أقلام حرة

محمد العيتاني .. معرباً وكاتباً ماركسياً

العربي وتمتع بحضور مدهش ولافت في المشهد الثقافي والأدبي والفكري اللبناني، في مضمار الفكر والأدب والترجمة.

 

ارتبط العيتاني بالحركة الماركسية والمعاقل الثورية، وأنتمى للحزب الشيوعي اللبناني، وعرف بنزاهته ونقاوته وشفافيته ونضاله ضد قوى الظلام والتعصب والشر وأفكار القهر.

 

كان العيتاني معطاءً على الدوام، ثابت اليسارية، قابضاً على جمرة الثقافة والأدب، عميق الايمان والتسلح بالفكر العلمي والمادي الجدلي، مبدعاً يعاني البحث عن الجديد في حركة المجتمع، متجاوزاً برؤيته دائماً الذات الضيقة الى النظرة الأكثر شمولاً.

 

خاض العيتاني معارك الفكر النقدي الثوري ووضع كل طاقاته الابداعية، وفكره وقلمه، في قلب المعركة من أجل حرية الكلمة والتغيير الاجتماعي الجذري المرتجى والمأمول، وغرس الثقافة الديمقراطية والتقدمية الانسانية، ولم تغب عنه أحوال ومصالح الكادحين والمسحوقين، وظل يراعه حاضراً أبداً في الترجمة والكتابة الابداعية الملتزمة في مجالات القصة والرواية، واضعاً بمتناول قراء العربية أهم وأكبر مرجع ماركسي في العصر الحديث (الرأسمال) .

 

امن العيتاني بالواقعية وحمل رايات الحق والجمال والكفاح ضد الظلم والكبت والتعسف والطغيان، منتصراً لحرية الشعوب المسحوقة والكادحة الطامحة لمعانقة الشمس والحياة والعدالة والمستقبل الجميل. كان همه الأول والأخير، الانسان وقضاياه الكبرى. وتجسدت نظرته بالوحدة البشرية بكل تنوعها في سبيل عالم تسوده العدالة والمساواة والديمقراطية والتعددية والقيم الروحية واليسارية الثورية التي نادت بها الماركسية . ومات وحيداً وفقيراً وحزيناً ومريضاً، تاركاً أوراقه المنثورة في كل مكان، والضباب يحيط كلماته والخيبة تفترسه.

 

محمد العيتاني الانسان المركسي والمثقف الذي لم ينحن للعاصفة، شغل مساحة شاسعة في الحياة الابداعية والثقافية اللبنانية، وذلك يعود الى رؤياه الواضحة والصادقة، للحياة والواقع والسياسة والفكر والأدب. وقد عمل في دار الكتب الوطنية وأنشأ بالتعاون مع عبداللـه العلايلي وعاطف الحلبي دار "المعجم العربي"، ومن أبرز الكتب التي عمل على تعريبها الى العربية : الأيديولوجية العربية المعاصرة لعبداللـه العروي، مئة قصيدة حب لبابلو نيرودا، أزهار الشر لبودلير وسواها الكثير . أما في مجال الابداع القصصي والروائي فله: مواطنون قيد الدرس، حوافز الخيل، حبيبتي تنام على سرير من ذهب. اضافة الى سيرته الذاتية " نهر الزمان " التي نشرها في مجلة " الطريق " الفكرية اللبنانية.

 

كتابات محمد العيتاني الروائية والقصصية تتدفق حباً وحياة وصدقاً وواقعية، انها تشخص الهموم والأوجاع البشرية العامة وتنقل مشاكل وقضايا هذا العصر وأمراضه الحضارية، ومشكلات الانسان عامة وواقعه المتحول والمتغير وامكانياته في البحث والنضال لتحقيق واقع مستقبلي منشود.

 

ختاماً، محمد العيتاني حمل لواء القيم الانسانية والثورية النبيلة، وكرس نتاجه الأدبي والفني بوعي رفيع للأسهام في معارك الحرية والتقدم والتجديد والحداثة والديمقراطية، وشارك المقهورين فوق كل ارض همومهم وعذاباتهم وقلقهم المصيري وأحلامهم في العيش الحر الكريم، وفي التحرر والخلاص من كل أشكال وصنوف القهر والكوابيس، وطموحهم في بناء مجتمع ديمقراطي حر وعلماني مستقل. وقد ظلمته السياسة ولم ينصفه الأدب .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1182 الاثنين 28/09/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم