أقلام حرة

قاسم سليماني بين مضيق خانق وجار حر / جمال الهنداوي

وتأثير سئ لاغراء الوقوف امام المنصة يبدو انه ما فرض عليه القول "أن بلاده يمكن أن تنظم أي حركة تهدف إلى تشكيل حكومات إسلامية في البلدين"..

فرغم السهولة التي من الممكن ان نلاحظ من خلالها الثقة –الاقرب الى الخيلاء-التي تكاد تتفجر من كلمات السيد قائد فيلق القدس الايراني والتي قد تكون ناتجة عن الاستجابة العفوية المتوقعة من التصفيق المتقطع الذي كان ينهال عليه مدرارا من قبل الشباب المشاركين في ندوة"الشباب والوعي الإسلامي"..الا اننا وبنفس اليسر نستطيع ان نتلمس الارتباك الذي يثقل عليه وعلى كاهل القيادة الايرانية من وطأة العقوبات الدولية التي بدأت تاخذ بتلالبيب الاقتصاد والمجتمع الايراني والتي قد يكون نصفها اواكثر قليلا كان نتيجة مباشرة لمواقف وتصريحات لا تختلف عن كلمات السيد العميد سوءا وخطلا وتطاولا وانتشاءً زائفا..

كلمات لا يمكن عدها الا كحلقة من سلسلة المفرقعات الاعلامية الاستفزازية غير المسؤولة التي تتساقط من هنا وهناك من افواه الكثير من مسؤولي البلد الذي يوشك ان يدخل في مواجهة مفتوحة مع العالم بسبب ضيق افق قياداته وقراءتهم القاصرة للحراك السياسي والامني الدولي..ويأتي توقيتها المتزامن مع الحديث حول اقفال مضيق هرمز ليدل على انسداد المسالك امام القيادة الايرانية وتضعضع خياراتها حد اللجوء الى الخطاب الاعلامي التصعيدي الاجوف غير المتماهي مع الحقائق الماثلة على الارض..

 صور ووقائع يبدو انها كانت تجتر في ذهن السيد القوي وهو يزدرد هذه الكلمات ..وقلق واضح ومخاوف -لم تحسن النبرة القوية على التمويه عليها- كانت تتآكله وهو يقف على المنصة مكابدا شبح العقوبات التي تقترب من خنق ايران ومحاصرتها..ورغبة جلية في ايصال رسائل قوية الى الغرب كتذكير للقوى الكبرى بانها قد تضطر الى مجابهة جبهة واسعة من القوى الفاعلة على الارض اذا استمرت في جهودها نحو تطويق المطامح الايرانية في الدخول الى نادي الدول النووية لم يجد السيد سليماني الا هذه العبارات لتمريرها..والرسالة الاهم كانت الى التيار الاصلاحي الايراني والشارع الايراني المراقب لثورات الربيع العربي مفادها الا تنتظروا الكثير من الانتخابات القادمة..اما الكلام عن قدرة ايران المحاصرة والمعزولة في" تنظيم أي حركة تؤدي إلى تشكيل حكومات إسلامية هناك بهدف مكافحة الاستكبار"فليس الا تزويق لفظي ومحاولة مسرفة في البعد عن الصواب لامتطاء ظهر الثورات العربية التي تضررت صورتها وبوصلتها كثيرا من الاسلمة القسرية التي فرضت عليها فرضا..

ان مثل هذه التصريحات وان كانت تشي بنوايا مبيتة تستهدف العراق في مرحلة ما بعد الانسحاب الامريكي..الا انها لا يمكن وضعها الا ضمن تيار من ادعاءات النفوذ التي اصبحت تتواتر علينا من كل دول الجوار تقريبا والتي لا مجال لتحقيقها خارج نشرات الاخبار المسيسة اوالتقارير الدعائية مدفوعة الثمن ولا تخرج من اسار الرهاب المزمن الذي تعانيه الجارة الشرقية من العراق السيد الحر المعافى الديمقراطي ومن استعادة النجف الحاضرة العلمية التاريخية لمكانتها كمركز للفكر والفقه ومنارة للاشعاع الثقافي المنفتح المعلي من مبدأ ولاية الامة كبديل موازي ومتفوق واكثر واقعية من نظرية ولاية الفقيه وكمناهض لممارسات التوظيف السياسي للدين..

ان الحكومة العراقية مطالبة بموقف واضح ومحدد وصريح تجاه هذا التطاول المرفوض على العراق وعمليته السياسية وارادة ناخبيه..وعلى الكتل السياسية ان تترك خلافاتها جانبا وان تدع الميزان الطائفي للمواقف وان تتوحد خلف شعار رفض التدخل الخارجي وادعاءات الوصاية الزائفة على العراق وارادته الوطنية من ايران او من اي دولة اخرى في المنطقة..

ونقتبس"أن العراق لم ولن يكون تابعا لااحد ولن يكون بيدقا في لعبة الاخرين اوساحة لتصفية الحسابات بين الاطراف الاخرى"و"أن الشعب العراقي هو سيد نفسه وهو الذي يقرر مصيره وخياراته الوطنية ".

نطالب برد فعل لا يقل عن الرد الذي قامت به الحكومة العراقية تجاه التجاوزات الاعلامية التركية التي جوبهت بموقف صلب من الجانب العراقي نتمنى ان نراه يتكررمع جميع الدول التي تتدخل في الشأن العراقي او تدعي سلطة ما على خياراته الوطنية..والحرص على حسن الجوار لا يبرر السكوت عن مثل هذه التفلتات المؤذية..والرد يجب ان لا يقل عن استدعاء السفير ومطالبته بتوضيحات واعتذار رسمي عن مثل هذه التصريحات المهينة..وعدم الاكتفاء بالاحتجاجات الخجولة المصاغة بدبلوماسية قد لا يكون هناك من مجال لها في هذه الازمة وقد لا تأتي باكلها مع كل تلك الغطرسة التي تغلف تصريحات سيد ايران القوي قاسم سليماني..

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2010 الأثنين 23 / 01 / 2012)

 

 

في المثقف اليوم