أقلام حرة

دعك من العراق يا سميرة رجب / جمال الهنداوي

الكاتبة الصحفية والعضوة المعينة في مجلس الشورى البحريني على الحفاظ على تلك الوتيرة الثابتة من المجابهة الاقرب الى العناد لكل الآراء المعارضة والمناقضة لطروحاتها المبنية على الشيطنة المطلقة للآخر..ودفاعها الغريب من خلال البناء على نوايا مبطنة لجميع مناهضي سيدها-الحالي- وارتباطهم باجندات خارجية وتبنيهم لثقافة الانتقام الطائفي وجدالها حول اطلاع مبهم على تفاصيل ومعطيات وسماع وملاحظة دقيقة للحراك الشعبي في المملكة الصغيرة الغافية في حضن الخليج ودون ان تقدم معلومة واحدة يمكن الاستفادة اوالتثبت منها..

ورغم اننا قد نجد صعوبة في تفهم تقنيتها الاعلامية في التأكيد على ان البحرين-والبحرين بالذات- لا يحق لشعبها المطالبة الا بما يجود به الملك طوعا وان كل ما يتجاوز هذه الخطوط الصارمة التي ترسمها السيدة رجب هو نوع من الرجس او الخيانة او وساوس الشيطان..ولا فلسفتها في ان اي حراك شعبي في المنطقة تتحدد مشروعيته من خلال وجهة نظر النخب الحاكمة في الخليج..ولكن يجب الاعتراف بان مساحة كبيرة من الفضاء الاعلامي ملأت في الايام الاخيرة بصورة السيدة رجب وان الاثير قد ضج بصوتها الذي كان يتأرجح خفوتا وزعيقا حسب مواقف الاطراف الاخرى التي تكثف حضورها بسبب الاحداث الاخيرة في البحرين..

وكل هذا التماوت في الدفاع عن الاستبداد قد يكون مفهوما اذا وضعناه ضمن معطيات قد تتعلق بارتباطات الكاتبة المهنية والوظيفية ومتطلبات الولاء للجهات المنعمة..ولكننا لا يمكن لنا الا ابداء الاستغراب من ذلك الاصرار الاقرب الى الهوس لدى السيدة رجب في دس اسم العراق ونظامه السياسي فيما يصح او لا يصح من جملها اللاهثة الزاعقة وربط كل ما يجري في البحرين بالشر المستطير القادم من العراق..

قد نتفهم كلام السيدة الكاتبة التي فتحت في منزلها مجلس طويل من العزاء على روح سيدها–السابق-على انه تناغم او تسويق-او قد يكون تملقا رخيصا- لتصريحات وزير الخارجية البحريني التي حاول ان يصدر مشاكله واخفاقات نظامه السياسية الى الخارج..وقد نتعاطف–غير صادقين-مع الم السيدة التي تفتخر ببعثيتها ونعد ما تناثر من فيها كنوع من التنفيس عن الحنق الذي سببه عجزها عن الفعل –عدا العويل والنواح وشق الجيوب-تجاه منظر زعيمها المشنوق بيد الله والشعب والقضاء العراقي ..ولكننا لا نفهم ان تتمترس السيدة رجب خلف هذه المقولات وتحذر وتتوعد وترعد من انه لم يكن على العراقيين ممارسة العملية  الديمقراطية اصلا لعدم رضاها عن النتائج.

ان المبالغة في الاتكاء على الانتماء الطائفي للمحتجين والاعتماد على الخطاب الاعلامي الزائف الذي يضع البحرين كخط الدفاع الاخير تجاه عروبة الامة وهويتها العقائدية..وكذلك اعتبارالدعم السعودي وسكوت"الجزيرة"كمنتهيات على الشعب ان يلملم اوراقه من خلالها ويعود الى البيت طائعا مفسحا المجال والسعة والسنين للملك ومن والاه ليملأها هنودا وبنغالا وسيخا,كل هذا قد يكون اقرب الى السماجة منه الى ما تريد السيدة رجب تسويقه كمعطيات واقعية على الارض..والاهم بانه ليس من الحكمة ان تعتقد بان مثل هذه التقولات قد تجد لها صدى-خارج اروقة الحكم البحريني-وسط كل هذا التدافع الفكري والحقائق والصور والتقارير التي يزدحم بها الفضاء بالصوت والصورة والتي تشير الى تجذر المشكلة الامنية والسياسية في البحرين الى الحد الذي قد لا تقدم معه العاب الخفة الاعلامية اي حل ناجع..

ان اول الطريق نحو حل الاوضاع في البحرين هو في الاعتراف بحق المواطن في المشاركة السياسية وتحقيق المساواة العادلة بين افراد المجتمع..والاهم هو التأكيد على حق المواطنة ومشروعية المطالب الشعبية بغض النظر عن الانتماء الايديولوجي للجماهير التي تطالب بها..وان الاحتجاجات الشعبية على سياسة الاقصاء والتهميش والتجنيس السياسي مسألة داخلية صرف وليست عناصر في نزاع دولي بين البحرين وغيرها من الدول..

ان الازمة السياسية في البحرين-وفي جميع دول المنطقة- هي نتيجة لتقاطع الرؤى والمصالح بين انظمة مستبدة مسيطرة متحكمة تستأثر بالزرع والضرع والمقدرات مقابل شعوب تطالب بحقها في ما أفاء الله عليها من حقوق وحريات وثروات..وان المطالبة بدولة العدل والمساواة هو من صميم حقوق الشعب السياسية والدستورية ومما لا يمكن حجب نوره بغربال سميرة رجب..وان الخطاب الاعلامي المتقافز ما بين الشعارات العروبية والفتاوى الوهابية وتوزيع التهم بالعمالة والارتداد ذات اليمين وذات الشمال لا يمكن له ان يقدم خيارات حقيقية للخروج من الخانق السياسي الذي تعيشه البحرين وشعبها النبيل..وان كان وسيلة مناسبة للارتزاق من قبل المدافعين عن الفساد والانظمة القمعية المستبدة ووسيلة ناجعة للبعض في دفع فواتيرهم المتأخرة..

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2037 الثلاثاء 21 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم