أقلام حرة

مواجهة التحديات الآنية على حساب الاستراتيجيات!! / عماد علي

لكيفية مواجهتها من اجل ايجاد الحلول الانية السريعة لها فقط، بعيدا عن التعمق في طريقة ازاحة العراقيل وتخطي ما يعيق خطوات الجهات التي تمنعها المشاكل والتحديات المختلفة ومن اجل انقاذ نفسها، ودون ان يؤخذوا بنظر الاعتبار الاستراتيجيات وما تفرضه وتتطلبه، وانما مستندين على الطرق البدائية الساذجة في العلاج . سواء كانت التحديات على اشكال المشاكل اليومية الاعتيادية او نتيجة افرازات الظروف الموضوعية والذاتية غير المؤآتية التي تولد السلبيات العديدة عند الولوج في عمليات التغيير والانتقال لمرحلة مغايرة . وكذلك تدخل عوامل شتى في ابراز العديد من العوائق التي تتحدى كل جديد من جانب، وتجبر اية عملية سياسية اجتماعية عامة على التريث وحتى التوقف نهائيا في مسيرتها او التراجع عنها مؤقتا ان تمكنت من جانب اخر .

من اهم العوامل التي تفرض نفسها في بروز المشاكل والخلل، هي انعدام الخبرات المطلوبة وعدم هضم كل جديد بسهولة ان كان يناقض سابقه او ينفيه او يجاريه حتى، اضافة الى المؤثرات الروحية والاخلاقية التي تجذرت في كيان وطبيعة وتركيب شعوب المنطقة، مما تفرض على الجهات كافة ان تعتقد كليا بانها تحتاج دائما لمنقذ ما، سواء كان غيبيا ومن صنع الذات او يُخلق ذاتيا ضمن المجموعة القيادية المعتبرة او كاريزما ما، ويُزود ويُتصف بصفات وخصائص ومميزات مبالغة فيها، بحيث تصل احيانا لحد التأليه، وهذا ما يفرض انبتاق الدكتاتوريات في اكثر الازمان وكل منها على شاكلة وطريقة معينة معتمدة على ركائز ممختلفة عقيدية او ايديولوجية او دينية بحتة كانت ام عسكرية او قبائلية، في المجتمعات المتسمة بهذه الصفات .

مهما كانت تركيبة الاحزاب والتكتلات وعقائدهم ومناهجهم من اليمين الى اليسار، فانها تحاول ان تسيٌر امورها التنظيمة وتحقيق اهدافها وتؤدي مهامها مستندة على عظمة قائدها وهي تستمد منها قوة ازاحة التحديات وايجاد الحلول للمشاكل وتتبنى الاحترام والتقدير التي تبديها للصفة التي تلصقها بالقائد او الشخص الاول وان لم يستحقها، محاولة نشر الدعايات المؤدية لتحقيق هذا الهدف دون الالتفات الى السلبيات التي تحدثها هذه العملية في النهاية،اي خلق عظمة من الفراغ، واولها خلق الدكتاتوريات على حساب الاهداف العامة والاستراتيجيات الهامة . وتنجح هذه العملية اكثر شيء في الاوساط التي لا تتسم بنسبة مقبولة من الوعي والثقافة العامة، وللاسف الوسط الموجود في منطقتنا يساهم في نجاح هذه المهام بشكل فعال .

لو اعدنا النظر بسرعة في مسيرة التنظيمات، نلاحظ تكرار تلك الاخطاء في العديد من المراحل الزمنية المتعاقبة دون الاعتبار او اخذ الدروس من التاريخ . لذا، بعد التغيير الحاصل والوصول الى مرحلة انتقالية ومن ثم انبثاق ارضية لبروز الدكتاتوريات والانفراد في السلطة والحكم وتقليص دائرة الحكم تدريجيا لحين تتجمع كافة الصلاحيات في حزب او فئة او حلقة او شخص واحد، وهكذا، فلم نلمس خلال التغييرات بروز ما يرينا التمسك بالاستراتيجيات التي تنتظرها الشعوب، بل نتاكد من ان الاجيال المتعاقبة تذيق المرارة ذاتها وانما باشكال والوان مختلفة بينما تكون الحياة العامة مستقرة في وحل التخلف .

ما يدعم هذه الطريقة ويثبت كافة الاحزاب والمناهج والتوجهات عليها عند التطبيق هو الجانب السيكولوجي الذي يتمتع بها الانسان الشرقي على الاكثر المستند على مركز قوة ما، سواء خلق نفسه بنفسه من قبل المقربين او ماهو غيبي المكان والتركيب ويعود اليه الصانعون عند الضرورة اثناء المحن والتحديات والمشاكل من اجل تقوية الذات ولصالح استمرارالعملية وتحمل الصعوبات ومهما كانت غطائاته وتحت اية شعائر كانت ومن اجل ان يمد ذاته وتركيبته الاجتماعية او السياسية طاقة وقوة للاستمرار وازاحة التحديات، هذا ان لم تكن التركيبات معتمدة على المؤسساتية والقاعدة العلمية، وكانت الاشخاص معتمدة على العقلانية وبعيدة عن التفكير في الغيبية والمستندة على العلمانية والركائز الواقعية الحقيقية. هنا يتباهى المتورطون معتقدين بانهم ينجحون وينتجون بالطرق الغيبية التي لم تثبت اصحية توجهاتهم على الارض لحد اليوم .

و عليه، يمكن ان نتيقن باننا نعيش في مرحلة وواقع ومجتمع يتسم بوعي عام وثقافة يدعنا ان نخاف التكرار مما حصل في التاريخ من الماسي والويلات باي شكل كانت، طالمنا كنا غائصين في قعر العراقيل المكبحة لاي تقدم من اية ناحية كانت وفي مقدمتها الجانب الاجتماعي السياسي المتاثر بكل ما يخص التقدم العام، بعد تطوير البنى الفوقية لحياة الانسان . هذا ما يفرض علينا ان ننتظر ونعتمد خطوات التقدم الاجتماعي وفق الخصائص العلمية التي تمنع الدوران في الحلقة المفرغة وتزيل الموانع وتواجه التحديات وتتمسك بتحقيق الاستراتيجيات بشكل صحيح وليس حل المشاكل على حسابها، وهذا ما يتطلب وقتا وجهدا من قبل الجميع .

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2020 السبت 04 / 02 / 2012)

 

في المثقف اليوم