أقلام حرة

بين القبول والرفض .. مســـــافة تفكير / إشـراف شيـرازي

ق .. تتجاوز بها الحدود القصوى للأمان .. لكنها كلمة كغيرها غير واثقة .. قد تصيب مرة و تخطئ مرات

 "نعم": .. هي كلمة لا تملك حيال الأشياء سوى الانصياع دون مناقشة .. تسير عادة على ما درجت عليه واعتادته و تتجنب الصدام

 "لا" .. كلمة لا تولد بلا سبب ولا سند وإلا كانت مجرد عناد وتلكؤ .. ومحض رفض يمارس غروره ..

"لا": .. كلمة تنسف وتقزم .. وتلغي وتشطب .. و تشاغب .. وتناور .. محاولةً إثارة الانتباه فتكون مجرد مفردة مقلقة للآخر .. وتضعه في القيد وتنزله في مأزق محرج لا أقل .. فلا تثمر ولا تجدي ولا تشارك .. تتبنى مواقف معطلة .. معثرة .. فتجبر الطرف المقابل على المقاومة في مواجهة شديدة التعقيد .. فالتفاوض .. ثم تدفعه لسلك منحى آخر بديل .. أو تستوقفة على الأقل لبرهة .. لتطوير آدائه .. كفاصلة جريئة أو كنقطة صارمة بين الكلمة والكلمة أو بين جملة وأخرى مفيدة ..

"لا": ذات الوجهين: أولهما قد تكرس الجمود والإنغلاق وتفرط في كل مختلف جديد تهمل الاحتمال وتدير الظهر له

"لا": .. في وجهها الآخر المضيء .. هي حريـة يجب أن نعرف كيف نتصرف بها أو معها .. متى نمارس قوتها ومتى نتركها على الجنب ولا نبالي .. .اللاء: .. ليست محض جُرءة وبسالة غير اعتيادية .. بل تحمل في داخلها قوة هائلة للتطوير .. لا تقف أمام المحاذير .. تقلص مساحة الخضوع إلى الرأي الآخر .. تقفز مسافات فوق الخطوط الحمراء وتتجاوز الحواجز بوثبة واسعة .. من الحكمة ألا تبالغ .. وتكون واعية لحسابات الربح والخسارة .. والنجاح والفشل .. ولا تستخدم في غير محلها كحق (الفيتو) .. حتى لا تكون ظالمة ولا ترتمي في محيط اللاءات العميقة دون طوق نجاة .. ولاتقع في قبضةِ تهورها وفريسةً لزهوِ عنادها

 

اللاء: .. ذراع قوية قد تقتلع ما غرسته الثوابت القديمة لعقود ودهور تلك التي كانت تظن ألا آخر لها .. أجبرتها صاغرة لأن تستجيب للعصر وللتغيير وللحركة وللإيقاع السريع .. ولإعادة الهيكلة والترتيب ووضع الأولويات والنقاط فوق الحروف مجدداهكذا الانسان مذ حبوه الأول .. ومنذ أول وقوف شبه مستقيم وأول خطوة متعثرة وفكرة وسؤال محيِّر .. كان ولا يزال بحاجة دائمة إلى الإختيار والتجريب .. تتعاقب عليه اللاءات بالــــــ (نعم) بالجملة كتصارع القوى .. مع تداول الصواب والخطأ .. في صيغ غير تقليدية جديرة بالمحاولة والتجريب .. تظهر في مخاض غير عادي وبحركة دائبة لا تنقطع .. تجري نواتجها في شرايين الأحداث بلا هوادة ..

 الكلمتان توأم ولدا معا في نفس اللحظة أحيانا .. تتوقف قيمتهما على من يقولها وعلى أسبابها و أهدافها .. والمصداقية الكاملة تبقى منطقة نفوذها.غالبا ما تضعنا مشيئة الظروف غير المشفقة في مفترق الطرق .. أمام عبء اختيار غير رحيم بين بدائل عديدة العناوين .. أحلاها مرٌّ .. و أيسرها عسير .. باهضة الثمن .. ضبابية النتائج .. في يقين غير مستقر على حال .. يداهمه التآكل أمام تشتت الآراء وكثرة التشكيك

فإذا قلت "نعم" .. فاعلم أنك في الغالب شخصية مرنة مسالمة أو مجاملا أوتهرول نحو مصالحك .. و إن قلت( لا ) فأنت شخص قوي عنيد مجدد رافض مغامر لا ترضى بالقليل .. قد تخطئ و قد تصيب. هذه ليست قاعدة وليس تخمينا لكنها .. فكرة راودتني في حمى مناسبتها بالعرض و بالطول أطلقت سراحها أخيرا على السطور

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2020 السبت 04 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم