أقلام حرة

حرب الخدم وشقاء المخدوم / حافظ آل بشارة

كل منهم هجر مكتبه ولبس لامة حربه وقصد ساحة الصراع السياسي مناديا هل من مبارز، هم اقسموا في البداية على انهم خدم لهذا الشعب، أما الآن فكل منهم نسي يمينه وترك واجبه وذهب ليشترك في المعركة، هؤلاء ليسوا خدما فيقدرون مصلحة المخدوم، هم خدم في الاسم وملوك في السلوك، لو كانوا خدما مخلصين لشعبهم فشرف الخادم من شرف المخدوم، نعم غابت ملفات الوطن والمواطن عن الاعلام وتصدرته اخبار الصراع العقيم، هذا الصراع الذي يعرف المواطن حلوله قبل الساسة، المعاناة الشعبية الخطيرة انسحبت الى زاوية الاهمال، وبدأنا نتعايش مع صور الحرمان القديمة، الحرمان يسحق قطاعات شعبية جديدة في كل يوم، نعتاد على الشكوى التي لا تجد مغيثا، لم نعد نسمع صدى للحياة المدنية العراقية في اعلامنا وما فيها من شعارات الاصلاح والاعمار والتنمية، الامن يتراجع، عدنا الى حملات الابادة العشوائية التي تستهدف العمال والمدارس والاسواق، عدنا الى تسجيل الجريمة ضد مجهول مع اننا حكومة وشعبا نعرف من هو المجرم ولماذا يهاجمنا الآن ؟ عادت قوى الفساد المالي والاداري تلتقط انفاسها، وترمم مواقعها بصمت بعيدا عن الانظار، وقد اغلقت ملفاتها في النزاهة والبرلمان، ورفعت جلساتها الى اشعار آخر، اما الشتاء الجاري فقد هجم هذه السنة بكل جفافه وبرده، وسط شحة في نفط التدفئة وتعثر الكهرباء، طوابير الناس تزدحم على محطات التعبئة تنتظر ليلا ونهارا لعبوة نفط بائسة لا تأتي، وان جاء النفط ونادى المنادي وانتعشت الآمال تبخر فجأة ليجدوه على الارصفة باضعاف سعره في بلد النفط ! أما البطاقة التموينية فهي جبهة مستقلة سجلت انتصارها النهائي على الحكومة والشعب علنا، لم يبق من البطاقة الا اسمها ومن الحصة الا رسمها . بعدها تأتي عقدة البطالة، نتذكر كيف فرح العاطلون اياما عديدة وهم ما بين مستبشر بقوائم التعيين الجديدة المزعومة وبين من صدق بخبر منح رواتب للعاطلين، فلم يتعين أحد، ولم يتسلم راتب اعانة أحد . أما حكاية المساكن العمودية المدعومة حكوميا فقد رأينا الدعاية ولم نر العمارات الشاهقة، هيئة الاستثمار اصبحت خرساء بعد جعجعة هائلة من الاعلانات والبيانات الحماسية، شقق تبنيها شركات كورية، وعمارات تشيدها شركات امريكية، وأخرى تتفاوض عليها الصينية، حاليا الصمت يلف الجميع . أما الموازنة المالية السنوية فما بين شروط البنك الدولي، ومخاوف صندوق النقد الدولي، وملاحظات النواب وتعليقات الوزراء، والعجز المتوقع وغياب الحسابات الختامية لموازنة العام الماضي، توقفت الموازنة ومصيرها مجهول، عندما يكون الخادم امبراطورا، وعندما يقاتل النواب والوزراء في غير معاركهم، ويلطمون في غير عزاءهم، فماذا تتوقعون غير هذه النتائج ؟

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2012 الاربعاء 25 / 01 / 2012)

 

في المثقف اليوم