أقلام حرة

السعودية مركز لتجميع الطغاة .. المؤسسة الدينية والثورة المضادة / احمد النظيف

في وقت تخلى فيه عنهم حلفائهم وأصدقاءهم الفرنسيون والأمريكان فعندما أتذكر بن علي طريدا بين السماء والأرض ليلة الرابع عشر من جانفي بلا مأوى ولا نصير ...رفض صديقه ساركوزي استقباله وأبت حكومة مالطا استضافته على أرضها  وما هي إلا لحظات حتى آتانا نبأ البيان الصادر عن الديوان الملكي في الرياض المرحب بفخامة الرئيس زين العابدين بن علي  وأسرته على حد تعبير كاتب البلاط  في تلك اللحظة أصيبت بالدهشة ولكن سرعان ما عاد لي رشدي لم يكن بن علي أول الطغاة الفارين إلى ارض الحجاز ولم يكن آخرهم

أتسأل أين كتائب علماء البلاط وجحافل دعاة الزور الدين نراهم يتباكون على شاشات التخلف والرجعية أناء الليل وأطراف النهار من شدة التقوى الزائفة ???? ألا يتقون الله في هده الشعوب المقهورة ألا يقلون كلمة حق عند سلطان جائر وهي أعظم الجهاد

********

فرنسا أو دولة الكفر العلماني كما يسميها هؤلاء العلماء بل أشباه العلماء رفضت استقبال بن علي أما السعودية مملكة الإسلام و بلد هيئة كبار العلماء وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبلد المليون شيخ وداعية ترحب بهذا الطاغية وزوجته حمالة الحطب مانحة إياه أفخم القصور وهو الذي أهان شعبه وسرق أمواله وأذله على مدار سنوات مذ كان مديرا للآمن وحتى هروبه المخزي في الرابع عشر من جانفي الماضي .

و مع اندلاع شرارة الثورة المصرية حركت السعودية جميع مؤسساتها السياسية والدينية وقوافل الشيوخ والدعاة وجندت الشاشات ووسائل إعلامها القذرة ومالها الطائل  من اجل وئد الحراك الشعبي في مصر وإنقاذ حليفها  اللامبارك من مصير بن علي فحتى الولايات المتحدة الأمريكية القوة الامبريالية الأولى في العالم تخلت عن اكبر حليف لها في الشرق الأوسط وانحازت إلى المطالب المشروعة للشعب المصري ومضت مع بقيت دول الاتحاد الأوروبي في تجميد الأصول المالية لرموز النظام المصري في حين تمسكت السعودية بالدعم المنقطع النظير لهذا النظام المتعفن وفي هذا السياق نشرت التايمز في عددها الصادر يوم الخميس 10 فيفري 2011 خبرا مفاده أن الملك السعودي أجرى اتصالا هاتفيا بالرئيس الأمريكي باراك اوباما وطلب منه عدم الضغط على مبارك من اجل التنحي

و لم تمر أيام قليلة على سقوط الطاغية المصري وفشل الخيارات السعودية في الوقوف في ووجه التيار الشعبي الحالم بالحرية حتى سجلت موقفا مشينا أخر من ثورة الشعب البحريني ضد عائلة أل خليفة ونظامها الطائفي العميل ولم يكتفي النظام السعودي بهذا الموقف السياسي بل زج بقواته المسلحة تحت غطاء أضحوكة ما يسمى بدرع الجزيرة إلى عمق الأراضي البحرينية للقضاء على الثورة مرتكبتا أبشع الجرائم في حق المتظاهرين والمعتصمين في ميدان اللؤلؤة الذي غدى أثرا بعد عين تحت زخات الرصاص الحي

و يتواصل مسلسل مواقف العار السعودي بدعمها طاغية اليمن وسعيها رفقة أنظمة الرجعية والقطط السمان في الخليج لوضع مبادرات واهية ومضحكة في آن في محاولات بائسة للانقاذه من جحيم ثورة الشباب اليمني الغاضب ويخرج علينا هذه الأيام  جلاوزة أل سعود يهددون بسحب تمثيلهم الدبلوماسي من سورية بل وغلق سفارتهم في دمشق بتعلة أن نظام  الأسد يقتل المتظاهرين ويواصل منهج القمع ...ألا يستحي هؤلاء من إعطاء الدروس للأسد وزبانيته وسجونهم قد غصت بمعتقلي الرأي والمساجين السياسيين والشيوخ الذين شقوا عصى الطاعة للمؤسسة الدينية العميلة كيف يجرؤ هذا النظام العميل على دعوة الاخارين إلى الحرية والديمقراطية وهم يسجل أعلى المعدلات العالمية في انتهاك حقوق الإنسان ببساطة شديدة فاقد الشيء لا يعطيه وحتى لو سحبت أل سعود سفارتهم من دمشق فلن يشتاق لهم احد هناك سواء الخمارات والمواخير

********

لقد كانت السعودية رمزا من رموز الرجعية مند سنوات ومازالت تؤكد للعالم كل يوم أنها لن تتزحزح قيد أنملة عن مواقف العار والعمالة في  خدمة مصالح قوى الغطرسة الدولية مستغلة بطريقة قذرة المؤسسة الدينية للإضفاء المشروعية الزائفة على خياراتها البائسة والمذلة  هذه المؤسسة التي أجرمت في حق الأمة .و التي أفتت عام 1991 بالتحالف مع أمريكا لضرب العراق وفي سنة 2001 بدعم المجهود الأمريكي في الهجمة على العالم الإسلامي وقالت بمشروعية الصلح مع الكيان الصهيوني ونظرت لجواز مبادرة سيدها في 2001 في التطبيع ....هذه المؤسسة التي لم تحرك ساكنا أمام فساد العائلة الحاكمة وفضائحها المالية والجنسية في المحاكم الأوروبية  ولم تنبس ببنت شفه أمام استقبال أسيادها لطغاة العالم فلم يكن بن علي الأول ضمن قافلة المخلوعين والهاربين من لعنات الشعوب الحرة فقد سبقه جعفر النميري جلاد الشعب السوداني  في 1985 وزياد بري حاكم الصومال  في 1991 وعيدي أمين ديكتاتور أوغندا ونواز شريف سارق أموال باكستان وعشرات من صغار الطغاة

إن وقوف مكينة التخلف السعودي إلى جانب الديكتاتوريات العربية في مواجهة إرادة الشعوب الحالمة بالحرية وتجنيدها لعلماء البلاط للإصدار الفتاوى المسيسة والتي تتفق مع أحلامها في الحفاظ على حلفائها شكل نقطة تحول مركزية لدي المواطن العربي في نظرته للمؤسسة الدينية الرسمية فعندما يقف الشباب العربي في مواجهة بوليس القمع بصدور عارية أمام الرصاص الحي ثم يأتي شيوخ السوء ليصفوا هدا الفعل البطولي بالحرام والفتنة والخروج على ولي الآمر فمن المؤكد آن هده المفارقة ستشكل لحظة وعي عميقة لدى العشرات من هؤلاء

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2015الاحد 29 / 01 / 2012)

في المثقف اليوم