أقلام حرة

في السياسة الخارجية / مصطفى الأدهم

السياسة الخارجية تستند على ما يعرف بالعقيدة الخارجية، التي هي أقرب ما يكون إلى دستور (أجماع وطني) على الثوابت والمتحركات، والأفعال وردود الأفعال فيما يخص السياسة الخارجية للبلد، تبعا لمثلثها – الأهداف. المصالح. المباديء - الذي يعرف الثوابت والمتحركات، وعليه تحدد الأفعال وردود الإفعال. 

 

الأهداف، قسمان، بعيدة المدى وقريبة المدى. للوصول لها، توضع الخطط والتكيكتات المرحلية مع البدائل الموضوعة للطواريء، والنتيجة تكون الوصول للأهداف بعيدة المدى بعد اجتياز قريبة المدى. مع الأخذ بعين الإعتبار المستجد المهم الواجب التعامل معه، وفقا للمصالح أو المباديء.

المصالح؛ سياسية، اقتصادية، أمنية / عسكرية .. ألخ، وما يترب عليها؛ علاقات. صداقات. عداوات. وتحالفات.

والمباديء؛ أما أيدلوجية، أو قانونية ـ دولية أو مزيج منها.

 

في العراق الجديد، لا تعرف ما هي سياسته الخارجية، أو بالأحرى ما هي عقيدته للسياسة الخارجية، على الرغم من مرور 8 اعوام على النظام الديمقراطي. لا نسمع سوى أن سياسة العراق الخارجية قائمة على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والمطالبة بعدم التدخل في شؤون العراق الداخلية.

الواقع، يفند هذه المقولة.

أولا، أغلب دول الأقليم، والدول الكبرى، تتدخل في الشأن الداخلي العراقي ومن عدة بوابات. واشكال هذا التدخل وصلت إلى مديات دموية. والعراق بدوره له مواقف معلنة تفسر بحسب المعني، على أنها "تدخل في الشأن الداخلي". 

لكن، هذه الجملة "العراق لا يتدخل في الشأن الداخلي لاحد ولا يرضي من أحد أن يتدخل في شأنه الداخلي"، لا تصمد أمام النقد. فماذا لو أن العراق فعلا لم يتدخل في الشأن الداخلي لأية دولة، كيف أذن سيصل إلى اهدافه البعيدة والقصيرة المدى؟ وما هي مصالحه تجاه هذه الدول؟ هل هي متساوية مع الكل، ما يستوجب عدم تدخله في أي شأن لاية دولة؟ 

 

وماذا لو تقاطعت مصالحه مع عدم التدخل؟ أيهما يتقدم على الأخر، المصالح أم المباديء؟ - ولماذا؟ 

وماذا لو أن الدول وكما هو حاصل تتدخل في الشأن العراقي الداخلي، على الرغم من عدم تدخله في شأنها الداخلي - هل يبقى العراق مكتوف الإيدي؟ أم يلجأ إلى رد الفعل عوضا عن الغائب من الفعل؟

وكيف سيحقق العراق مصالحه المتعددة و المتنوعة؛ الأمنية، الإقتصادية والسياسية أن لم يكن له دور خارجي مؤثر أو على الأقل صوت مسموع، قائم على سياسته الخارجية وفقا لعقيدته الخارجية - المبنية على قرأته الأستراتيجية للعالم والإقليم لمدة زمنية معينة، تحدد وفقها الأولويات والثوابت والمتحركات وطريقة التعامل مع الأحداث المستجدة؟

اسئلة عديدة .. واجابات مفقودة.. للأسف.

 

العراق الجديد يعاني من نفوذ دول وتدخل أخرى. وعليه أن يجابه هذه التدخلات بفعل حقيقي وليس الإكتفاء بالأنكفاء وراء مبدأ عدم التدخل والمطالبة بالمثل.

في واقع السياسة لا تطبق المثاليات بالضرورة. لذلك، مطلوب وضع عقيدة خارجية لسياسية خارجية عراقية يقوم عليها دوره الأقليمي وربما الدولي. خصوصا ونحن على أبواب تزعمه للجامعة العربية للعام القادم.

 

مصطفى الأدهم

16.02.2012

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2032 الخميس 16 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم