أقلام حرة

هل يستحق الشعب الكوردي دولته المستقلة؟ / عماد علي

التي لا يمكن انكارها بلمحة بصر، ونتكلم بصراحة واخوة وبما تمليه علينا ثقافتنا الانسانية وما تفرضه القوانين والمواثيق الدولية حيال الحقوق المشروعة لشعب يعترف بها المنصفون ممن لهم العلاقة بالموضوع المطروح في كل زمان ومكان . ويجب ان نناقش ما يهم مسالة تاريخية حساسة وفق خلفية تقدمية عصرية تؤمن في صميم ماهيتها بضمان حقوق الاخر وعدم الغائه والدفاع عن ما يؤمن به، وابداء الاراء والمواقف بشكل يجب ان يعتبر ما حدث  للشعب المظلوم ويجب العمل على طريقة وتوجه، بما يمكن ضمان كرامته وحريته، واحترام الراي الاخر استنادا على حرية الراي وحفظ شخصية وكرامة الاخر والحفاظ على اموره الشخصية والعامة .

اي ندخل من باب توفر لنا مقومات حرية التعبير وباساليب وافكار ديموقراطية حقيقية واضحة المعالم ولا لبس فيها، ويجب ان لا نجادل ونحن مسلحون بقرارات واراء وافكار معلبة مسبقة تفرض علينا النهي عن ما يمكن ان يكون حقيقيا حتى، عندئذ يمكن ان ندخل في متاهات ولا نخرج الا بعذاب الضمير عند المراجعة. اي يجب ان نفصح عما لدينا بعيدا عن الايديولوجيات والعقائد والافكار الضيقة التي يفرضها تاريخ المنطقة الطويل الغارق فيها على افراد الشعب، وما تم من قسمة وتوزيع غير منصف ولائق لمكونات الشعب وفق تصنيفات ودرجات للمواطنة نتيجة البناء غير العادل، وبرز الى العلن والواقع من المكونات السائدة والمسيودة، وبه بنيت دول المنطقة المعتمد على المصالح المختلفة بعيدة المدى للدول الكبرى المستعمرة في حينه، والتي كانت ذات الصلة بانبثاق هذه الدول التي يمكن ان تسمى بناقصة السيادة لحد اليوم ومنذ تاسيسها، لانها لم تكن يوما مستقلة ومتماسكة المكونات .

بداية يجب ان نفكر بعمق مع انفسنا ونسال ذاتنا جميعا، هل يستحق الشعب الكوردي كغيره من شعوب المنطقة والعالم، التمتع بحقوقه الطبيعية وفي مقدمتها حق تقرير المصير لابناءه، هل لديه المقومات الاساسية اللازمة لبناء كيانه وهو ليس باقل من غيره ان لم يكن اكثر منه حجما ومساحة وتاريخا وجغرافية، وهل يضر المنطقة ام يفيدها ان تمتعت كوردستان بالسلم والامان وعاش باخوة وسلام مع شعوب المنطقة. وهل هناك من الارضية الواضحة والصريحة والثرية في منطقة الشرق الاوسط كلها لتتعايش القوميات في اطار دولة واحدة دون ان تكون هناك درجات للمواطنة في المدى المنظور، كي تتقاسم القوميات بنفس الحقوق والواجبات كي ينتفي حق مطالبة الدولة من قبل اي مكون كان، ام الدلائل كلها تشير الى ان وجوب الدولة الخاصة بالشعب الكوردستاني هو الحل لليوم والمستقبل .

عندئذ، يمكن ان ندخل في نقاش وتحليل عقلاني لما نقصده بعيدا عن ضيق الرؤيا والعقلية كما يتكلم به ويفكر به من طاف به الزمان والاحداث والصدف الى الواجهة، وهو يدلي بما لديه مستندا على القديم الجديد من العقلية الايديولوجية العقيدية الضيقة جدا، وليس لديه او لم يكتسب لحد الان ما يمكنه من ان يخرج من اطار عقليته الضيقة الافق  وتفكيره الذي سيطر عليه التوجه الواحد والحزب الواحد والفكر الواحد معبرا بمفاهبم وجمل وكلمات بالية والتي همشتها الايام واهملتها مقومات العصر الجديد وخصائصه .

شعب، بنيت الدول التي انقسم عليها دون ان يؤخذ برايه وانبثقت هذه البلدان على حسابه ومستقبل ابناءه قبل اي شيء اخر. شعب ضحى بكل ما يملك في تلك المراحل العجاف من اجل تحقيق اهدافه وامنياته وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره. شعب آمن بالانسانية ويمتلك من الصفات والسمات والاخلاق الحميدة التي تؤهله ان يمتلك ما يطمح اليه. شعب لم يعتد يوما على حقوق غيره رغم هضمهم لما يستحقه وهو يعيش على ارضه . شعب يمتلك من القدرةو الارادة لادار اموره ويمتلك من الثروات والممتلكات التي تمكنه ان يعيش ويكتفي بذاته، بل يمكن ان يساعد غيره. شعب يمتلك من الثقافة والتراث الغني وهو مولع بالجمال والحرية والصفات الحسنة . ألم يستحق ان يقف الجميع خلفه ويسانده في ميوله ويدافع عنه لنيل حقوقه التاريخية .

هذا من جانب دوافعه الذاتية والاسباب الموجبة لتوجهاته الصحيحة، وليس لاحد ان يقف حجر عثرة امامه الا من كان لا يزال يحلم بظلم الاخر وادارة البلاد على حساب حقوق الاخرين . ان هذا الشعب له القاعدة الفكرية الرصينة للتوقف عندها من اجل الوصول الى مبتغاه وما يستحقه، وله الحق في ازالة ما ظلمه التاريخ به ليبقى عنصر قوة وسلم وامان المنطقة  دائما. حجم الظلم والغدر الذي الحق به ليس له مثيل في المنطقة، وواجه عوامل واسباب الابادة بقوة وارادة صاحب الحق، وله القدرة على التقدم والتطور المنشود والتمتع بالمفاهيم العصرية الجديدة التي يمكن ان يصل بها لحد يمكن ان يساعد الاخر في مضامير مختلفة، والسنوات الاخيرة خير دليل على قدرته في هذا .

اما من الناحية السياسية، ان كانت المراحل السابقة من تاريخ المنطقة شهدت العديد من الحروب والهيجانات وكان القلق مسيطرا على نفوس المواطنين وعدم الامان فارضا نفسه والصراعات والخلافات باسطة لاجنحته الحادة على المنطقة بشكل كامل، كان للظم الذي فرض على الشعب الكوردي ومقاومته له سببا رئيسيا لتلك الحالات والماسي والويلات، فان احقاق الحق وتحقيق الاهداف الاستراتيجية وتقرير المصير يزيح  الكثيرمن عوامل التحلف تاثيرا عن كاهل المنطقة كلها ويزيل تلك الافرازات السلبية الناجمة من الخلافات والحروب، وتحقيق اماني الشعب الكوردستاني يكون له ابعاده الايجابية لافراز ما يثبت السلم والامان والتعايش السلمي بين الشعوب وياتي بالتقدم للمطقة بشكل كلي .

لذا، على من يتطرق الى ما يؤمن به الشعب الكوردي، يجب ان يخرج من القشرة والايديولوجية الضيقة التي عمقتها الدكتاتورية في عقليتة، وعلى العديد من المهتمين قبل الولوج في مثل هذه المواضيع المصيرية الحساسة التي تهم الملايين من شعوب المنطقة ان يعيدوا النظر فيما هم ماضون اليه كما لم يتغير العراق . ويجب ان يستند الجميع على التاريخ والمستحقات ومفاهيم العصر المعتمدة المفيدة، واعادة الحقوق لاصحابها وليس الاستمرار على منهج الدكتاتورية باي طريقة او اسلوب كانت .

اما من الناحية الاقتصادية، فان السلام والامن يوفر كل ما يمكن ان يعتمد من المال والاقتصاد، وهذا يعود بالخير الى جميع الجهات ذات الصلة ولم تذهب كل تلك المصروفات التي بذرت من الحروب سدى بعد ضمان الامان . ويمكن ان يقترب الشعب من النسبة المرضية من المساواة والعدالة الاجتماعية  . والا فالتاريخ يمكن ان يعيد نفسه على الجميع ولم يستفد من كل ما مر الا المصلحيون في المنطقة والعالم . وعليه يجب ان يفكر الجميع عند الكلام عن ما يمس مصير الشعوب بمسؤلية، ويحترم الدماء التي سالت من اجل تحقيق تلك الاهداف المهضومة .  والشعب الكوردي ينال ما يناضل منذ العقود من اجله، وينعكس بخير وسلام على المنطقة كلها، والواقع والعصر الجديد وما يتميز به يدلنا على ان  المخططات العنصرية وما تفرضه المصالح المختلفة للمنتفعين على حساب الشعب الكوردي ستفشل بلا ريب . 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2022 الأثنين 06 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم