أقلام حرة

الى متى يحتاج العراق لنظام ديموقراطي توافقي؟

المواطنين وواجباتهم والحكومة والمعارضة وماعليهما ولهما في ظل الحرية والمستوى الثقافي الاقتصادي المطلوب.

اما في واقع مليء بالتناقضات ومجتمع موزائيكي التركيب وظروف عامة ومستويات وعي كما هو الحال في العراق، فيحتاج لالف وقفة ووقفة من اجل ايجاد الطريقة المثلى لتطبيق الديموقراطية الملائمة في هذا الجو من المشاحنات وفي هذه المرحلة المتنقلة من تاريخه، ووضعه الخاص من حيث بقاء ترسبات الماضي وسلبياته وتدخلات دول الاقليم ومصالحهم ومرامي القوى الكبرى العالمية واهدافها وتوازنات القوى الداخلية وما ورائها، وابعاد الافكار والمعتقدات المنتشرة وافرازاتها، ومستوى تامين حقوق الانسان واهمية الراي العام والصحافة والاعلام ومجموعات الضغط وادوارها .

و هذا ما يدعنا ان نعتقد ان العوائق والتعقيدات والمعرقلات امام النظام الديموقراطي الكلاسيكي كثيرة جدا ولا يمكن تفاديها بالسهولة، وفي ظروف لم ينضج بعد مدى وصول العقلية العراقية لتقبل الاراء المخالفة والتعددية والاعتماد على الفكر الانساني البحت، وعدم الغاء الاخر والاستناد على الوسائل السلمية لحل القضايا المخالفة عليها، وفي ظل هذا التاريخ القصيرمن عمر الديموقراطية العراقية وما تحتاجه العملية الديموقارطية من التجريب والممارسة ودخولها ثنايا حياة المواطن، والعقلية المناسبة لمجتمع مار بخضم العمليات السياسية والاجتماعية بديموقراطية حقيقية، لا يمكننا ان نتفائل في نجاح الديموقرايطة بشكلها ومبادئها واطرها ومحتواها الكلاسيكي السهل.

العراق اليوم وبعد ست سنوات من سقوط الدكتاتورية رغم توفر نسبة مقنعة من الحرية العامة الا ان العقلية التي تدير البلاد والتوجه لايزال يصر على مركزية الحكم في ادارة البلاد، وفي جو ينعدم فيه وعلى ارض الواقع الاقاليم التي توفر الارضية اللامركزية والنظام الفدرالي، والاصرار على الاستناد على التقسيم الاداري السابق من المحافظات وعدم وجود حق النقض للاقليات والنظام الانتخابي المعلوم في ظل سيطرة الصراع القومي والمذهبي .

وفق المعطيات واستنادا على القراءة الواقعية وبعقلية محايدة وبافكار مرتكزة على المباديء الانسانية، ان حللنا الواقع العراقي، فانه يحتاج لمرحلة طويلة او مراحل متعاقبة من التعلم لما تتطلبه العملية الديموقراطية وتطبيقاتها، وهي عملية متداخلة ذات علاقات متشعبة مرتبطة مع بعضها، يجب ان يتفاعل المواطن البسيط معها ويتفهم جوهرها، وهذا ما يحتاج لاصلاحات وتغييرات جذرية في كافة المجالات ولمراحل متعاقبة، فعليه لا يمكن باي شكل كان اهمال التركيبة الاساسية للمجتمع وعقلياتهم وافكارهم واعتقاداتهم لاتباع النظام الديموقراطي المستند على الاكثرية والاقلية في الوقت الذي يشارك كافة ابناء الشعب وبهذا المستوى والعقليات في العملية الانتخابية. اي على الحكماء المجربين والعقليات الطليعية المتنورة ان يؤدوا دورهم البليغ في هذه المراحل المتنقلة لحين توسيع وتوفير الارضية بعيدا عن العقد المتوارثة وايمانا من الاعماق بالعملية كاستراتيجية وليست كوسيلة من اجل اهداف اخرى، وخصوصا الشعب منقسم على نفسه وحسب خصوصياته رغم تنكر السياسيين، وكل فئة تدخل الى العملية وتصوت في الانتخابات اعتمادا على انتمائه الفئوي والمذهبي فقط، ولا تنظر الى الابعد والاستناد على الطائفية والمناطقية مستقرة لحد اليوم ويحتاج لوقت لتخفيفه والخروج من الاطر الضيقة في التفكير، ولا يمكن الا بعد ان تتعود الاجيال على اداء واجباتها وتطبيق ما عليها وممارسة العملية واخذ الخبرة، وعندئذ سيشهد الواقع تغييرا يمكن تغيير النظام العام لكي يلائمه ويستند عليه . اليوم بعد تقييم هذا الواقع، يمكننا ان نتاكد بان النظام التوافقي كاهم مبدا اساسي ضروري معتمد يمكن ان نستمر في الاستناد عليه لهذه المرحلة وربما لمراحل عديدة متعاقبة اخرى لحين استقرار الاوضاع من كافة النواحي بشكل كامل، ويعتمد العراقي في حينه وفي قرارة نفسه وفي قراراته على مواطنيته وحقوق المواطنة وواجباتها فقط.

 

 

 

 

في المثقف اليوم