أقلام حرة

الطبقة الكادحة والمناسبات العامة

علاقة الواقع مع ما يدركه ويستقرئه ويستدله ويتوقعه ويظنه ويتوصل اليه لتفسير ما يعتقده بانه هو جوهر ولب الحقيقة، ويحاول جمع الناس وما حوله لنفس الفكر او يمكن ان نسميه بالفلسفة والبحث ماوراء الحياة البايولوجية الحية . وهكذا باستمرار تراكم حاصل الافكار وتكاثره عدديا ومقارنة اوجه الاختلاف والتشابه بينهم، مما يفرز الاصح او الاكثر عقلانية وتصورا ويهمل الخيالي . هكذا جاءت الاساطير والقصص الخيالية ومن ثم المعتقدات والاديان، الى ان وصلنا الى العلمية التجريبية في الفكر والعقلية، وما وصل الينا الان جلب معه الملحقات كما هو حال المناسبات والاعياد والايام الخاصة بعقيدة وطريقة ومذهب ودين دون اخر . والكثير منها محاولات للمعتنقين لنقل الخيال الى ارض الواقع والالتماس منه، والتوجه اليه في الشدة او ما يعتقدون انه ناجيهم في المحنة والازمات ، او حالة ضعف كما نعرفه جميعا وما اعتمدته مرحلة عبادة الاوثان .

 

 اليوم، وما نراه من الاوضاع  الاجتماعية وما فيها من الصفات وما تتضمن من ترسبات الماضي نجد انها ايضا في تغيير مستمر، والطبيعة الاجرائية لاي مناسبة تصطدم مع المستجدات والتطورات المتلاحقة في الحياة وما فيها، فاما تُلائم نفسها معها او تزول في حال عدم قدرتها للتكيف . ومنها تقويها الاعتقادات والتقديس الذي يدعها بعيدا عن المس من اي تطور طبيعي او تدخل عقلاني، واكثرها افرازات دينية باقية لحد الان ومقاومة للانحلال الذي يمكن ان يصيبه جراء التقادم، او متغيرة ومتكيفة وفق المتغيرات الحاصلة في جميع المجالات وهي لا تشبه الاصل الذي اعتمدت في حينه باية نسبة .

 

ما انا بصدده هو ثقل بعض المناسبات من الناحية المادية على جميع الطبقات وبالاخص الكادحة الفقيرة والتي من المفروض ان تتعامل مع كل مناسبة مهما كلفتها من مال وجهد وحالات نفسية غير مستقرة. في وضع ما وعندما يريد اي كان التحرك وفق ما يعتقده لابد من ايجاد الوسيلة لتحقيقه، والظروف المحيطة قد تمنعه ولابد من ازالتها وهنا الثقافة العامة ودور المؤسسات هام للتدخل في هذا الامر، واليوم والتطور المشهود في كافة المجالات ازداد من الوسائل واثقل عبا الطبقة الكادحة الفقيرة، وليس لها اي بد الا ان تمتلك ما تقدر عليه وان صرفت ثمرة كفاحها وكدها  في العمل بالكامل .

 

من هذه المناسبات والتي باقية لحد اليوم على حالها هي الاعياد الدينية العديدة المختلفة، وابدعت المذاهب والطرق الدينية في ايجاد العدد الغفير الخاص بكل مذهب وطريقة من اجل تميزه وخصوصيته وابرازه بين الاخرين، وهذا ما ازداد الطين بلة على الفقراء واوجب الالتزام بها .

 

مايحز النفس هو ادخال الطفل البريء واقحامه فيما يخص تلك الناسبات، وظهور ملامح التميز بينهم او بالاحرى انعكاس الفروقات الطبقية عليه، واحساسه بما يمتلكه غيره وليس بمقدور اهله حتى طلب ما يتمناه، وهذه هي السلبيات التي تبرز من المناسبات العامة وليست على الطفل لوحده بل على جميع الفئات العمرية وتستمر كلما بقت كما هي هذه المناسبات في المجتمع .

 

هنا يمكن تدخل السلطة بشكل ايجابي في هذه البلدان من اجل التاثير على مجرى هذه المناسبات او اجراء اللازم من ايجاد مناسبات اخرى موازية وعليها ان تتحمل توفير الوسائل الخاصة بكل مناسبة وايجاد المستلزمات الخاصة للطبقة الكادحة الفقيرة التي يقلل شيئا من التاثير السلبي على نفسيتها، ومحاولة جمع وتقارب هذه الطبقات والتاثير علي اسلوب وطبيعة وكيفية اداء المناسبات لصالح التقليل من تاثيرات الفروقات، وتوحيد الاجراءات المتبعة في هذا الشان والاهتام المباشر بهم وسن القوانين الضرورية الخاصة الراعية لوضع وظروف هذه الطبقة في المناسبات . 

 

 

 

 

في المثقف اليوم