أقلام حرة

المزارع النموذجية لدعم قطاع الزراعة / مهدي الصافي

تحولت بفعل سياسة البعث البائد، إلى ارض متصحرة جرداء، أكل ملح المياه الثقيلة وموادها الكيميائية حتى حدائق المنازل، وكأن كارثة بيئية متعمدة حلت بوادي الرافدين،

فبعد أن استكمل مشروع تجفيف الأهوار الذي يقال انه يمتص 25-30% من رطوبة المنطقة، تجردت بلادنا بفعل الخبث البشري، من كل الخيرات التي أنعمها الخالق عز وجل على أهل هذه الأرض، وأصبحت العواصف التربية وشحت مياه الأنهار والأمطار سمة غالبة في سماءنا.

إن القطاع الزراعي (والحيواني) من أهم القطاعات الاقتصادية الحيوية، التي هي بأمس الحاجة إلى مشاركة القطاع الخاص والمستثمرين في تنميته وتطويره،

فمن الصعب إن ترى البرامج الحكومية نتائج دعمها دون الاعتماد على الفلاح العصري، الذي يعرف إدارة مزرعته بطريقة علمية حديثة، تعتمد الآليات والتقنيات والتكنولوجيا العالمية المختصة بالتطوير الزراعي، وخصوصا إن بلادنا العربية والعراقية شهدت هجرات مكثفة لأبناء الريف (الفلاحين ) إلى المدن،

بعد إن تعذر عليهم مجاراة السوق المحلية الغارقة بالمنتجات القادمة من دول الجوار (أو من مختلف دول العالم)،

إضافة إلى مشاهد الإغراءات البراقة التي كانت تبهر أبناء الريف وتجعلهم يشعرون بعقدة النقص للفارق الواسع بين حياتهم البسيطة والصعبة أو القاسية وبين حياة الرفاهية الالكترونية المدنية،

ولهذا تخلصت أوربا والدول المتطورة من هذه الإشكالية، فعمدت إلى تطوير الريف ودعمه بكل الإمكانات المتاحة، تغيرت صورة الفلاح المسكين الساهر على رزقه المحدود، حتى أصبحت مزارعهم من أجمل وأروع المناطق عندهم، بل ذهبت حكوماتهم ابعد من ذلك وعدته جزءا من الأمن الغذائي القومي، بحيث إنها في أحيان كثيرة تتكفل بدفع التعويضات إلى أصحاب المزارع في حال حدوث كوارث طبيعية تدمر منتجاتهم(الفيضانات-العواصف والأعاصير- وحملات الجراد، ) الخ.

إن العراق والبلاد العربية عموما بحاجة إلى تطوير المناطق الريفية وتحسين قطاع الخدمات فيها، وتقديم كافة التسهيلات والإمكانات لدعم قطاع الاستثمار الوطني في مجال الزراعة (وليس على غرار الاستعمار الزراعي المنتشر في القارة السوداء من قبل الشركات والأفراد الأجانب)،

وخصوصا إننا نمتلك مساحات شاسعة ممتدة بين المحافظات والمدن متروكة بطريقة بائسة، حيث إنها لاتشكل تهديدا لشغل المساحات القريبة من مناطق الكثافة السكانية، وبالتالي هي حملة وطنية واعدة لتحسين البيئة والأجواء العراقية،

تبدأ بعدة خطوات تهتم بتشجيع أبناء الريف للعودة إلى صنعة الزراعة، وكذلك تعمل على  تشجعي أبناء المدن ، وعراقيي الخارج الذين يمتلكون القدرة والحركة والتنقل بسهولة من والى بلدهم، ولديهم الخطوات اللوجستية والعملية لاستيراد المعدات والآلات والتكنولوجيا الزراعية الغربية المتقدمة ، ومن هذه الخطوات نذكر منها:

1-تشكيل دائرة أو مؤسسة أو هيئة خاصة تعنى بمسألة الاستثمار الزراعي الوطني، تتكفل بدعمه وتطويره وإدارته ومراقبة سير العمل فيه(حتى لاتتغير طبيعته الاستثمارية)

2-تشجيع إقامة المزارع النموذجية(التي يمكن لها إن تحدد بمساحات خاصة تبدأ بأربعة أو خمس فدانات وأكثر) ، مع اعتماد مبدأ الإيجار الطويل الأمد القابل للتجدد، بعد إن تتم مراجعة الأداء والإنتاج في هذه المزارع سنويا أو كل ثلاث أو خمس سنوات، وإعداد تقرير استمرار العقد أو إلغائه

3-يمكن إن يسمح للمستثمر المحلي بإنشاء دار سكنية في المزرعة بعد مرور على سبيل المثال لا الحصر، خمس سنوات على إنشاء مزرعته

4-يعفى المستثمر المحلي من كافة التبعات القانونية المتعلقة باستغلاله الأرض المؤجرة لإقامة مزرعة شخصية غير منتجة (على اعتبار إنها ساهمت بتنقية الأجواء وتحسين البيئة المحلية)، وكذلك إلغاء التعرفة الجمركية حول الآلات والمعدات والأسمدة والبذور المستوردة لأغراض الزراعة الخاصة فقط.

5-تشكل لجان زراعية محلية تعمل على تقسيم الأراضي البعيدة عن المدن ، المتروكة والغير مزروعة سابقا، ومن ثم عرضها للاستثمار الوطني والإيجار الواطئ الكلفة(ويمكن إعفاء المستثمر من إيجار الأرض الغير صالحة للزراعة لمدة خمس سنوات من اجل إعادة إصلاحها وتهيئتها للزراعة مرة أخرى)

6- تقدم الحكومة ووزارة الزراعة والمديريات والهيئات التابعة لها كافة التسهيلات والإجراءات والخدمات الخاصة بالقطاع العام إلى القطاع الخاص (وفق نسب تشجيعية محددة تختلف عن نسب القطاع العام)

الكل يعرف إن الكلام والأحاديث الطويلة العريضة عن الانجازات والخطوات والبرامج التنموية في الدول العربية وفي العرق تحديدا، تأتي بلا ضريبة ، وهو جزء من موروثنا الثقافي والاجتماعي،  الذي لا ينزل إلى جوهر الحقيقة لتصحيح الأخطاء، ومن هنا تأتي الحلول العملية التي لا تقبل التأجيل والمراوغة، والبحث عن مؤتمرات وندوات اغلبها يعقد خارج البلاد.

 

مهدي الصافي

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :200 الخميس 19 / 01 / 2012)

 

 

في المثقف اليوم