أقلام حرة

(خارطة طريق) بنكهة عراقية / حافظ آل بشارة

الاجتماع الاخير حضرته جميع السلطات السياسية والمكونات الوطنية، لكن استخدام تعبير (خارطة الطريق) يعكر المزاج ويترك انطباعات قاتمة، لأن اول من استخدم هذا التعبير هم  الفلسطينيون في صراعهم مع اسرائيل، المصطلح تكرر لديهم كثيرا لكن حتى الآن ورغم مضي اكثر من ستة عقود على احتلال فلسطين لا اسرائيل انسحبت ولا فلسطين تحررت ولا حل الدولتين نفذ، ايحاءات مماثلة تتشكل حول معنى (خارطة الطريق) بنسختها العراقية، خاصة عندما نستعرض النقاط الاربع التي اكد عليها اجتماع الرئيس مع كبار القوم، النقطة الاولى اكدت ان الجميع يقفون ضد الارهابيين ولم تشر الى الارهاب ايضا كمبدأ وكوسيلة للتعامل مع الآخر، فقد ذكروا الاداة ونسوا المبدأ الخطير، اين ذهب المطالبون باطلاق سراح ارهابيين ملفاتهم محسومة ؟ كما اشار البيان الرئاسي الى ضرورة احترام الدستور واعتباره مرجعا لحل الخلافات، ولم يشر البيان الى ان بعض المشاركين في العملية السياسية يستهزئون بالدستور علنا ويعدونه ضعيفا وفقيرا ومتناقضا، ولحد هذه اللحظة لم يغيروا رأيهم به فكيف سيعدونه مرجعية لحل الخلافات وهو عندهم عرضة للطعن والتأويل والتعديل ؟ أما النقطة الرابعة فقد اشارت الى تمثيل جميع المكونات في العملية السياسية وكأن هناك مكونا لم يتم تمثيله، المفروض ان حكاية المكونات تتلاشى تدريجيا في بلد يسعى الى بناء تجربة ديمقراطية حقيقية، قضية المكونات وتسييسها اختلقها اشخاص للوصول الى اهدافهم او لاعتقادهم جهلا ان مشكلة الظلم والفقر والتخلف تحل بتمثيل المكونات ولكن التجربة منذ 2003 اثبتت خطأ التصور وخطأ الحل المفترض، أما الاشارة الى القضاء وكونه سلطة مستقلة فهو مجرد افتراض لان كثيرا من حاضري هذا الاجتماع في مجالسهم الخاصة يغمزون القضاء ويعدونه غير مستقل، وكلما انفعل أحدهم نادى في الاعلام علانية انه وجماعته لا يثقون بالقضاء العراقي، وعندما رفض السيد طارق الهاشمي محاكمته في بغداد لعدم ثقته بالقضاء ايده حشد من اعضاء كتلته ! ... يجب مباركة هذه الاجتماعات والتفاؤل بها، لكن منذ بدأ هذا النوع من الاجتماعات الشاملة وحتى الآن لم تسهم أي منها في حلحلة أزمة او تجاوز مشكلة،  وكانت المجاملات والشعارات تطغى على اجواءها ثم تظهر بقوة في بيانها الختامي، الأفضل ان يعبر كل طرف عن اعتراضاته ومخاوفه ومطالبه بوضوح وشجاعة وعدم ابقاء الاتفاقات سطحية وملغومة، نتمنى ان لا يكون هذا الاجتماع  نسخة مكررة مما سبقه من اجتماعات القمة العراقية، كانت دائما قمة حاشدة ومزدحمة ولكن بسبب التباين الجذري بين ظاهرها وباطنها تتحول الى مجرد عزيمة موسعة، طعامها لذيذ المذاق وبيانها باهت، العراق بحاجة الى تفاهم فاصل وليس عزيمة .

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2024الاربعاء 08 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم