أقلام حرة

انهب كما تشاء واهرب من القضاء

فقد جرى تسهيل هروبهم من طائلة القانون فأصبحوا طليقين بفضل المحاصصة الطائفية والحزبية وديمقراطية الاحتلال الأمريكي التي فحواها (انهب كما تشاء وأهرب من القضاء)، فهاهو وزير التجارة الدكتور عبد الفلاح السوداني المتهم بهدر المال العام في صفقات أبرمتها وزارته لتوفير مواد غذائية ظهر انها لاتصلح للاستهلاك البشري ومع ذلك وزعت ضمن مواد البطاقة التموينية على الشعب العراقي فضلا عن صفقات أخرى ستكشفها الأيام المقبلة بفضل إصرار الشيخ صباح الساعدي رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي الذي أصر ومنذ مدة طويلة على استجواب هذا الوزير وغيره، ومن باب الاستعداد للمصيبة قبل وقوعها قدم استقالته لينأى بنفسه من العقاب الذي ينتظره بموجب القانون، وقد قبلها رئيس الوزراء من دون الرجوع إلى مجلس النواب استنادا لصلاحياته متجاهلا قضيته التي لاتزال معروضة على مجلس النواب، الأمر الذي فسره البعض بأنها محاولة لإنقاذه من ورطة أكيدة، وقد حملت الأنباء خبر هروب الوزير السوداني لينضم إلى قائمة الوزراء الفاسدين الذين هربوا بمساعدة هذا الطرف أو ذاك ليتحقق القول المصري الشهير (مفيش حد أحسن من حد) .

فكل طرف على وفق المحاصصة يفكر في إنقاذ المحسوب عليه من دون أدنى اهتمام لسلطة القانون، الأمر الذي يكشف أكذوبة محاربة الفساد والمفسدين، في ظل تقويض الدور الرقابي لمجلس النواب .

إن خبر هروب وزير التجارة سيفتح الباب واسعا أمام هروب الوزراء المزمع استجوابهم لاحقا والذين قد يستقيلون للحاق بركب المهزومين في ظل تمتعهم بحقوق المواطنة الأجنبية بفضل الجنسية الثانية.

فهل سيستطيع مجلس النواب ملاحقة السوداني قضائيا والانتصار للشعب ؟

من المؤكد أن هذا لن يتحقق في ظل الصفقات السياسية التي كانت ولاتزال سببا في تفشي الفساد وتعطيل الاستثمار في العراق بشهادة رئيس هيئة النزاهة القاضي رحيم العكيلي .

إن أزمة السوداني ستكشف الكثير من ملفات الفساد في وزارة التجارة إن سمحت الاتفاقات السياسية بذلك، إذ أن قاعدة ( شيلني وأشيلك ) هي التي تتحكم بالقرار في بلد ضاع فيه كل شيء .

ولكن هل سيكون لهذه الفضيحة كبش فداء ؟

قد يكون لحفظ ماء الوجه، وقد لايكون في ظل عدم احترام إرادة الشعب المتمثلة بمجلس النواب .

أن قبول استقالة السوداني من قبل رئيس الوزراء هي خطوة أضعفت مجلس النواب ودوره الرقابي، وهي تكريس لنهج المحاصصة الذي انتقده رئيس الوزراء قبل أيام، إذ أن هذا النهج لايعترف بقانون، إنما يعمل على وفق نظام الصفقات السياسية الذي يدمر جميع السلطات السياسية والبرلمانية والقضائية، أما السلطة الرابعة وهي الصحافة، فأصحابها مشغولون بحماية أنفسهم من حيتان الفساد، والسلطة الخامسة المتمثلة بمؤسسات المجتمع المدني فهي مغيبة  ودورها هامشي بفضل سعي وزارة المجتمع المدني إلى احتوائها وجعلها ديكورا لادور لها في البناء السياسي والثقافي والاجتماعي .

  * صحفي وكاتب عراقي

 

 

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1060  الاربعاء 27/05/2009)

في المثقف اليوم