أقلام حرة

رؤية: مشروع المبادرة الوطنية لتخليد شهداء الوحدة الوطنية / مصطفى الأدهم

فكان أن حرك هذا النيزك تلك المياه، ونتج عن حركتها سيل عارم، جرف سدود التفرقة الطائفية - التي عملت عليها بحرفية الشيطان أبواق تحريضية ومنابر تكفيرية وأقلام فتنة وأصوات ساسة على مدى أعوام من عمر العراق الجديد.

أقول، أن عنقاء الوحدة الوطنية نهضت من بين ركام كدنا أن نصدق أنه أشلائها. لكن نزهان وعلي وقبلهما عثمان، وما بينهم كوكبة من شهداء الوحدة الوطنية، قد أزاحوا عن صدرنا حجر اليأس الذي كاد أن يخنقنا.

حلقت عنقاء الوحدة الوطنية في سماء العراق؛ كل العراق، متجاوزة الزنزانات الطائفية والسجون القومية، عابرة كل الحدود الإثنية، والمشهد كان واحدا في ربوع الوطن؛ التلاحم في عرس الشهادة - عرس نزهان وعرس علي - عرس الوحدة الوطنية الذي يسعد به كل عراقي يحب هذا الوطن وأهله.

 

لم تبخل النخبة المثقفة العراقية على شهداء الوحدة الوطنية، فتوالت المقالات والقصائد والمقترحات في تأبين وتكريم وتخليد الشهداء والدعوة لرعاية عوائلهم الكريمة. وعلى الصعيد الرسمي؛ كان الموقف هو الأخر منسجم مع الشعبي، ويستحق الإشادة.

من هنا، يشرفني أن أشارك أهلي الأحتفاء بهذه النخوة العراقية مقترحا "مشروع المبادرة الوطنية لتخليد شهداء الوحدة الوطنية" من أجل تنظيم ومأسسة وأرشفة هذه المفخرة العراقية، فلا يطالها وأبطالها النسيان، والأنتقال بها من مرحلة رد الفعل العاطفي المرحلي الى أطار تنظيمي دائم، خدمة للوحدة الوطنية وتخليدا لشهدائها.

 

المقترح يمكن أجازه بالنقاط التالية:

 

أسم المقترح / المشروع : المبادرة الوطنية لتخليد شهداء الوحدة الوطنية العراقية.

المقدمة: يتم أطلق تسمية شهيد أو شهداء الوحدة الوطنية العراقية على كل مواطن أو مجموعة من المواطنين العراقيين الذي/الذين يمنع/يمنعون القيام بعمل ارهابي - وفقا لما ورد في قانون مكافحة الإرهاب من تعريف وتوصيف للأخير، فينتج عن المنع أستشهاد المانع - فردا كان أم مجموعة.

عليه، يشمل الفرد أو المجموعة بأحكام "قانون" - (في حال تبنيه بشكل تشريعي وهو غاية المأمول) أو مواد بنود المبادرة الوطنية لتخليد شهداء الوحدة الوطنية.

الهدف: تخليدا لشهداء الوحدة الوطنية العراقية الأبطال. وعرفانا منا بسمو عطائهم ولا محدودية تضحيتهم ماجعلهم مفخرة رسمية وشعبية لجمهورية العراق، استحقوا عليها التخليد في سجل الذاكرة الوطنية الجمعية العراقية.

 

أولا: أقترح أن تتبنى مؤسسة الشهداء، أو وزارة حقوق الإنسان أو وزارة العدل أو الثقافة مشروع المبادرة، أو أن يكون مشروعا مشتركا بينهم يتبع مؤسسة الشهداء، وتكون له خصوصية وديمومة أي أستمرارية. فيدخل الإطار المؤسساتي، ما يضمن نجاح أهدافه ونتائجه المستقبلية. فلا يكون رد فعل عاطفي مرحلي. بل مشروع انساني نبيل يستثمر في صالح تعزيز وتعميق الوحدة الوطنية بشكل عملي، يليق بسمو الشهادة التي أقدم عليها الشهداء كنزهان وعلي وعثمان وبقية أشقائهم الأبطال.

 

ثانيا: أن تقوم الجهة الراعية للمبادرة الوطنية لتخليد شهداء الوحدة الوطنية، بأطلاق أسمائهم على الأماكن العامة أو الفعاليات الرياضية والمهرجانات والمسابقات أو اقامة التماثيل لهم في الساحات والحدائق، بالتنسيق مع أمانة بغداد، وحكومات الأقاليم والحكومات المحلية.

 

ثالثا: أن تقوم الجهة الراعية لمبادرة الوطنية لتخليد شهداء الوحدة الوطنية وبالتعاون من الجهة المختصة في العاصمة بغداد، بأقامة نصب تذكاري يحمل أسم "نصب شهداء الوحدة الوطنية" في قلب العاصمة. كما هو الحال مع نصب الشهيد ونصب الجندي المجهول. وتقوم الجهة الراعية للمبادرة بأطلاق مسابقة مشروطة لتقديم تصميم يمثل رمزية عراقية وطنية جامعة - يكون نصب شهداء الوحدة الوطنية - له بعده الفني، والهندسي، والمعماري والوطني. وتشكل أدارة خاصة لخدمته تابعة للجهة الراعية لمشروع المبادرة الوطنية لتخليد شهداء الوحدة الوطنية.

ويا حبذا لو يكون هذا النصب مزارا تؤمه كبار الوفود و الشخصيات الزائرة للعراق، كما هو الحال مع الدول التي تخصص زيارة لمرفق معين لكبار ضيوفها لوضع أكليل من الزهور عليه. وفي ذلك رسالة بليغة لكل زائر للعراق، لها بعدها السياسي والأعلامي، خصوصا ان كان الزائر من النوع الذي يحمل أجندة تدخل في الشأن العراقي الداخلي.

 

رابعا: أن يقوم رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، بسن سنة حسنة؛ ألا وهي ترفيع كل عسكري يقوم بهذا العمل البطولي والنوعي إلى رتبة عسكرية فخرية أعلى من رتبته. بناءا على أحكام مواد قانون "الخدمة العسكرية" وقانون "الخدمة والتقاعد لقوى الأمن الداخلي". مع ملاحظة أن المادة (16) من قانون "الخدمة والتقاعد العسكري" تنص:

"للقائد العام للقوات المسلحة بناءا على أقتراح من الوزير المختص ترقية الضابط إلى رتبة واحدة أعلى من رتبته أستثناء من أحكام هذا القانون ولمرة وحدة طيلة مدى خدمته أو منحه قدما ممتازا لمدة لا تزيد على (1) سنة واحدة في الرتبة الواحدة في أحدى الحالتين الاتيتين:

أولا: اذا قام بعمل بطولي مشرف اكسب الجيش فخرا أو دفع خطرا جسيما أثناء الحرب أو الحركات الفعلية أو المصادمات العسكرية.

ثانيا: اذا أثبت كفاءة نادرة أو تفوقا علميا ملموسا أو تفانيا في أداء الواجب وخدمة الجيش والوطن وشهد اموره بالتسلسل بقيامه بذلك".

وهو ما ينطبق على كل عسكري يضحي بنفسه بشجاعة منقطعة النظير فينفتدي وطنه وشعبه بأن يختطف الشهادة منهم لنفسه، ما يعد عملا بطوليا يشرف الجيش والشعب ويكسبهما الفخر.

 

خامسا: أن يسن كل من السيد رئيس الجمهورية، مام جلال طالباني، والسيد رئيس الوزراء، الأستاذ نوري المالكي، سنة حسنة، لمن سيخلفهما في المنصب، بمأسسة تخليد وتكريم شهداء وجرحى الوحدة الوطنية. دعما لمشروع المبادرة الوطنية لتخليد شهداء الوحدة الوطنية، من خلال العمل بأحكام المادة (73/خامسا) من الدستور، والتي تنص على:

"منح الأوسمة والنياشين من قبل رئيس الجمهورية بتوصية من رئيس مجلس الوزراء وفقا للقانون". (1).

عليه، سيكون من الرائع أن تنبى السيد رئيس الوزراء أسماء شهداء الوحدة الوطنية المقدمة من قبل الجهة الراعية لمبادرة تخليدهم، ومن ثم يقوم برفعها وتوصية السيد رئيس الجمهورية بمنحهم من خلال عوائلهم الأوسمة أو الناشين ذات العلاقة، كي يكون هذا التكريم عملا تخليديا مؤسساتيا. يرسم صورة راقية تليق برقي العراق ورقي شعبه وسمو الشهادة - التي لا يمكن أن تعوض.

 

سادسا: أن تكون مبادرة مجلس الوزراء في تكريم عوائل شهداء الوحدة الوطنية من خلال استحداث رواتب تقاعدية لهم - كما حدث في حالة الشهيد نزهان والشهيد علي - سنة ملزمة ومستمرة لأي تشكيلية وزارية. كي لا تنسى الدولة حق عوائل أبنائها البررة وعرفانا منها تجاه شهداء وحدتنا الوطنية فننتقل بالتكريم المادي من الحالة المرحلية/المؤقتة إلى الحالة الدائمة.

 

سابعا: أن تقوم وزارة التربية والتعليم وبالتعاون مع الجهة الراعية لمشروع المبادرة الوطنية لتخليد شهداء الوحدة الوطنية بمنهجة هذه الصور الرائعة بشكل علمي وأكاديمي صحيح وادخالها ضمن مناهج التريبة والتعليم، من أجل غرس أهداف نبل الوحدة الوطنية في أطفالنا، فنقطع الطريق على دعاة الفتنة والتمزيق.

 

ثامنا: دعوة الأوقاف الدينية إلى دعم هذه المبادرة من خلال شرح الأبعاد الدينية والإنسانية الكريمة لهذه الماثر النبيلة من ملاحم الشهداء في سبيل افتداء الوطن والمواطن.

 

تاسعا: الأخذ بعين الإعتبار التغطية الإعلامية الحرفية لهكذا مبادرة على مستوى الإعلام شبه الرسمي. مع التنسيق مع الاعلام الخاص والتطوعي. كي تكون النتيجة ملحمة عراقية جديدة تضاف إلى ملاحمه الخالدة.

 

الخلاصة: أن ما ذكر أعلاه، وأن كان لا يفي الشهداء حقهم الا انه محاولة من أجل تعبيد طريق مأسسة تخليدهم في الأرشيف و الذاكرة الوطنيتين.

 

عليه، هو أقتراح لمن يهمه الأمر في الدولة العراقية، يحمل عنوان مشروع المبادرة الوطنية لتخليد شهداء الوحدة الوطنية. يمكن لأي جهة حكومية ذات علاقة بموضوع الشهادة أن تتبناه. كأن تكون مؤسسة الشهداء في مجلس الوزراء أو بالتعاون مع وزارات حقوق الإنسان والعدل والثقافة ودواوين الأوقاف وبالطبع رئاستي الجمهورية والوزراء كي يأخذ المشروع كافة أبعاده المرجوة التي تليق بسمو الشهادة ولا محدودية عطاء الشهيد، الذي يروي بدمه الطاهر نخلة الوحدة الوطنية العراقية.

فمع هكذا كرم ما بعده كرم، لا بد أن تبلغ الدولة العراقية والمجتمع العراقي أعلى صور الوفاء لدماء الشهداء.

 

والله الموفق ..

 

 

مصطفى الأدهم

صحافي وكاتب

14.01.2012

[email protected]

................................

(1). دستور جمهورية العراق لعام 2005 م.

http://iraqja.iq/view.77/

................................

نسخة منه أرسلت الى:

السيد رئيس الجمهورية.

السيد رئيس الوزراء.

السيد رئيس مؤسسة الشهداء في مجلس الوزراء.

السيد وزير العدل.

السيد وزير حقوق الإنسان.

  

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2002 الأحد 15 / 01 / 2012)

 

 

 

في المثقف اليوم