أقلام حرة

الحكومات الخفية داخل البيت الابيض / جاسم محمد

عبر اداراتها الجمهورية والديمقراطية وتقاسمت النجاح والفشل وابرز تلك الاسماء (الن دالاس) مؤسسس وكالة الاستخبارات المركزية، سي اي اية عام 1947 في عهد الرئيس (هاري ترومان) لكن كثيرا ما يتم الخلط بين وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الامن القومي او وزارة الامن القومي، الاخيرة تم استحداثها في اعقاب الحادي عشر من سبتمبر 2011 .

 الولايات المتحدة هي الاكثر هوسا بامنها القومي بتعدد وكالاتها الاستخبارية وحجم ميزانيتها ورغم اهمية وكالة مكافحة الارهاب بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر تبقى وكالة الاستخبارات المركزية هي صاحبة الرأي لصناع القرار داخل الادارة الاميركية ويعتبرها المعنييون بانها غربال مجموع الوكالات الاستخبارية وتنفرد بتقاريرها في مكاتب البيت الابيض .

 

عمل الوكالة المركزية

لقد تعدد الرؤساء على هذه الوكالة لكن مازالت بصمات مؤسسها (الن دلاس) و( كيسي) في عهد الرئيس ريغان واضحة في تاريخ هذه الوكالة وعملياتها المغطاة ابرزها (ايران كونترا) خلال عهد (رونالد ريغان) عام 1985 . الوكالة هي المعنية بعمليات التجسس الخارجي ومكافحة التجسس . ان مفهوم مكافحة التجسس يعني داخليا لكن هنالك عدد من الوكالات والدول تنقل جهاز مكافحتها خارج اراضيها بعيدا عن التقاطع مع الخدمة الخارجية لحماية اقلياتها ومصالحها وتتمتع الوكالة المركزية بعدد كبير من المحطات الشرعية وغير الشرعية خارج اراضيها وتصل احيانا الى التمثيل الرسمي عند بعض الدول ذات العلاقة الرفيعة المستوى .

ان اساس العمل الاستخباري في اي وكالة يقوم على اساس دعامتين اساسيتين هما مكافحة التجسس والخدمة الخارجية وماتاتي بعدهما من مديريات تكون مديريات داعمة لهما ابرزها مديرية جمع وتحليل المعلومات التي تكون عادة تحت سيطرة جهاز بشري يتمتع بكفاءة عالية ويحلل المعلومات ضمن منهج والية تبدا بالخبر والاشارة ثم مجموعة عمليات تحقق وفحص استخباري بالوسائل البشرية والفنية لتنتهي بنتيجة صحة الاشارة من عدمها .

وكالة لمخابرات المركزية هي العمود الفقري لكل الوكالات وتعتمد على التجسس البشري الذي لايمكن الاستغناء عنه رغم توفر تقارير ناسا والمسح الجوي ، فما يقوم به العميل داخل وكالة الاستخبارات المركزية لايمكن الاستغناء عنه مهما تعددت الوسائل الفنية والتقنية .

 

حرب الوكالة المركزية مع ادارة بوش

كانت وكالة المخابرات المركزية مختلفة مع ادارة بوش والصقور حول امتلاك العراق لللاسلحة الكيمياويه بل شهدت حربا مع الادارة، اثر سلبا على مهنيتها حين تعمدت ادارة بوش وبالتحدبد مكتب نائبة ديك تشيني بتسريب معلومات حول فاليرا جو ولسن، مدير عمليات في السي اي ايه ومسؤلة ملف اسلحة الدمار الشامل في العراق، من اجل فبركة الحرب على العراق عام 2003 . فاليرا هي زوجة جو ولسن القائم باعمل السفارة الاميركية ببغداد حتى عام 1990 وقد اوكلت الوكالة جو ولسن مهمة التحقق من خبر توقيع العراق صفقة اليورانيوم مع نايجريا واثبت عدم صحتها وادلى بذلك الى الواشنطن بوست والى وسائل الاعلام وقد حصل المدعي العام باتريك فيتزجيرالد دلائل وشواهد تثبت تورط اربع شخصيات من كبار البيت الابيض في هذه القضية، وقد اختتمت فاليري وزوجها جو ولسن بالتعليق الى الواشنطن بوست عام 2003 بالقول:" انه تكتيك مافيا" واعتبار ذلك خيانه من ادارة بوش للامن القومي الاميركي، وقد نشرت تفاصيل اكثر في روايتها التي تحولت الى فلم روائي بعنوان" Fair Game " .

