أقلام حرة

هل يسقط النظام السوري؟ / عماد علي

وربما التحاليل المعقولة الموضوعية هي التي تكون وفق المستجدات والمواقف المختلفة من قبل الاطراف التي لها الدور الهام في هذا الشان وذات الصلة، والتي تظهرمن تلك المواقف المتناقضة منها ايضا يوميا حول ما يجري، ونمس من التفاوت الكثير في الرؤى حول هذه القضية .

منهم من يستند كليا على مجريات الربيع العربي وما دار خلال الثورات من وراء الكواليس، وما حدث امام انظار العالم ايضا من التحركات المختلفة، ومن قبل اللاعبين الكبار بالاخص، او من قبل من اوكلت اليه الادوار المختلفة وفق المصالح المتعددة المتداخلة في هذا العصر . وهناك من لا يقرا الا الحاضر وما يجري بعيدا عما حصل ويقيُم واقع الحال بشكل مجرد وكانها مرحلة جديدة غير متواصلة مع سابقاتها، وهذا ليس بواقعي حتما، ويدعي الكثير من المراقبين اختلاف الظروف والتركيبة للانظمة وما تعيش في الدول الثائرة من الشعوب، ويعتقدون الحصول على نتائج شيئا ما مختلفة ايضا عما حصلت من قبل، مستندين في توقعاتهم على تقيم كل دولة على حدة وفق ما تتميز بها. وفي هذا يحللون الارضية التي بنيت عليها السلطة السورية منذ سيطرة البعث وما تلاه، لحين مرحلة التوريث وما يملك هذا النظام من الاوراق الداخلية والخارجية العديدة التي يمكن استعمالها في الوقت المناسب، ومنها ما تعتبر من المفاصل الرئيسية الهامة لما تخص المنطقة بشكل شامل، والتي تعتبر الباب الرئيسي للانتقال الى مرحلة مغايرة تماما لما نحن فيه من كافة الجوانب وفي مقدمتها الوضع السياسي، وهذا مبالغ فيه بشكل غير مسبوق .

لا يمتلك النظام السوري القاعدة الشعبية الحقيقية المناصرة له باي شكل، كل ما هو موجود وهو مستمر في حكمه معتمدا على التكبيل، وبالترهيب والترغيب لحد هذه الساعة ومن خلال الحلقات الضيقة من اصحاب المصالح التي معه . وما يمكن التاكد منه هو ان النظام لا يمكنه اعادة المياه الى مجاريها مهما حاول ومهما طالت الفترة والمرحلة ومهما نجح في التماطل والتاخير، وباعتماده على الساندين الخارجيين من الدول ذات الثقل التي يمكنها ان توقف هذه السلطة على رجل واحد لمدة ربما تكون مختلفة في الطول او القصر لما قبلها. وهذه السلطة تراهن على ما تسمعه حلفائها ومايفعله المقربون ذات المصالح لها. الا اان الحقيقة الساطعة بائنة وكل المؤشرات تدلنا الى انه لار جعة من طريق الثورة ولا يمكن للثوار التوقف في هذا الوقت من وصولهم لهذا الحد، وطبيعة النظام بذاتها تفرض عليهم الاستمرار الى النهاية ولحين التوصل لنتيجة واضحة ومعلومة .

فهل هناك خيارات، ام كل الطرق تودي بالشعب السوري الى روما وربما في زمن اقل او اكثر وبشكل او اخر، هذا ليس بمسالة يمكن التوقف عندها وفق معايير الثورات التحررية. النماذج السابقة للثورات في تونس ومصر وليبيا والمختلف عنهم شيئاما في اليمن امثلة واضحة تقع لصالح الثوارفي سوريا وليس العكس، الا ان الدور السلبي الخارجي عقد الامر واخٌر، وربما يؤخٌر ما يجري لمدة معينة دون ان يكون له القدرة لوقف ما يجري، لان الشعب الثائر يعتمد على العوامل الموضوعية والذاتية المساعدة للنجاح .ان ما يختلف ما يجري في سوريا عما حدث سابقا في الدول الاخرى ايضا وجود قوة كبرى عضوة في مجلس الامن لاتزال تدعم النظام من دون ان تفكر فيما يجري وهي تؤثر على مايجري في اروقة مجلس الامن، وهذا ايضا ليس بمانع كبير على نجاح الثورة وفق ما موجود من ارادة الشعب وتضحياته وبالاخص لو تعمق الباحثون في ارادة الشعوب وما تفعله في نهاية الامركما علمتنا الثورات في التاريخ . اضافة الى شدة العنف والقمع غير المسبوقين اللذان يمارسان دون هوادة من قبل النظام وبشكل لم يدع الاعلام العالمي يطرح ما يجري الى الراي العام العالمي بشكل وافي . اضافة الى موقع سوريا الجغرافي ومن يجاريها ودور الدول العربية وتردد العديد منهم في حسم امرهم في التعامل مع ما يجري وتاثيرات اسرائيل وما يفرض وجودها . وقبل ذلك تاثيرات ما توصلت اليه الدول الثائرة التي سبقت سوريا من الحكومات بعد انتخابات عامة والتي اجبرت جهات عدة الى التراجع او اعادة النظر في توجهاتهم، ومنهم من حزم امره في توجهه الى التريث في حسم تحديد تعاملهم مع ما يجري في سوريا .

على الرغم من كل تلك العراقيل والمعوقات الكبيرة، الا ان الشعب السوري اثبت شجاعته وجراته غير السبوقة، وهو يستحق التقدير لما يقدم عليه من التضحيات اليومية، وان كنا صريحن لم يكن من بيننا من يتوقع كل هذه القدرة والبطولة في النضال من قبل شعب يرزح لعقود تحت ظلم نظام شمولي. وهذا يدلنا الى ان نعتقد بان النتيجة ستكون لصالحه مهما طال المخاض، وباي سيناريو انتهت الحالة فنهاية الامر هو التغيير المطلوب والوصول الى المبتغى وتحقيق الاهداف بنسبة مقنعة.

 بكل المعايير والماقييس المعتمدة لوجود واستدامة اية سلطة ذات سيادة فان النظام الوسري ساقط فعليا منذ مدة، اما كيفيثة الوصول الى النتيجة واليوم المنشود في معرفة نهاية المسالة فانها تتحمل اساليب وطرق متنوعة ومختلفة وفق ما تفرضه متطلبات العصر وخصائص اي شعب . وعليه، يمكن ان تطيل هذه السلطة القابعة على صدور شعبها من المرحلة المتنقلة، او تتمعن جيدا فيما يحصل على الارض ان كانت فيها من يفكر بتعقل لتوفير الكثير من الدماء والخسائر المادية على شعبها وتختار ما تناسب التضحيات وما تحصل، وهي تعلم جيدا بان الشعب لا يرضى باقل من رحيل النظام السوري وراسه، ويمكن لهذا النظام ان يختصر الطريق والوقت اللازم لاستكمال العملية او العكس وفي النهاية الطريق مفتوحة للوصول الى نفس النتيجة. وربما يقول احد ان هذا كلام عاطفي بعيد عن المصالح والسياسة، ولكن مراجعة الذات وما حصل خلال هذه السنة يسهل التوصل الى هذه النتيجة عند كل عاقل، ويمكن ايجاد الطريق والوسيلة المناسبة للتغييرات المطلوبة .

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2016 الثلاثاء 31 / 01 / 2012)

في المثقف اليوم