد تارة وأثارة المشاكل بين أبناء البلد الواحد تارة أخرى أضافة على أننا نصنف مقالاتهم هذه كنوع من أنواع الأبتزاز، فمن خلال مطالتعي اليومية لعدد من الصحف العربية ومواقع الأنترنت لاحظت زيادة غير مسبوقة في أعداد هؤلاء الكٌتاب، وكأني بمصر المحروسة قد قَضَت على جميع مشاكلها من أنتشار الفساد، والقمامة، والبطالة الى الخيانة والعمالة ولم يجد كثير من كتابها إلا العراق ليوجهوا له سهام النقد الجارح، فالبعض من هؤلاء الكٌتاب ينظرون الى العراق وقضاياه من زاوية واحدة والبعض الآخر مدفوع لمغازلة جهة ما وأخرون مولعون بالتودد والتوسل حد الأستجداء لغرض تثبيت نفسه في هذه الجريدة أو تلك أو التملق لهذا الطرف أو ذاك كعادة كثير من المصريين فأينما تميل مصالحهم يميلون على حساب كثير من المبادئ والقيم، والغريب في الأمر تخوف هؤلاء الكتاب وقلقهم حسب ما يدعون على هوية العراق العربية وكأن العروبة في العراق هي مجرد هوية تتغير بتغير الظروف والأهواء؟

 

كنا نتمنى على هؤلاء الكتاب أن يركزوا أهتمامهم على كم المشاكل المصرية التي تحتاج الى جهد هؤلاء الكٌتاب لتسليط الضوء عليها ومحاولة أصلاحها فمن مشاكل الأقليات الى أرتفاع الفوارق الطبقية بين المصريين للحد الذي وصل الى أن هنالك ما لا يزيد عن الواحد في المائة من السكان يتحكمون بأكثر من 80% من الثروة، حيث

 

