أقلام حرة

غـيـبـوبــة النــواب / ابراهيم الجبوري

وهو الساعي لتحقيق وصيانة كرامة ورفاهية المواطن عبر التشريعات والقوانين التي تكفل له ذلك .

لقد مرت العملية السياسية في العراق بمراحل متعدده تخللتها الكثير من الاحداث والمواقف التي كانت تستلزم ان يكون للشعب دورا مؤثرا وفاعلا فيها...ونواب الشعب هم من يمثله فيها لانه انتخبهم عبر صناديق الاقتراع ليمثلوا رأيه ويسمعوا صوته ويحفظوا للبلد سيادته ووحدته ... فهل سعوا لتحقيق الاهداف والمتطلبات المشروعة لهذا الشعب والوطن؟؟؟

اِن مجلس النواب العراقي او الجمعية الوطنية سابقاً ومنذ دورته الاولى هو ابى الا ان يكون كيان ومجلس معصوب العينين، مكبل اليدين، اصم الاذنين مشلول الحركة ومكبل الارادة عاجز عن تلبية مطالب الشعب او دعم تنفيذها واسير الولاء لكتلته وقياداتها وممارسة دور البوق للدفاع عن توجاتها ومصالحها بغض النظر عن ملاءمتها او انسجامها مع تطلعات المواطن ومصلحة الوطن ...ودخولهم لقبة البرلمان ابعدهم عن الشعب وانساهم انهم يمثلوه بدلا من ان يخدموه ويتقربوا اليه وهذا البعد عن المواطن والوطن جعلهم غير آبهين لما بتعرض له هذا المواطن من اخطار امنية يوميا تتسبب بسقوط العديد من الشهداء والضحايا واستمرار نزيف الدم العراقي على ايدي القتلة والارهابيين ... وايضا البعد عن معاناته المتسبب بها سوء الخدمات وغياب الكهرباء والنقص الحاد في مفردات البطاقة التموينية والعجز التام للحكومة عن وقف التدهور المتزايد في مجال الصحة والتعليم.

ان المشكلات والازمات السياسية في العراق، وحالات التصعيد والشد والجذب وتعميق الخلاف هي حالة مرضية مزمنة لايمكن ان تتلاشى او تتضاءل او يشفى منها السياسيين في العراق بسبب القصور السياسي وانعدام لغة الحوار الشفاف والبناء لمعظم المنخرطين في هذه العملية السياسية وايضا لانعدام الثقة بين شركاء السياسة وتنافسهم الاٌني على المكاسب الضيقة الفئوية والحزبية والقومية الذي يتسبب في زيادة ازمة وحدة الصراع بين هذه الكتل. ومجلس النواب العراقي وهذه امانة وشهادة للتاريخ لم يتمكن في اي صراع او خلاف سياسي من الحيلولة دون تفاقمه او المساهمة في تخفيف حدته او حله وكان دائما جزء من المشكلة ... وليس الحل، ونواب المجلس عبارة عن ايادي مرفوعة للعد والفرز عند التصويت على القوانين اوالتشريعات تارة وتارة اخرى عبارة عن مصطفين يتسابقون للظهور خلف المذياع عند القاء البيانات والخطب المنددة او الشاجبة او المتضامنة او المعارضة .

ان مشكلة معظم البرلمانيين العراقيين هو افتقادهم للشخصية المعنويه التي تجعلهم يعبرون عن آراءهم بشكل واضح وصريح لخدمة الوطن وايضا اغلبهم لايعلم حدود الصلاحيات والواجبات لديه ... والكثير من النواب تصريحاتهم واعمالهم هو تدخل وتداخل مع وفي عمل الحكومة التي تمثل السلطة التنفيذية وايضا تجاوز على صلاحيات الاخرين وانشغال بقضايا لا تمثل صلب عملهم وبعيدة عنه... والمشكله ان البعض الكثير منهم لا يحضر قبة البرلمان ولايعلم عن عمله سوى ما يسمعه من الاخرين، وتواجده في القنوات الفضائية والاعلامية يتجاوز كثيرا حدود اهتمامه بالتشريع والرقابة للاداء الحكومي .

ان النائب هو اما موظف خدمة عامة لانه يتقاضى راتبه من ميزانية الدولة وتخصيصاتها وبالتالي عليه ان يلتزم باوقات عمله ويحترمها، او هو متطوع للخدمة العامة وبالتالي من حقه ان يتحكم باوقات عمله ومدى الالتزام به شريطة ان لا يتقاضى اجرا من اموال الشعب والدولة لقاء عمله هذا... خصوصا ان الامر لايقتصر على مايتقاضاه هو فحسب ! بل وايضا هناك الكثير من التخصيصات المالية لحمايته وامتيازاته وبالتالي فهو مطالب باحترام وظيفته او الاعتذار عن ادائها اذا كان عاجزا او غير مؤهلا لاداءها، ولكن ان يتغيب او يغيب وجهه ويعطل قوانين الدولة وتشريعاتها والدور الرقابي للبرلمان في بلد لازالت الكثير من قوانيه السارية هي قوانين مجلس قيادة الثورة المنحل فهو خطئ كبير بحق ابناء الشعب العراقي والدماء الزاكية التي ضحى بها من اجل العراق الجديد والعملية السياسية الجديدة واسس بناءها.

ان على النواب ان تكون اكثر حرصاً على القرب من ابناء شعبها واكثر شعورا واحساسا بالمسؤولية تجاهه وتجاه معاناته الكبيرة والممتدة لعقود مريرة من الزمن ... وعلى البرلمانيين ان يكونوا اكثر حرصا على اتخاذ زمام المبادرة والضغط باتجاه حل المسائل العالقة والمشاكل بين الكتل السياسية والاهم تفعيل دورها الرقابي لعمل الحكومة ومحاربة الفساد المستشري بها وتحقيق حلم المواطن بفرض تسمية الوزراء الامنيين الذين طال انتظارهم والبلد بحاجة ماسة لتسميتهم لئن زمن القائد الضرورة والبطل الضرغام لم يجلب لنا الامن والامان، والاختراقات الامنية متعددة ومتكررة والارهاب في تصاعد وتنوع في الاداء والاهداف مع ضعف واضح وفاضح في اداء الاجهزة الامنية والقوات العسكرية .

ان على مجلس النواب ان يفيق من غيبوبته وشلله وعجزه التام عن مواكبة الاحداث التي يمر بها البلد وعلى النواب ان يراعوا الله والوطن والشعب اولا في ولاءاتهم وتطلعاتهم وتوجهاتهم ومن ثم كتلهم واحزابهم ... وان يكونوا يد الشعب الضاربة لمفاصل الفساد المستشري في جسد الدولة وعين الشعب الساهرة للحفاظ على وحدته وسيادته واستقراره ... ان على النواب ان يكونوا على قدر المسؤولية ويكونوا فاعلين ومؤثرين وقادرين على المبادرة والحل، وليس الانتظار حتى تجتمع قادة الكتل لغرض فرض الحل ... ان غيبوبة مجلس النواب وتغيب اعضاءه عن الحضور تحت قبة البرلمان ربما يكفله النظام الداخلي المتهرئ والذي لم يقر، وايضا القوانين العائمة والغير واضحة التي لم تلزمهم بالحضور ولا بوجوبه ولكن لن يغفر لهم الشعب العراقي ولا التاريخ هذا الفعل وسيكتب عنهم باسوء العبارات ويحملهم مسؤولية ما سيؤول له مستقبل العراق في ظل تصاعد الاحداث السياسية وتتابع المؤامرات الخارجية لاضعاف هذا البلد وتفتيته وسعي البعض لتقسيمه وتحويله لدويلات خاضعة لسيطرة دول الجوار اواستخبارات بعض دول المنطقة او كانتونات طائفية تابعة لهذه او تلك ... ونحن اليوم بحاجة اكثر من اي وقت مضى الى نواب الصحوة لعلهم يستطيعوا ان يجعلوا من مجلس النواب مؤسسة قادرة على ممارسة مهامها والدورالمناط بها في التشريع واقرار القوانين والرقابة الفاعلة للاداء الحكومي وايضا في وضع تعديلات دستورية تحفظ للبلد وحدته وتمنع انزلاقه وخضوعه للارادة والهيمنة الاجنبية وان يدعم فرض القانون والقضاء المستقل البعيد عن الضغوطات والمساومات السياسية والاجندات الحزبية من اجل التأثير عليه او في قراراته سواء ببدعة الامتناع عن حضور مجلس النواب او ضلالة التغيب عن حضور جلسات مجلس الوزراء ... فهل من صحوة لاعضاء مجلس للنواب !!!!!    

 

 ابراهيم الجبوري

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :208 السبت 21 / 01 / 2012)

 

في المثقف اليوم