 

اصلاحات الوكالة

شهدت الوكالة المركزية اهتماما كبيرا خلال ادارة اوباما وشهدت اصلاحات وحركة تنقل كبار مسؤوليها بعد ان شهدت تراجع في زمن ادارة بوش، وممكن اعتبار اصلاحات اوباما للوكالة الاستخبارية وتعديل صلاحيات مكافحة الارهاب بانها حجر الزاوية لسياسة اوباما لتتحول من سياسة عامة الى ستراتيجية اميركية تعتمد الجهد الاستخباري وتقليص التواجد العسكري والميزانية.

ان الية عمل الوكالات الاستخبارية منظمة وتعمل ضمن نسق وصلاحيات لا تقاطع مع بعضها وخاصة مابين الوكالة المركزية ووكالة الامن القومي حيث الاخيرة تقوم على عمل استشعار الخطر والتهديدات التي ممكن ان يعرض الامن القومي للخطر ليمتد مساحة نشاطها الى خارج الاراضي الاميركية، فما تجمعه من معلومات وانشطة في الخارج يكاد يكون محدد في تهديدات الامن القومي بعيدا عن انشطة الوكالة الاستخبارية التجسسية التقليدية .

اما وكالة مكافحة الارهاب فبالتاكيد عملها يتركز على جمع المعلومات حول الارهاب في العالم داخل وخارج اراضيها وطبيعة عمل وكالة مكافحة الارهاب يختلف تماما عن عمل وكالة المخابرات المركزية في الاهداف وجمع المعلومات والية تنفيذها ولايمكن تعميم نجاح شبكة العملاء في الوكلة المركزية على مكافحة الارهاب وبالعكس .

وتعتمد مكافحة الارهاب في الغالب على اسلوب الضربات الاستباقية العسكرية والتحقيق والتحري الذي ياخذ الطابع التعرضي اكثر من الجهد الوقائي الدفاعي وهي اقل اهتماما ودقة من عمل وكالة المخابرات المركزية لذلك تكون الوكالة هي المسؤولة عن استلام تقارير الوكالات الاستخبارية ومنها وكالة الامن القومي ومكافحة الارهاب رغم عدم اشرافها عليها اداريا فهي بالضبط تقوم بمهمة غربلة المعلومات والتقارير من جميع الوكالات الاستخبارية لتقدمها لصانعي القرار داخل الادارة الاميركية والبيت الابيض.

 

اخفاقات الوكالة المركزية

واجهت الوكالة المركزية اخفاقات عديدة في تاريخها وخاصة خلال الازمات والحروب، ابرزها عام 1961 ازمة خليج الخنازير /كوبا وفي حرب الخليج الاولى عام 1990 عندما اعترفت الوكالة لاحقا بعدم توفر معلومات كافية عن العراق وفضيحتها بضرب معمل حليب الاطفال في ابو غريب التي كانت تعتبره معمل لانتاج الاسلحة الكيمياوية وتناولتها انذاك تقارير مراسل السي ان ان بيتر ارنيت وكذلك عام 2003 باخفاقها بالتحقق من امتلاك العراق اسلحة الدمار الشامل .

كانت هنالك اخفاقات للوكالة المركزية كشفت حالة الضعف فقد كتبت صحيفة التايمز البريطانية نقلا عن ضباط سابقين في ال سي اي اية قولهم إن المخابرات الأمريكية فشلت بجمع معلومات بشأن محاولة تفجير طائرة فوق مدينة ديترويت الأمريكية إلي جانب عملية التفجير الانتحاري في أفغانستان نفذها خليل أبوهمام / البلوي .

 وفي تقرير لوكالة رويتر في العاشر من ديسمبر 2011 ذكر بان حزب الله اللبناني كشف النقاب عن الهيكل التنظيمي للمخابرات المركزية في لبنان وبالاسماء والتواريخ والية العمل واهداف التجنيد واضافت

بان مسؤولون اميركيون اعتبروا ذلك انتكاسة للوكالة .

 

كاتب في قضايا الارهاب والاستخبار

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2024 الاربعاء 08 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم