أقلام حرة

أزمة التدخلات التركية في الشؤون العربية الداخلية / مهدي الصافي

 القابع في السجن حاليا، بعد ملاحقة وقرصنة دولية تم بموجبها القبض عليه وإهدائه إلى تركيا الحليف، وبعد إن أغلقت ألأبواب ونوافذ الاتحاد الأوربي بوجه الأتراك (بدواع عنصرية مع انه عضو في حلف شمال الأطلسي النيتو)، عاد رجال العهد الإمبراطوري الجديد إلى الوراء، ليراهن البعض منهم على لعبة السيطرة على منافذ وأماكن وطرق تصدير الطاقة إلى العالم،

هذا يأتي في ضل تصاعد المد السياسي السلفي في المنطقة(بمسميات أكثر حداثة من الحركات السابقة، على غرار أحزاب للحرية أو التنمية والعدالة أو الإصلاح،  التنمية والعدالة أو النهضة الإسلامية،  الخ.)،

المدعوم دوليا وخليجيا وتركيا، وقد جاءت ثمرة الجهود المبذولة من قبل تلك الدول  الداعمة لتلك النماذج السلفية الفائزة بكعكة الربيع العربي، بعد إن تحققت رغبة الإدارة الأمريكية والأوربية بتغيير خارطة الشرق الأوسط الجديد، وانهيار أو تغير معظم الأنظمة العربية، واصطفاف دولا أخرى في قائمة التغير والإصلاح.

ليس غريبا علينا أن نسمع إن السلفية الوهابية يراد إحياءها بقوة في عدة دول خليجية منافسة للشيخ الهرم السعودية،

ولهذا كانت قطر ساحة لبداية مشروع طويل ومزعج يدخل المنطقة العربية جميعها في دوامة من الصراع الذاتي القطري والقومي (بدأت بانتقال القواعد الأمريكية من الرياض إلى قطر قبيل حرب الخليج 2003، وإشاعة الإعلام المناور والموجه بعناية لقناة الجزيرة، واستقطاب مشايخ السلفية)، كبديل ثقافي إسلامي مسيس نظير لحركة القاعدة الإرهابية المنتهية صلاحيتها ومهامها،  ولكنها بطريقة خبيثة مغلفة بلباس الإسلام، والغريب إن شيوخا يباعون ويشترون في بازار المساجد الحكومية (افتتاح اكبر مسجد في قطر حمل اسم المتشدد والمنحرف عن المذاهب الأربعة محمد بن عبد الوهاب)،

 أو يمتهنون مهنة بيع الضمائر باسم الدين السياسي،  ينظرون لتلك الحركات والأفكار والمفاهيم الهدامة، تحت عناوين مواجهة التحديات ومخاطر  المد الشيعي –الإيراني في المنطقة (الهلال الشيعي)، البعض من هؤلاء لا يترددون في الدعوة لعودة دولة الخلافة، ولا يرون إلا في النمط التركي العثماني، الذي استطاع بالتجربة الاردوغانية من أسلمة العلمانية وتلبيسها ثوبها العثماني الشرقي الجديد.

التدخلات التركية السافرة في شؤون المنطقة والدول العربية، تلقى بترحيب دولي (وان كان مخفيا)، وذلك رغبة من هذه الدول بالعودة إلى الاتفاقات والترتيبات القديمة، التي أعقبت موت الرجل أو الإمبراطور المريض، ولولا الحظ ولعبة الهيمنة الاستعمارية لكانت ولاية الموصل كشقيقاتها القابعات تحت سيطرة الدولة التركية(لواء الاسكندرونة  السوري، وديار بكر، وبعض المناطق الحدودية المشتركة)، وقد خدمنا الحظ لأول مرة عندما دافع الانكليز(في ضل حكومة الانتداب عشرينات القرن الماضي) في عصبة الأمم عن عائدية ولاية الموصل إلى العراق، ترى لماذا ترغب الحكومة التركية برؤية السيد رئيس مجلس النواب أكثر من مرة (في الشهر تقريبا)، هل هي مجرد علاقات متبادلة لاتحمل أية نيات سيئة مبيتة لهذا الجزء الحيوي، ولماذا لا تمارس نفس الدور مع الحكومة العراقية الممثلة بسلطته التنفيذية (الحكومة الشرعية المنتخبة)، أم هناك غايات وخطط ومؤامرات غائبة عن أذهان البعض.

تركيا ليست أكثر حرصا من أبناء المناطق الجنوبية والشمالية، ولايمكنها أن تكون هي أو غيرها وسيط محترم بين الكتل والأحزاب والفرقاء السياسيين، بعد كل هذه التصريحات والاستفزازات والتدخلات السافرة بالشأن العراقي الداخلي، حيث إننا لم نسمع بعراقي سياسي أو مواطن عادي، وضع انفه أو يده أو حتى احدى إذنيه في جوار الجارة تركيا وتدخل بشؤونها الداخلية، علما إن المعارضة الكردية هي شأن تركي بحت، لانملك له حلا، بل حله هناك في أنقرة.

على الشعب العراقي إن ينتبه جيدا إلى هذه المؤامرات المحيطة ببلده، وعلى الإخوة السياسيين إن لا يسمحون لأنفسهم بلعب دور العرابين للتدخلات الخارجية، ولا يكررون حتى مثل تلك الزيارات، التي تعطي رسائل خاطئة للشارع العراقي والعربي، فمن الواجب عليهم إن يشاركوا مخاوف رئيس الوزراء، جراء تكرار التدخلات والتصريحات التركية المقلقة، ثم من قال إن قضية الهاشمي أزمة، وهو نائب عادي لايمثل إلا الأصوات التي انتخبته،

(إذا كان ولابد من زيارة دول الجوار فلتكن لمصلحة الوطن، تكلموا عن الفرات ودجلة الخير،  لماذا يمنع الماء عنهما، تحدثوا عن بقية الأنهار الجافة، عن السدود الخبيثة الفائضة عن حاجة تلك الدول)

أم إن اعتقال القادة العسكريين الأتراك بتهم مجهولة (بعضها كتابات عبر الشبكة العنكبوتية) جائزة في تركيا، ومحرم علينا احترام إرادة السلطة القضائية وعدالتها، في ملاحقة المجرمين والمتهمين،

أم ترى مقولة القائمة العراقية بأن القانون مسيس ستنطلي على أبناء شعبنا، ياسادة لو كان الهاشمي بريئا لعاد إلى بغداد واثبت براءته، ومن ثم اللعب بورقة براءته لإسقاط الحكومة وسحب الثقة من رئيس الوزراء الحالي، فهي ورقة إنقاذ لقائمتهم، وهم يعلمون إن حجة دكتاتورية المالكي، ماهي إلا غطاء لخزي بعض المتسترين بتلك القوائم، وإلا ماهذا الدعم الداخلي المستمر للإرهابيين، وكثرة أوكارهم وحاضناتهم المنتشرة في المناطق الساخنة سابقا، من يتحمل مسؤولية دماء الأبرياء، قليلا من الضمير، تجنبنا جميعا كوارث لاتحمد عقباها، إلا تكفي هذه الدماء قرباننا لكراسيكم المبجلة......

 

مهدي الصافي

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2004 الثلاثاء 17 / 01 / 2012)

 

 

في المثقف اليوم