أشارت تقارير عديدة صدرت مؤخرآ بهذا الخصوص ومن منظمات دولية مرموقة وحتى مصرية الى ظاهرة تفشي الفقر في مصر وأرتفاع مستوياتها حيث أتسعت الفجوة بين طبقة المستفيدين وبعض المتنفذين وحاشية النظام المتسلط على رقاب الشعب المصري منذ اكثر من 24 عامآ والذي يمهد للتوريث وأعوانه وبين باقي شرائح المجتمع المصري المغلوب على أمره، فهذه أحصائيات للبنك الدولي تشير بأن نسبة الفقر في مصر سجلت عام 2008 ضعف المعدلات المثيلة في دول الشرق الأوسط أذ بلغت أكثر من 25% من مجموع السكان الذين يصل دخلهم الى دولار ونصف يوميآ، وأكد تقرير صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لعام 2009 أن أكثر من نصف جميع الدول النامية تعاني أرتفاع أعداد الفقراء المدقعين لهذا العام وهذه النسبة مازالت الأعلى بين الدول المنخفضة الدخل - مصر والدول الفقيرة في أفريقيا، وأفاد تقرير آخر للتنمية البشرية العربية صدر عام 2009 أيضآ والذي رسم صورة أكثر قتامة من تقرير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي حيث كان هذا التقرير قريبآ جدآ من واقع المجتمع المصري وقدم دراسة مستفيضة شملت كل مظاهر الفقر المقنع وغير المقنع، حيث أشار التقرير الى أن معدلات الفقر الحقيقية في مصر تبلغ 41% من أجمالي عدد السكان ووفقآ لهذا التقرير الذي شمل عدد من الدول العربية تأتي مصر في المرتبة الثانية في أرتفاع معدلات الفقر بعد اليمن، ولذلك تجمع كل التقارير والدراسات الدولية على أن نسبة الفقر في مصر قد تجاوزت كل حد، لدرجة أن النسبة الأكبر من الشعب المصري أصبحت تعيش تحت خط الفقر، حيث تُرجع هذه التقارير سبب زيادة نسبة الفقر الى السياسات الأقتصادية المتبعة التي لا تعمل على مبدأ العدالة في توزيع الثروات بين أفراد الشعب (وهذه هي عبارات دبلوماسية تستخدم في كتابة وصياغة التقارير التي تصدر من هذه المنظمات) حيث أن الجميع يعلم حجم ومستوى الفساد الذي ينخر أجهزة الدولة المصرية، وقياسآ على هذا المثال يأتي موضوع الخدمات والبنى التحتية حيث يشهد القطاع الصحي المصري تراجعآ على كافة المستويات أضافة للقطاعات الأخرى من تعليم، وطرق، الى نظافة، حيث قاهرة المعز ترتفع فيها أكوام النفايات التي بدأت تنافس الأهرامات طولآ وعرضآ. ولا بد هنا من أن نُذًكر هؤلاء الكٌتاب أيضآ الذين يحاولون المزايدة على مواقف الآخرين وخاصة المواقف العراقية متجاهلين عن قصد المواقف السياسية للنظام في مصر من بعض القضايا العربية، وسوف نورد لهؤلاء الكُتاب وللرأي العام بعض الأمثلة على بعض المواقف المصرية من القضايا العربية المصيرية، منها مساهمة مصر بفعالية في حصار ليبيا وتشديد الخناق عليها وجعلها ترضخ للأبتزاز الغربي، وتآمرها على سوريا حيث كانت تحرض الأدارة الأمريكية السابقة ضدها، وساعدت في تأزيم الوضع في السودان، وموقفها المتآمر ضد العراق حيث مهدت الطريق لتدمير العراق عام 1991 عن طريق شرعنة الحرب عليه من خلال نفوذها في الجامعة العربية وهي التي قامت بفتح حدودها وأجواءها لقوات الحلفاء وشاركت بفاعلية في الجهد الأستخباري ضد العراق وهي التي أرسلت أكثر من 60 الف من جنودها للمشاركة الفعلية في ما يسمى بالتحالف الدولي لأنتزاع الكويت من جسد العراق، ومصر تآمرت على لبنان ومقاومته في عام 2006 وسخرت أعلامها للنيل من صمود اللبنانيين، أما فيما يتعلق بغزة فحدث ولا حرج فقد نالها من تآمر النظام المصري الشئ الكثير حيث شاركت (مصر العربية) في الحرب على غزة وحصارها، عن طريق أغلاق المعابر، ومنع الغذاء، والدواء، وتدمير الأنفاق، والقيام بتعاون أستخباري عالي المستوى مع أسرائيل لحسم معركة غزة بالسرعة الممكنة مبدية أنزعاجها وقلقها من الصمود الأسطوري لأبناء غزة بوجه أكبر آلة حرب عسكرية في المنطقة، فمنذ معاهدة كامب ديفيد والسياسة المصرية أخذت على عاتقها قتل أي روح أو صوت للمقاومة في المنطقة أضافة لترويج التطبيع مع أسرائيل للتغطية على هزائمها المتتالية وتوقيعها لمعاهدة أستسلام مذلة بشروط قاسية،، بعد هذه النظرة الموجزة والأمثلة البسيطة على المواقف المصرية من القضايا العربية يتضح لنا بأن مصر لا علاقة لها بالعالم العربي ولا بقضاياه المصيرية فالرابط الوحيد الذي يربط مصر بالمنطقة العربية هو المصالح الأقتصادية البحتة فجلب رؤوس الأموال، وتدفق الأستثمارات العربية وخاصة الخليجية وتصدير العمالة المصرية الى هذه الدول هو هدف مصر الوحيد من علاقتها بالمنطقة العربية، وعلى الساسة والمثقفين العرب التنبه للدور والتحركات المصرية القادمة الهادفة الى نشر الفتنه بين شعوب هذه الدول وتخويفها من البعبع الأيراني القادم لأبتزازها وشفط أموالها، فبعد كل هذه المواقف التي ذكرناها،، فألى متى يبقى البعض أسرى لسياسة التخويف والأبتزاز المصرية؟

 

حيدر مفتن جارالله الساعدي

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1175 الاثنين 21/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم