أقلام حرة

السعودية المكروهة من الأعداء والحلفاء / مصطفى الأدهم

رئيس المخابرات في حينه، اللواء عمر سليمان. والشريط الذي سجل في مصر، أثناء زيارة القذافي لها، يبدو أنه سجل بشكل سري وفي مقر اقامة القذافي، وهذا ما يستشف من سياق الحديث. (1).

 

المفاجأة في حديث القذافي - سليمان ، أنه أظهر كرها مصريا - مباركيا للنظام السعودي، ومشاطرة القذافي ذلك الكره المعروف عنه لآل سعود. بل أن سليمان أسهب في شرحه لذلك الكره المصري - المباركي للسعودية، واصفا اياها بالمتامرة والتي تريد الوقيعة بين مصر و "ليبيا القائد" !! كما لم يوفر أمريكا من سهامه - رغم استغراب القذافي من طرحه، في شقه الأمريكي.

 

حديث سليمان، لا ثالث له من الإحتمالات، أما أنه يساير القذافي أو أنه يوافقه من حيث المبدأ ويختلف معه في الوسيلة. وما يرجح صحة الأخير، هو أن سليمان شاطر القذافي في عداء السعودية نظاما متخلفا "لن يدوم إلى الأبد"، لكنه وان وافق القذافي في الشق الأمريكي من حيث المبدأ إلا أنه خالفه في الشكل واسلوب التعاطي معها، معددا الأسباب.

 

أهمية هذا الشريط ليست في تسريبه فقط. لكنها تكمن في مضمونه المفاجأة، والتي جاءت على لسان مسؤول مصري لا ينطق إلا وفق الأجندة المباركية الحاكمة آنذاك. هذا المسؤول هو عمر سليمان، رئيس المخابرات، الذي كان مكلفا بعدة ملفات خارجية معقدة وله قربه من رأس هرم النظام، بالإضافة إلى موقعه في المؤسسة العسكرية التي ورثت الحكم فيما بعد، وخرج الأخير مثل الشعرة من عجين مبارك.

 نذكر جيدا أن سليمان، كان مسؤولا بدلا عن الخارجية المصرية بملفات قطاع غزة - حماس، والمصالحة الفلسطينية، وعملية السلام، وجنوب السودان بالإضافة إلى ما يطرأ من تكيلف ملحق. 

عليه، فأن يد الرجل كانت منغمسة في الشأن الخارجي المباركي الذي كان فيما يبدو ظاهرا حليفا "استراتيجيا" لنظام آل سعود، و"سمنة على العسل" معهم بشكل متماهي في السياسة الإقليمية والدولية، وشكلا معا رافعة لما بات يعرف ب "عرب الإعتدال" أو "محور الإعتدال".

لذلك، رفضت السعودية محاكمة واعدام "حليفها" مبارك، ناهيك عن فتور التعاطي مع بداية الثورة المصرية!

 

لكن، هذا التحالف الظاهر لم يمنع فيما يبدو الكره المصري تجاه السعودية وسياستها مع الخوف من لدغاتها، وهو ما يشرحه سليمان بوضوح لمحاوره.

الحوار بين سليمان والقذفي، يذكرنا بالحوار بين الأخير وبين رئيس وزراء قطر، وزير خارجيتها، حمد جاسم جبر آل ثاني، والذي سرب هو الأخر من مكتبة "صوتيات" القذافي. الذي أشار فيه آل ثاني إلى كره بلاده للسعودية التي وصفها بالمتامرة أيضا، وشاطر هو الأخر القذافي كرهه لآل سعود، و"شاطر" سليمان بعدم "أبدية" نظام آل سعود. (2).

 

الفرق الوحيد بين حوار القذافي - آل ثاني و القذافي - سليمان، كان المفاجأة التي شكلها الأخير مقارنة بالأول، حيث العداء القطري - السعودي معروف، والعداء الليبي - القذافي - السعودي معروف هو الأخر. كما هو العداء المصري - الشعبي تجاه آل سعود، لكن أن يكون العداء مباركيا تجاه السعودية فأنها مفاجأة من العيار الثقيل وصفعة مدوية بوجه السعودية تثبت لنا الحقيقة التي طالما ذكرناها من أن السعودية / آل سعود عبارة عن نظام مكروه، متخلف، ظلامي ومتامر.. يسايره البعض خوفا من البرميل والتكفير والتفجير.. المثلث الإرهابي الذي يقوم عليه نظام آل سعود (البرميل وما يمثله من مال واعمال وحكم وعلاقات)، والتكفير؛ السيف الساند لنظام آل سعود، بيد آل الشيخ (الحركة الوهابية وما تمثله من ارهاب للمخالف لها وللنظام واشاعة الرجعية والبدعة والتخلف)، والتفجير ثالث الأضلاع؛ الذي يمثل السلاح النوعي بيد كل من آل سعود و آل الشيخ، يضربان به كل خصم لنظام القرون الوسطى.. وما تنظيم "القاعدة" - الأم، وفروعه، والإرهابي أسامة بن لادن، والظواهري، والزرقاوي، و"طالبان" - باكستان - أفغانستان، وحركة "الشباب" الصومالية، وأبو سياف و"بوكا حرام"، وجرائم التكفير والتفجير في العراق الجديد، إلا أدلة على الفعالية "النوعية" والإجرامية لسلاح السعودية - التكفير الذي يؤدي إلى التفجير، وكل ما ذكر من الإرهاب انشطر من أميبا الحركة الوهابية - السعودية.

 

كما لا يفوتنا هنا التذكير، بأن هذا الكره تجاه السعودية (نظام آل سعود - آل الشيخ الوهابي)، لم يقتصر على مصر مبارك، ولا قطر آل ثاني ولا جماهيرية القذافي، بل شمل الشعب اليمني الذي خرج بمظاهرات متلفزة منددا بالمبادرة "الخليجية" التي رعتها السعودية لإنقاذ حليفها علي عبدالله صالح ووأد ثورة "الشباب"، كما وأدت ثورة البحرين بعد احتلالها، كما هو تدخلها "الداميطائفي" في العراق الجديد، وما الإتهام الكويتي من نائب في البرلمان للسعودية بأنها وراء الأحداث الدامية التي حصلت في بلاده إلا دليل جديد يضاف على حقيقة تأمر السعودية وكرهها من قبل حلفائها وخصومها - شعوبا وحاكما على حد سواء، وهو الأمر الذي يشكل مفارقة نوعية في حد ذاته، أن تجتمع الشعوب مع الحكام سابقا ولاحقا على ذات الأمر - كره السعودية (نظاما). واتفاق الخصوم والحلفاء على ذات الكره، رغم الإختلاف الجوهري واحيانا الإستراتيجي..

 

خلاصة القول، أن نظام آل سعود - آل الشيخ، نظام مكروه من قبل شعبه أولا، وحلفائه ثانيا، ومن قبل خصومه ثالثا، لأنه نظام قمعي استبدادي طائفي متخلف، قائم على عبودية الصولجان وتحقير الإنسان (العقل)، عماده التكفير وذراعه التفجير، جوهره وهابي رجعي يبتدع محلا الحرام ومحرما الحلال في سبيل ديمومة الحلف بين أبناء سعود وأبناء عبدالوهاب، لنهب البلاد والعباد. ولولا البرميل، وما يمثله من بعد استراتيجي للاقتصاد الدولي وضمان آل سعود و آل الشيخ لمليونية تدفق هذا البرميل إلى زبائنه، لما تمكنوا من مقاومة الطبيعة حتى الساعة. 

لكن حقيقة آل سعود و آل الشيخ تزداد تكشفا يوما بعد يوم. واصبحوا حجر عثرة في طريق التغيير في الإقليم. ومصدر احراج لرعاتهم على المستوى الدولي. ناهيك عن حقيقة كونهم (الوهابية) مصدر قلق للإنسانية جمعاء. لا يمكن التغاضي عنه طويلا.

سنة الطبيعة لا بد أن تنتصر عاجلا ام أجلا في كنس الطغيان من بستان الإنسانية. 

 

ملاحظة لا بد منها: كل ما سبق أثبت حقيقة ثانوية هي فشل الدرع الوقائي السعودي الذي انفقت عليه الأخيرة ملايين البراميل والدولارات كما الريالات، على فضائيات، وقنوات، وراديوهات، ومؤسسات، وصحف، ومجلات، ومراكز أبحاث، واقلام، واصوات، وحتى منابر كانت وما زالت تعمل بكل اللغات واغلب العواصم من أجل تلميع صورة نظام القرون الوسطى الوهابي، وغض الطرف عنه، وحرف الأنظار إلى مناطق أخر. لكن، عملية طمس الحقيقة، وتشويه الحقيقة، وتزوير الحقيقة لم تعد تجدي نفعا كما في السابق. واسر الحقيقة في السعودية لا بد أن يفك بأرادة شعبية أو دولية.. اليوم أو غدا. والأخير لناظره قريب.  

 

مصطفى الأدهم 

08.02.2012

...............................

(1) حديث القذافي - سليمان 

http://www.youtube.com/watch?v=s9td0DqRimQ&feature=player_embedded

(2) حديث القذافي - آل ثاني 

http://www.youtube.com/watch?v=Mysz5wqLUrU&feature=related

 

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2027 السبت 11 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم